متحف قناة السويس في الإسماعيلية: استكشاف تاريخ الممر المائي العالمي

متحف قناة السويس في الإسماعيلية: استكشاف تاريخ الممر المائي العالمي

تم افتتاح متحف قناة السويس بالإسماعيلية رسميا في عام 2023 بعد ترميم دقيق، ويقع في مبنى فيلا ديليسبس التاريخية الذي شُيد عام 1862.

هذا المبنى، الذي كان المقر الإداري الرئيسي لشركة قناة السويس، يُعد تحفة معمارية بتراث فرنسي كلاسيكي، ويمتد على مساحة حوالي 10,000 متر مربع. وقد حافظت أعمال الترميم، التي استغرقت حوالي ثلاث سنوات وشاركت فيها جهات متعددة مثل وزارة الآثار وهندسة القاهرة والمقاولون العرب، على تفاصيله الأصلية مثل السلالم الخشبية والشبابيك والأبواب التي يعود عمرها لأكثر من قرن ونصف.

المتحف ليس مجرد مخزن للآثار، بل هو سرد متكامل ومفهوم لقصة القناة. وهو مقسم إلى سبعة محاور رئيسية تشبه فصول كتاب، تبدأ بالموقع الجغرافي، ثم مرحلة الحفر الأولى (السخرة)، فدخول الميكنة، والافتتاح الأول للقناة، والتطور العمراني لمدن القناة، وصولا إلى قرار التأميم التاريخي عام 1956، وقناة السويس الجديدة التي افتتحت في 2015.

يضم المتحف حوالي 2000 قطعة ووثيقة، لكل منها حكاية. ومن أبرز المعروضات:
عربة القطار الأثرية التي تذكر بأن مصر كانت ثاني دولة في العالم تدخل السكك الحديد بعد بريطانيا.
صالون الإمبراطورة أوجيني الذي جهزه الخديوي إسماعيل لاستقبالها وقت افتتاح القناة عام 1869.
أدوات العمال في الحفر كالمطارق والمقصات الضخمة وملابس العمال والمهندسين.
تمثال ديليسبس والعربات الملكية الخاصة بالافتتاح.
وثائق ومقتنيات قرار التأميم التاريخي للقناة في 1956.

يولي المتحف اهتماما خاصا للدور المحوري للعامل المصري البسيط الذي حفر القناة، خاصة خلال فترة السخرة والمعاناة، حيث تُعرض أدوات الحفر البدائي وظروف العمل القاسية لتسليط الضوء على التضحيات الكبيرة لهؤلاء العمال.

كما يؤكد المتحف على رسالة محورية مفادها أن فكرة ربط البحرين هي فكرة مصرية أصيلة تعود لآلاف السنين، أي قبل ديليسبس والقرن التاسع عشر بكثير.

يُعتبر متحف قناة السويس شاهدا حيا على مشروع ضخم وتاريخ مستمر، يمزج بين الطموح الهندسي والمعاناة الإنسانية والتحولات السياسية الكبرى التي شكلت تاريخ مصر الحديث وأثرت على العالم.