ترامب يؤسس لاقتصاد جديد عبر تغيير الواقع الاقتصادي

ترامب يؤسس لاقتصاد جديد عبر تغيير الواقع الاقتصادي

صفقات ترامب ترسم واقعا تجاريا جديدا.. مع بدء العد التنازلي بدأت خطط الطريق تتكشف شيئا فشئ.. سياسات ترامب غيرت قواعد اللعبة إذ حولت الدفة من تسارع الدول نحو إزالة الحواجز التجارية عبر رسوم صفرية إلى بناء الحواجز ليصبح إقرار رسوم بواقع 10 % الحد الأدنى لعبور السلع.

ترامب أعلن عن اتفاق مع اليابان يفرض رسوماً جمركية بنسبة 15% على واردات بلاده من طوكيو، بما في ذلك السيارات، التي تُشكّل بفارق واسع أبرز مكوّن في العجز التجاري بين البلدين.

واشنطن أبرمت كذلك اتفاقا منفصلا مع الفلبين لتحديد رسوم بنسبة 19%، وهي النسبة ذاتها التي وافقت عليها إندونيسيا، وأقل بنقطة مئوية واحدة من الحد الأدنى للرسوم في فيتنام البالغ 20%، ما يشير إلى أن غالبية دول جنوب شرق آسيا ستخضع على الأرجح لرسوم جمركية مقاربة.

بعد أن أصبحت نسبة 10% بمثابة المستوى الصفري الجديد، أضحت نسب 15% أو 20% لا تبدو سيئة إذا كانت تنطبق على الجميع.. كما أن تلك النسب لا تزال تتيح للشركات الأمريكية تحقيق أرباح من الاستيراد من الخارج، مقارنة بإنتاج السلع نفسها على الأراضي الأمريكية.

تفاعل الأسواق مع تلك التفاهمات يعكس استيعابها أو ربما تقبلها لنظام تجاري عالمي جديد.. المستثمرون تفاعلوا بإيجابية مع اتفاق واشنطن وطوكيو إذ سجلت الأسهم الآسيوية أكبر ارتفاع لها في شهر وقاد مصنعو السيارات الدفة نظرا لما تتمع به سيارات اليابان من حصة مهمة في السوق الأمريكية.

بلومبرج نقلت عن كبير الاقتصاديين في بنك التنمية الآسيوي، ألبرت بارك، إن أسواق الأسهم لا تزال متفائلة إلى حد ما تجاه هذه التغييرات وأعرب شكه في انها استوعبت بالكامل الآثار المحتملة للاضطرابات الناجمة عن زيادة الرسوم الجمركية.

في أبريل الماضي، أوقف ترمب مؤقتا فرض الرسوم الجمركية الأكثر ارتفاعا بعد أن أظهرت مؤشرات السوق التي شملت تراجع الأسهم والسندات والدولار الأمريكي، قلق المستثمرين من قراراته الحمائية التصعيدية وهو ما منح صناع السياسات في طوكيو ومانيلا ومناطق أخرى حول العالم وقتا إضافيا للتفاوض على صفقات أكثر قبولا.

وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، قال إنه سيلتقي مسؤولين صينيين في ستوكهولم الأسبوع المقبل، وذلك في إطار الجولة الثالثة من المحادثات الرامية إلى تمديد الهدنة الجمركية وتوسيع نطاق المفاوضات في إشارة إلى استمرار استقرار العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، بعدما خففت الولايات المتحدة مؤخرا القيود المفروضة على الرقائق الإلكترونية، واستأنفت الصين صادراتها من المعادن النادرة.

لا تزال الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تواجه أعلى متوسط للرسوم الجمركية في المنطقة، فيما يرجح أن يدفع استمرار الضغط من البيت الأبيض على طموحاتها التكنولوجية والتجارية، الشركات إلى البحث عن مزيد من الاستقرار في مناطق أخرى.. وتحذر الشركات واتحادات الصناعات منذ أشهر من أن حالة عدم اليقين تمثّل عائقا أكبر أمام الاستثمار مقارنة بالرسوم الجمركية نفسها.

ورغم أن الصفقات الأخيرة تخفف من حدة المشكلة، إلا أن تساؤلات محورية لا تزال مطروحة فلا تزال إدارة ترامب تدرس فرض رسوم جمركية على بعض القطاعات مثل أشباه الموصلات والأدوية، وهي منتجات بالغة الأهمية لاقتصادات آسيوية من بينها تايوان والهند، وهما دولتان لم تعلنا بعد عن التوصل إلى اتفاقات جمركية مع الولايات المتحدة.