وداعًا للفنان القدير لطفي لبيب.. المحارب الشجاع في الكتيبة 26

وداعًا للفنان القدير لطفي لبيب.. المحارب الشجاع في الكتيبة 26

علينا أن نعترف بأن العقل والوجدان المصرى أصابه التلوث السلفى منذ أن تحكم رجال الدين في تفاصيل حيوات الناس،

 والقصد من الدين هو طمأنة البشر ومنح النفوس الراحة والسلام، لكن منذ العام ١٩٤٥ اخترعت بريطانيا الاستعمارية أدوات دعائية استهدفت القضاء على البطل الجديد الاتحاد السوفييتي الذي دخر – هتلر . وقضى على خطره، ودفع حيوات الملايين من أبناء الشعب الروسي من أجل إنقاذ البشرية من خطر النازي، الذي استولى على أوروبا في فترة وجيزة، ولكن خوف بريطانيا الاستعمارية من المنتصر أو البطل الجديد – الاتحاد السوفييتي جعلها تشيع عنه كراهيته للأديان السماوية وعدائه لأهل العقائد، رغم أن لينين زعيم ومؤسس الاتحاد السوفييتى قال المسلمى روسيا إن من حقهم العبادة والصلاة والصوم بدون خوف، وعبد الناصر نفسه رحمه الله صلى الجمعة في جامع كبير في قلب موسكو في ستينيات القرن العشرين وله شريط سينمائي يظهر فيه داخل المسجد.

هذه مقدمة ضرورية لنعرف الدور الأمريكي الذي ورت الدور البريطاني الاستعماري و استخدم رجال الدين في قيادة الصراع السياسي في الشرق الأوسط للقضاء على الأفكار التي تدين إسرائيل وأمريكا الاستعمارية وهذه الثقافة العدوانية التي تفصل بين الناس بحجة اختلاف الدين هي صناعة أمريكية موروثة عن بريطانيا دفعت ثمنها مجتمعات الشرق الأوسط ومازالت تدفع ضريبة ثقافة الكراهية» التي أشاعتها أمريكا حتى اليوم، وكانت النتيجة أنه كلما مات فنان مسیحی مصری تحركت كتائب – الحثالة الإخوانية والسلفية – لتطلب عدم الترحم عليه لأنه «نصراني» وهذه الفكرة الإخوانية ذكرها ثروت الخرباوى – عن الإخوان الذين لديهم تعليمات واضحة بعدم الترحم على المسلمين من غير أعضاء الجماعة جماعة الحثالة الاجتماعية والفكرية والحقيقة التي يجهلها الجاهلون أن لطفي لبيب – كان فناناً وطنيا مثقفا، قضى في الخنادق ست سنوات مدافعا عن أرض وطنه مصر، وعاش مخلصا لوطنه وأهله، وبرع في رسم الشخصيات الدرامية في الأفلام والمسلسلات التي شارك فيها، وكان رفضه لتكريم السفارة الإسرائيلية له دليلاً قاطعاً على إيمانه بالقضية الفلسطينية ووفائه لدم شهدائنا الأبرار، وكنت محظوظا بمراجعتي لسيناريو . الكتيبة ٢٦ – الذي نشره لطفى لبيب في كتاب بعد أن فشل في العثور على جهة تموله، لكنه في السيناريو أظهر معادن الجنود والضباط على الجبهة، ونحن هنا نترحم على هذا الفنان الكبير الذي عاش مخلصاً لوطنه ومؤمنا بدور الفن في بناء الوجدان وأحبه الذين عرفوه واقتربوا منه رحمه الله بواسع رحمته وجعل مثواه الجنة.

مباراة فنية بين فريد شوقى وحسن حسين فى فيلم السقَّا مات

السقامات الرواية التي خلق منها – صلاح أبو سيف ومحسن زايد – هذا الجمال، هي من تأليف يوسف السباعي، ولكن التمثيل الذي جسد شخصيات الرواية وأسكنها فى أرواح وقلوب الجماهير، كان من نصيب الفنان الكبير فريد شوقى ومعه الفنان حسن حسين، الأول قدم شخصية شحاتة» والثاني قدم شخصية الشيخ سيد»، والاثنان يعملان في وظيفة مطيباتي جنازات والمجتمع كان يطلق على هؤلاء المطيباتية لقب «الأفندية» وهم ثمرة المجتمع المزدوج، له ظاهر وله باطن هو مجتمع مصر في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، وكان هذا المجتمع يقسم الناس حسب الثروة التي يملكونها، وكانت الألقاب والرتب تباع وتشترى ومنها «الأفندي البك الباشا.. والفقراء في المدن كانوا يموتون سرا وكانوا يعلنون عن الموت باستدعاء الأفنديات حتى يسيروا أمام النعوش فيمنحوا الموتى مهابة واحتراما، وفى الفيلم، قدم فريد شوقى شخصية شحاته المطيباتي – الذي عاش من عوائد مهنته المرتبطة بالموت والموتى، وقدم حسن حسين شخصية زميل له هو الشيخ سيد، ومظاهر المباراة الفنية بين – فريد شوقى وحسن حسین نراها في المشاهد التي جمعتهما، وكان الشيخ سيد هو قائد فرقة الأفندية، ومانح «الكيف» لراغبي الكيف من الأفندية، وكان هو الذي يقرض – شحاتة – كلما ضاق به الحال ونفدت فلوسه، وفي هذه المشاهد كان الشيخ سيد يضارع – شحاتة – ولا يقل عنه، والفنان حسن حسين ابتكر لهذه الشخصية لازمات وطريقة حركة وأسلوب في الكلام، حتى أصبح في حالة تعادل مع فريد شوقى – الذي هو نجم الترسو ووحش الشاشة وبطل عشرات الأفلام بل إن الشيخ سيد تمكن من اختراق وجدان الجمهور، وعاش كما عاش شحاتة أفندي» وعاش «السقا» – عزت العلايلي – والحقيقة التي يعرفها النقاد هي أن السيناريو» هو المحطة الأولى لنجاح الفيلم السينمائي، ومحسن زايد واحد من أهم كتاب السيناريو السينمائي والتليفزيوني في مصر والوطن العربي، فهم جوهر رواية السقا مات ورسم ملامح الشخصيات، فتمكن الممثلون من تجسيدها على الشاشة، ونحن في هذه الأيام نتذكر الفنانين الكبيرين فريد شوقى وحسن حسین فقد غادرا الدنيا في يوليو وأغسطس – رحمهما الله، وعاشت إبداعاتهما شاهدة على إخلاصهما لفن السينما.

لبنى عبد العزيز فتاة أحلام جيل الخمسينيات.. مازالت حُرّة

جيل ثورة يوليو هو الجيل الذي عاش في ظل النظام الملكي وحكم عائلة محمد على، وعاش محنة الاحتلال البريطاني، وقادة هذه الثورة هم الذين ولدوا في 1920 1919 1918 أعوام ومنهم جمال عبد الناصر وثروت عكاشة وإحسان عبد القدوس والثلاثة شاركوا في صنع حلم التحرر الوطني والوطن لا يتحرر بدون تحرير المرأة ومفهوم الحرية نفسه مفهوم ملتبس هل الحرية تعنى تحطيم القوانين والقواعد ومنح الفرد الرجل والمرأة – حق ارتكاب كل ما يحلو له من جرائم تحت مسفى الحرية؟ ولكن – إحسان عبد القدوس – ابن العائلة المصرية – اللبنانية، هو حاصل جمع ثقافة تقليدية وثقافة أوروبية، كانت والدته فنانة لها  حضورها على خشبة المسرحوكان والده مهندس طرق وفناناً عشق التمثيل، وكان جده لوالده شيخا أزهريا يعمل في القضاء الشرعي، فجاءت رؤيته لمفهوم الحرية حاملة هذه الخلطة الفكرية النفسية التقليدية الحداثية، فقدم لنا نموذج الفتاة الحرة في رواية «أنا حرة» التي أصبحت فيلما سينمائيا بالاسم ذاته وقامت ببطولته الفنانة لبنى عبد العزيز الفتاة التي تحررت من سيطرة العائلة عليها والتحقت بالشركة وأصبحت تمتلك الوظيفة والفلوس، لكنها لم تمتلك – الحرية – هي استبدلت سطوة العائلة بسطوة المال وصاحب المال والشركة ومواعيد العمل والمكسب والخسارة أصبحت مجرد آلة تعمل وفق ما تريده إدارة الشركة، لكن – إحسان عبد القدوس – طرح للحرية معنى آخر هو معنى الذوبان في الهم العام، والشأن العام والانغماس في القضية الوطنية، قضية تحرير الوطن، لأن حرية الفرد لا تكون حقيقة إلا في وطن خر يمتلك إرادته وقراره، وكانت . لبنى عبد العزيز هي الفتاة التي تعبر عن كل فتيات جيل الثورة الوطنية جيل الخمسينيات ونجحت في تقديم هذا النموذج فتاة أحلام شباب الطبقة المتوسطة آنذاك – وظلت عالقة في القلوب والأذهان، وقدمت تسعة عشر فيلماً، ثم هاجرت إلى أمريكا، وعادت مرة أخرى، وفى الأيام القليلة الماضية احتفلت بعيد ميلاها التسعين من مواليد أغسطس 1935 ومازالت خزة مؤمنة بحرية المرأة وحقها في الحياة الكريمة.