البابا تواضروس الثاني يطفئ نار الفتنة الطائفية التي حاولت “الإخوان” إشعالها.

صاحب مقولة: «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»
أثبتت الأيام والمواقف أن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رجل على قدر المسئولية ووطنى مخلص غيور على بلده ،ويتمتع بخبرة وحنكة سياسية جعلته يستشرف المستقبل ؛فمنذ اللحظات الأولى لحكم الإخوان أدرك البابا تواضروس الثانى أن حكم الإخوان لن يستمر طويلا بسبب الفجوة التى أحدثها بين فئات الشعب والفتنة التى حاول إشعالها فى نسيج الوطن الواحد، والخطاب المبنى على الترهيب وإقصاء فئات من الشعب واستئثار جماعة معينة بالحكم؛ لذلك لفظهم المصريون وقاموا بثورة على حكمهم لاستعادة وطنهم.
وفى شهادته عن ثورة ٣٠ يونيو أكد البابا تواضروس الثانى أن ثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر بعد أن عاشت فى ظلام سنة كاملة هى مدة حكم الإخوان، وقد جاءت شهادة البابا لتؤكد على أن الأقباط والمسلمين نسيج واحد لهذا الوطن ولن ينسلخ الأقباط منه أبدا بل أنه فى أعتى الأزمات والمواقف المصيرية والتحديات التى تواجه البلاد سيقفون جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين مدافعين عن بلادهم.
لتكون ثورة ٣٠ يونيو تأكيدا للوحدة الوطنية وإعادة لمشهد التلاحم الوطنى ووقوف الهلال بجانب الصليب فى ثورة ١٩١٩.
لم يخش البابا تواضروس أن يقول كلمة حق ووقف كواحد من ملايين المصريين الرافضين لحكم الإخوان الذى ثبت فشله ولم يتراجع عن موقفه الوطنى مستشعرا الخطر المحدق فى ظل نشوب بعض الحوادث الطائفية التى كان يراها غريبة على المجتمع المصري، وكادت تحرقه، كما حدث فى الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية فى ٧ أبريل ٢٠١٣، واعتبرها جرس إنذار، فكان صوت العقل الذى أدرك خطورة المرحلة التى تمر بها البلاد والمصير الذى يريد الإخوان زج مصر إليه، وأكد مرارا أن الأقباط والمسلمين أبناء وطن واحد، وطالب المصريين ألا ينجرفوا خلف الأبواق التى تريد إشعال الصراع الداخلى وتصويره للعالم على أن بمصر فتنة طائفية، فكان يرى أن استعادة الوطن من حكم الإخوان يهون أمامه كل غالي، لأن الحفاظ على الوطن أهم، كانت حالة الغليان سببا لأن يتكلم مع فضيلة شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب وطلب منه الذهاب معه إلى الرئيس السابق محمد مرسي- وذلك يوم ١٨ يونيو ٢٠١٣ أى قبل اثنى عشر يوم من اندلاع ثورة ٣٠ يونيو – وبعد ساعتين من لقائنا به أكد بقوله: “خرجنا بانطباع أن الصورة غير واضحة وغير معروفة من الأصل، وأن هذه ليست طريقة لإدارة بلد بحجم مصر”.
وحين تعرضت بعض الكنائس لاستهداف من قبل عناصر من جماعة الإخوان، فقال تصريحه الشهير: “لو حرقوا الكنائس سنصلى مع إخوتنا فى المساجد ولو حرقوا المساجد سنصلى معا فى الشوارع، وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن”، وهى رسالة كان حريصا أن تصل لأعداء الوطن فى الداخل والمتربصين فى الخارج؛ فكان يدرك ما يحاك للوطن من مؤامرة تستهدف بنيته ودعامته الرئيسية القائمة على وحدة المسلمين والأقباط.
كان علم مصر ملهما للبابا تواضروس الثاني، فقد جسد صحوة المصريين وانتفاضتهم ضد حكم الإخوان الذين أرادوا سرقة الوطن – على حد وصفه – وخلال الأيام التى سبقت ثورة ٣٠ يونيو صرح البابا تواضروس الثانى أكد أنه لفت انتباهه أن المصريين كبار وشباب وأطفال يحملون علم مصر فى أيديهم أثناء زيارتهم له؛ وهو ما أسعده واعتبر أن هذه الصحوة جديدة ولم يشهدها المصريون منذ سنوات مضت، وأن هناك تحركًا شعبيًا يحرك الملايين سبقته حالة غليان فى الشوارع وضبابية فى كل شيء، وأن حكم مصر وإدارتها ليس بالطريقة التى كان يديرها بها الإخوان.
وفى كلمته التى جاءت فى يوم ٣ يوليو ٢٠١٣ قال البابا تواضروس: “إنه فى هذه اللحظات الفارقة فى تاريخ مصر، حيث اجتمعت كل العناصر الوطنية لوضع رؤية لمستقبل الوطن، دون إقصاء أو استثناء أحد، اجتمعنا جميعا تحت علم مصر، هذا العلم الذى يضمنا جميعا، وتأملت علم مصر وألوانه فوجدت أن اللون الأسود يعنى شعب وادى النيل وأرض النيل، وأن اللون الأبيض يقدم الشباب فى نقاء قلبه، واللون الأحمر يعلن عن تضحيات الشرطة ورجالها التى قدموها ويقدمونها على الدوام فى حماية الجبهة الداخلية، أما فى قلب العلم فهناك النسر الأصفر وهو الذى يعبر عن القوات المسلحة التى نراها هى صمام الأمان فى هذا الوطن، عاشت مصر ويحيا كل المصريين فى محبة وسلام، ينطلقون فى كل ميدان من أجل رفعة هذا الوطن”.
لطالما يؤكد البابا تواضروس فى تصريحاته أو مقالاته على حقيقة ثابتة يرددها دائما، وهى بمثابة رسالته للمصريين أقباطًا ومسلمين، ورسالة للأجيال الجديدة أيضا وشهادة يسجلها للتاريخ عن ثورة ٣٠ يونيو التى حققت معانى المواطنة والتنمية والعدالة أنه “على الرغم من التنوع الثقافى والاجتماعى والفكرى الكبير الذى يزخر به المجتمع المصرى، وهو تنوع يتسم بالتباين إلى حد التضاد فى بعض جوانبه، إلا أن المصريين وقتها اجتمعوا على حقيقة واحدة ألا وهى أن محاولات التغيير الجارية فى المجتمع، تمثل تعدياً واضحاً على هويتهم وإرثهم المتجذر فى وعيهم ووجدانهم، وهو ما دعاهم للخروج إلى الشوارع والميادين بطول مصر وعرضها يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ معلنين تمسكهم بهويتهم حماية لثوابتهم الراسخة؛ فثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر من مصير مظلم، نراه صار واقعاً حولنا شرقاً وغرباً وجنوباً، ذلك المصير الذى حمى المصريون بلدهم مصرَ منه، بتكاتفهم معاً مستندين على الدرع الواقى للوطن، وهو الجيش المصرى صاحب التاريخ ناصع البياض فى ساحات الوطنية”.