Resilience of the Land’s Inhabitants Exposes Israeli Lies in the Iranian War

Resilience of the Land’s Inhabitants Exposes Israeli Lies in the Iranian War

المستوطنون هربوا من صواريخ طهران وأهالى غزة تمسكوا بأرضهم رغم القتل والتجويع
الدكتور مصطفى كامل السيد: الإسرائيليون يتهمون حكومتهم بالكذب وعدم قدرتها على تحقيق عودة الأمان
الدكتور جمال سلامة: الكيان الإسرائيلى بدأ يتحدث عن الهروب الكبير للمستوطنين رغم المساعدات الأمريكية والإنجليزية

كانت حرب الـ12 يومًا بين إيران وإسرائيل كاشفة لمشاهد عديدة تستحق التأمل، ما بين قدرات كلا الكيانين وحقيقة ما يروجانهم عن نفسيهما مقارنة بأوضاعهما على الأرض، والأهم أنها قدمت صورة حقيقية تكشف عن صلابة أصحاب الأرض فى أزمات أوطانهم.. مقابل سيناريو الهروب الكبير الذى ينفذه القادمين من الشتات تحت وطأة المغريات والتسهيلات بحثًا عن حياة أفضل داخل كيان يعيش على جثث أصحاب الأرض.

الفارق كبير بين صمود الفلسطينيين فى مواجهة آلة الحرب الصهيونية الغادرة، وبين مستوطنين يحملون جنسيات وجوازات سفر يحتمون بها ليتمكنوا من الهروب فى أوقات الأزمات.

هذا ما دفعنا للبحث عن دلائل حرب الـ 12 يوما، وما تحمله من دروس وقراءة وفق مختصين نستعرض معهم ما جرى.. وتأثيره على قادم الأيام.

يقول الدكتور هشام مراد أستاذ العلوم السياسية: لا شك أن الكثيرين حول العالم قد تابعوا تطورات الحرب الإسرائيلية الإيرانية، والتى تضمنت العديد من النقاط المفاجئة للبعض، والبداية من عند الإيرانيين أنفسهم، الذين بوغتوا بالضربات الإسرائيلية، حيث كانت الخدعة تقتضى ذلك بعد الحديث عن مفاوضات وهمية بشأن النووى الإيراني، وتوالت المفاجآت بعد كشف حقيقة جيش الاحتلال الذى لم يكن ليقتل ويدمر سوى أهل غزة المدنيين، فنرى قبته الحديدية تنزلق أمام صواريخ وأسلحة عادية مقارنة بالترسانة الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا بشكل كامل، وهو ما كشف أن جيش الاحتلال يقهر بسهولة، صحيح أنه جيش قوى لكنه ليس بالصورة التى يصدرها إعلامه، بدليل استغاثته علنا طالبا للدعم الأمريكي، فالمعروف أن الجيش الإسرائيلى لا يستطيع ممارسة الحروب الطويلة إذ يهتز اقتصاده بشكل عنيف مبكرًا نظرًا لقلة تعدادهم السكانى، وأن الجيش الإسرائيلى يعتمد على قوات الاحتياط بنسبة كبيرة جدا، ولكن ما حدث من اغتيالات دقيقة لقيادات إيرانية لا يؤكد فقد أن إيران كانت مخترقة، بل يؤكد على أن العقلية الحمساوية والفلسطينية بشكل عام لديها خبرة فى التعامل مع جيش الاحتلال، بدليل أن حماس استطاعت أن تحارب وتخفى الأسرى.. وغير ذلك من مشاهد أرى أنها قد تغير مفاهيم اللعبة فى قادم الأيام، أما فيما يتعلق بحالة الفزع الإسرائيلى من الصواريخ الإيرانية، فهنا لا مجال للمقارنة مع صلابة وصمود الشعب الفلسطينى الذى حارب بالحجارة وأفزع إسرائيل فى طوفان الأقصى، وها هو يسطر ملاحم الصمود مع استمرار القصف على المدنيين، ومحاولات تمرير مشروع التهجير، والفارق واضح بين الشعب الفلسطينى صاحب الأرض الذى يمتلك الهوية ولا يعرف ولا يرضى بديلا عن هذا الوطن، بينما إذا نظرنا إلى الشعب الإسرائيلى فهو جمع من الشتات، ومن كل البلاد، لذلك نجد معظم سكان إسرائيل يحملون جنسيات أخرى بجانب الإسرائيلية، وغالبيتهم من أصول بولندية وروسية وأفريقية ولاتينية، وهم قدموا إلى الأرض المحتلة لما لها عندهم من فكر دينى، بالإضافة إلى المساعدات والتسهيلات التى تقدمها الدولة لهم.. حتى يبقوا فى إسرائيل، لذا فنحن نقارن بين شعب يهرب من تلك الأرض برغم الدعم الذى يلقاه.. وشعب آخر يصمد برغم الدمار الذى شاهدناه.

أما الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيقول: “القراءة الأولية للمشهد الإسرائيلى الإيرانى لفت نظر العالم كله.. فى العديد من الاتجاهات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية.. وبالطبع عسكرية، وربما أيضا على مستويات نفسية وإنسانية، فالكثيرين قد ربطوا بين مشاهد الفزع الإسرائيلى من الصواريخ الإيرانية.. وهروبهم للملاجئ، وبين أهل غزة التى ابرزت قضيتهم على الجانب الإنسانى، لنرى أن البعض حول العالم لم يصدقوا الآلة الإعلامية الإسرائيلية هذه المرة، حتى أن الكثير من الشعب الإسرائيلى بدأ فى الحديث عن سياسة حكومته وكذب وعود الأمان وغيرها، ومن الطبيعى أن نجد أى مدنى أو عسكرى يهرع إلى الملاجئ وقت القصف، ولكن الأمر هنا قد أتى على هوى الكثيرين، وعلى المستوى العسكرى تأكد للجميع أن إسرائيل دولة هشة ولا تحتمل اوزار الحرب الطويلة، كما أنها دولة اعتمادية عسكريا من الدرجة الأولى، حيث المعلومات والاستخبارات إما أمريكية مباشرة أو عن طريق أقمار صناعية وأجهزة تجسس ومعدات عسكرية وذخيرة أمريكية، وبرغم ذلك فالقبة الحديدية كانت صدأة، ولم تعمل بالكفاءة المطلوبة، كما أنه من المعروف أن جيش الاحتلال لديه أسلحة أمريكية متطورة، ولكنه لا يمتلك قدرات النفس الطويل خلال الحروب لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية صعبة على هذا الكيان قليل التعداد السكانى، وإسرائيل لا تستطيع دخول حرب حقيقية مع جيش نظامى إلا فى حال ضمان الدعم الأمريكى المستمر، وحتى عندما حققت ضرباتها ضد إيران أهدافها بدقة، فهذا يعود للمساعدات الاستخبارية الأمريكية التى تعد لها الدولتان منذ فترة، وبهدوء وخداع كبيرين أذهلا الايرانيين أنفسهم، وهو ما يعنى أيضا أن إيران كانت مخترقة بشكل كبير، وللمقارنة هنا بين حرب جيش الاحتلال مع إيران وكذلك حربه ضد أهل غزة وفلسطين يؤكد أن العقيدة الفلسطينية هى بالفعل أكثر ادراكا للعدو، ويعرفون التعامل معه واستنزافه برغم ضعف القدرات وتضييق الخناق على حماس، وتصفية قياداتهم، وهذا الإدراك الفلسطينى للعقلية الإسرائيلية هو ما جعل المفاجآت فى طوفان الأقصى قوية، ولم تكن متوقعة من جانب جيش الاحتلال، والمقارنة بين شعب صامد فى أرضه عاشق لها يكتسب قوته من قضيته برغم سياسات التجويع والقتل التى تمارس عليه، وبين شعب آخر يملك رفاهية الخروج أو الهروب ولا يحمل فى قلبه هوية حقيقية، إذ أنه ولد وعاش فى دول مختلفة غير أنه غير متجذر فى تلك الأرض ولم يكن ليأتى إليها لولا أحلام التجمع من الشتات والوعود والتسهيلات الحكومية لهم.

ويضيف الدكتور مصطفى كامل السيد أن إسرائيل تهدف فى الوقت الحالى لتحقيق مخطط التهجير، وكانت تتخذ من الوجود الحمساوى ذريعة لذلك داخل القطاع، وهنا سؤال يؤكد مخطط التهجير سواء فى وجود حماس أو عدمه، وهو أن الضفة الغربية لا تقع تحت السيادة الحمساوية أو أن وجود حماس هناك وعلاقاتها ضعيفة.. فلماذا يهدم جيش الاحتلال المنازل فى الضفة وكامل فلسطين، حيث تم هدم أربعة آلاف منزل خلال الفترة الأخيرة بحسب الإعلام العبري، وللأسف فإن الأرض التى تحتلها إسرائيل يصبح من الصعوبة فى الوقت الحالى التفاوض عليها.. مثل الأجزاء الكبيرة من الجنوب اللبنانى، وكذلك فى الأراضى السورية.

وفى سياق متصل، يقول الدكتور جمال سلامة الخبير والمحلل السياسى: لدينا دولة تم تجميع شعبها قبل أقل من مائة عام.. على فترات كان فيها هذا الكيان يغرى اليهود ليذهبوا إليه من الشتات، بالمساعدات سواء الانجليزية أو الأمريكية، فهنا المقارنة تكون صعبة حتى من وجهة نظر اجتماعية مع الشعب الفلسطينى المتجذر والمتمسك بأرضه، وهيهات بين عقيدة تجعل أصحابها يضحون بأنفسهم وذويهم من أجل أرض اجدادهم، وبين من يعلم أن والده فرنسى أو أمريكى، وأنه لايزال يحمل تلك الجنسية ويستطيع المغادرة فى أى وقت، وهو ما جعل مصطلح الهجرة العكسية يعود من جديد، فبعد أن كانت الهجرة فى الماضى القريب من الشتات إلى أرض الميعاد، أصبح الوضع الحالى معكوسا فيما اطلق عليه البعض مصطلح الهروب الكبير، وإسرائيل كيان غير قادر على حماية نفسه بدون الدعم الأمريكى والغربى منذ ولادته، وللأسف بفضل هذا الدعم استطاعت القضاء على قيادات حمساوية كثيرة، كما عاثت فساد فى كامل فلسطين والجنوب اللبنانى الذى توغلت فيه بحجة حزب الله وتأمين العمق الإسرائيلي، وكذلك الأمر فى سوريا، فبعد أن كانت أجزاء من مرتفعات الجولان أصبحت كامل الجولان، وعلى بعد حوالى ٢٠ كيلو من ريف دمشق، مستغلة ضعف تلك الأنظمة فى الوقت الحالى، وأعتقد أن تلك الأرض لن تعود فى المستقبل القريب، بل استطاع الكيان أن يحصل عليها فى غفلة من الزمن بعد حروب طوفان الأقصى، وإسرائيل تتبع سياسة النفس الطويل للحصول على المزيد من الأرض، فهى لم تهاجم دول الجوار إلا فى توقيت تدرك فيه ضعف الخصوم بالنسبة لها، وهى أيضا تحاول تمرير مشروعها الأهم، وهو التهجير، وتنتظر لحظة ضعف من الدولة المصرية، وهو ما لن يحدث بإذن الله، خاصة مع ادراك القيادة السياسية.. وكذلك عقيدة الجيش المصرى وادراكه للموقف، وبقراءة المشهد بين حرب الكيان مع إيران وأيضا مع حماس وقدرة إسرائيل على ضرب اهدافها فى إيران بدقة كبيرة.. وعدم قدرتها على فعل ذلك مع حماس بنفس الوضع حتى وان نجحت فى استهداف قيادات حمساوية، إلا انها ليست على نفس القوة والدقة التى فعلتها مع إيران، وهو ما يبرز السؤال الأهم.. وهو.. هل تتخذ إسرائيل من حماس شماعة لاستمرار الحرب أم أنها لا تقوى على انهاءها تماما وبنفس الدقة التى فعلتها مع إيران؟ والإجابة هنا أنه قبل الطوفان كانت إسرائيل تريد الابقاء على حماس شريطة إضعافها، لتظل هى الذريعة، وكذلك اتباع سياسة فرق تسد، فهى ترى فى وجود حماس مصلحة للتفريق بين الشعب الفلسطينى وفصائله، وأعتقد أن رؤية الكيان لحماس قد تغيرت بعد الطوفان، إذ أصبح القضاء عليها نهائيا أو على الأقل اضعافها تماما هو الهدف الحالى لاستكمال مشروعها الأهم.. وهو تهجير الشعب الفلسطينى.