الإيجار القديم: توازن بين مصالح الملاك وقلق المستأجرين

خطوة تشريعية طال انتظارها أثارت حالة كبيرة من الجدل بعد موافقة مجلس النواب بشكل نهائي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض الأحكام المتعلقة بقانون الإيجارت القديمة وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروف باسم “قانون الإيجار القديم”.
ممارسة ديمقراطية رفيعة المستوى لنواب الشعب.. سبقها جدل واسع استمر لعدة أشهر حول مصير عقود الإيجار القديمة، وحقوق كل من الملاك والمستأجرين، وسط مطالبات بإعادة التوازن للعلاقة الإيجارية الممتدة لعقود.
ومابين مؤيد ومعارض.. مستفيد ومتضرر.. تباينت وجهات النظر حول القانون وسط انقسام حاد بين المؤيدين الذين يعتبرون القانون خطوة نحو تصحيح أوضاع عقارية مجحفة بحق الملاك، ومعارضين يرون فيه تهديدا لاستقرار مئات الآلاف من الأسر المستأجرة منذ عقود.
وفيما يرى البعض أن القانون قد يكون خطوة لازمة لإصلاح تشوهات مزمنة في سوق الإيجارات مؤكدين أنه من غير المنطقي أن يظل المالك محروما من الاستفادة الحقيقية من ممتلكاته لعشرات السنين، في حين أن هناك وحدات عقارية تؤجر بمبالغ زهيدة لا تتناسب إطلاقا مع قيمتها السوقية اليوم.
وفي المقابل، يرى البعض الآخر أنه يجب أن ينظر القانون برؤية إنسانية أيضا.. فليس من العدل طرد مسن تجاوز السبعين من منزله دون توفير بديل مناسب له وهو ماحاول القانون أن يتلاشاه ويبتعد عنه.
* القانون الجديد وتنظيم العلاقة
ينظم القانون الجديد العلاقة بين المؤجر والمستأجر سواء للأغراض السكنية أو غير السكنية، كما ينص على زيادات تدريجية في قيمة الإيجار، وتحديد مدد زمنية لتحرير العلاقة الإيجارية مع التأكيد على توفير سكن بديل للفئات المستحقة.
القانون الجديد تصفه الحكومة بأنه”يعيد للمؤجرين حقوقهم ويحفظ للمستأجرين حقهم في المسكن المناسب ويفعل العقد شريعة المتعاقدين”.
الحكومة تؤكد أن مشروع قانون الإيجار القديم يهدف لتحقيق المصلحة العامة، كما أن الدولة لن تسمح بترك أي مواطن بلا مأوى.
* معلومات أساسية
1- تحريك الإيجار شهريا بقيمة 250 جنيها
تنص المادة الرابعة على أن الأجرة الشهرية تبدأ بـ250 جنيها لحين انتهاء لجان الحصر، مع التزام المستأجر بسداد الفروق المستحقة بعد تحديد القيمة الإيجارية وفق تصنيف المنطقة.
2- تحرير العلاقة الإيجارية خلال 7 سنوات للسكني و5 لغير السكني
تحدد المادة الثانية أن عقود السكن تنتهي بعد 7 سنوات من تاريخ العمل بالقانون، بينما تنتهي العقود غير السكنية بعد 5 سنوات، إلا إذا تم التراضي على الإنهاء قبل ذلك.
3- توفير سكن بديل للمستأجرين الأصليين
بموجب المادة الثامنة، يحق للمستأجر الأصلي أو من امتد إليه العقد الحصول على وحدة بديلة من الدولة إيجارا أو تمليكا، وتعطى الأولوية للفئات الأولى بالرعاية.
4- تشكيل لجان حصر لتقييم المناطق
تنص المادة الثالثة على تشكيل لجان في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى (متميزة- متوسطة- اقتصادية) وفق معايير تشمل الموقع والخدمات والبنية التحتية، وتنتهي من عملها خلال 3 أشهر.
5- زيادة القيمة الإيجارية وفقا لتصنيف المنطقة
المناطق المتميزة: 20 ضعف القيمة الحالية (حد أدنى 1000 جنيه).
المناطق المتوسطة: 10 أضعاف (حد أدنى 400 جنيه).
المناطق الاقتصادية: 10 أضعاف (حد أدنى 250 جنيها).
6- زيادة سنوية في الإيجار بنسبة 15%
بحسب المادة السادسة، يتم تطبيق زيادة دورية سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية المحددة، بعد بدء تنفيذ أحكام القانون.
7- حالات الإخلاء الفوري
يحق للمالك طلب طرد المستأجر في حالتين:
إذا تركت الوحدة مغلقة لمدة تزيد على سنة دون مبرر.
إذا امتلك المستأجر أو من امتد إليه العقد وحدة صالحة لنفس الغرض.
8- أولوية في تخصيص الوحدات الحكومية
يتم منح أولوية في تخصيص وحدات الدولة لمن يتقدم بطلب مرفق بإقرار إخلاء الوحدة القديمة، وخاصة المستأجر الأصلي وأسرته، وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية.
9- إلغاء القوانين القديمة بعد 7 سنوات
تنص المادة التاسعة على إلغاء القوانين المنظمة السابقة مثل القانون رقم 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 بعد مرور 7 سنوات من تطبيق القانون الجديد، كما يلغى كل ما يخالف أحكامه.
* في جلسة تاريخية.. إنهاء قضية مجتمعية كبيرة
بيان صادر عن وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي أكد أن مجلس النواب أسدل الستار على مشروع قانون بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في جلسة تاريخية، شهدت إنهاء قضية مجتمعية كبيرة استمرت عشرات السنوات.
وأضاف البيان أن جلسة مجلس النواب التاريخية شهدت ممارسة ديمقراطية رفيعة المستوى، حيث أدلى كل بدلوه، واختلف واتفق النواب والحكومة في الآراء والتفاصيل بأرضية وطنية خالصة، وبنوايا تتفق جميعها في ابتغاء المصلحة العامة وإن اختلفت في الرؤى والأطروحات، حتى انتهت إلى التصويت بالموافقة النهائية على مشروع القانون المقدم من الحكومة في هذا الشأن.
بعد تقديم الحكومة كل الضمانات الكافية لتطبيق القانون دون الإضرار بأحد، وبعد ضمانها عدم إخلاء المستأجر الأصلي وزوجه للوحدة قبل توفير وحدة بديلة، بعام كامل من بدء تطبيق القانون بعد 7 سنوات، لتنتهي إلى الأبد قضية مجتمعية كبيرة بين المواطنين وبعضهم، بعدما وجدت الدولة نفسها ملزمة بالحل ولا يمكنها غض الطرف عن القضية، فضلا عن التزامها بتطبيق حكم المحكمة الدستورية في هذا الشأن.
المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أكد انفتاح الحكومة على كافة الآراء التي استمعت إليها خلال جلسات الاستماع التي عقدها مجلس النواب لمناقشة هذه القضية، معدلة مشروع القانون المقدم منها بزيادة الفترة الانتقالية لتحرير العلاقة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى لتكون سبع سنوات بدلا من خمس سنوات، وكذا أحقية المستأجرين في الحصول على بديل سكني من الوحدات التي تقوم الدولة بإنشائها.
* تعديل المادة الثامنة يقدم الضمانات الكافية
كما أشار الوزير إلى أنه في ضوء المناقشات التي تمت خلال الجلسات العامة بمجلس النواب، بجلستيه المنعقدتين يومي 30/6 و1/7/ 2025، فقد تقدمت الحكومة بمقترح تعديل المادة الثامنة من مشروع القانون المشار إليه يتضمن الالتزام بتوفير المسكن للمستأجر الأصلي وكذلك زوجه الذي امتد إليه العقد، قبل عام سابق على انقضاء المدة المحددة لإنهاء تلك العقود وذلك قبل عام – كحد أقصى – من انقضاء المدة المحددة بالمادة (2) من هذا القانون.”
وشدد وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، منذ اليوم الأول من المناقشات، على أن الحكومة لن تسمح بترك أي مواطن بلا مأوى، وأن الدولة التي استطاعت القضاء على العشوائيات، لن يعجزها حل إشكالية الآثار المترتبة على تشريعات الإيجار القديم.