“البحث العلمي”: دراسة استراتيجيات التعاون بين مصر ودول البريكس

أصدرت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا دراسة استراتيجية رائدة بعنوان “استكشاف سيناريوهات مستقبلية لتعزيز التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار بين مصر ودول البريكس” وذلك بالتعاون مع نخبة من الباحثين المصريين والدوليين .
ونشرت الدراسة في مجلة Journal of Business and Management Sciences الدولية،المجلد 13 والعدد 3 لسنة 2025 في خطوة تعكس التوجه الوطني نحو دعم صناع القرار برؤى علمية تسهم في تعزيز مكانة مصر في النظام العالمي القائم على الابتكار والتكامل الدولي.
وتأتي الدراسة عقب انضمام مصر رسميا إلى تكتل “البريكس” في يناير 2024 الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا إلى جانب الأعضاء الجدد مصر والإمارات وإندونيسيا وإيران وإثيوبيا ويمثل هذا الانضمام تحولا استراتيجيا في مسار السياسة الاقتصادية والعلمية لمصر ويتماشى مع مستهدفات رؤية مصر 2030 في بناء اقتصاد معرفي تنافسي ومتنوع.
واستندت الدراسة إلى منهجية تحليل السيناريوهات المستقبلية لاستشراف فرص التعاون بين مصر ودول البريكس حتى عام 2040 من خلال تحليل ست مجموعات رئيسية من المحركات شملت السياسات الحكومية والاستثماروالبنية التحتية والقطاع الخاص والجوانب الجيوسياسية والتعليم والموارد البشرية إضافة إلى 32 محركا فرعيا وذلك في إطار تصور علمي دقيق لما يمكن أن تؤول إليه علاقات التعاون.
وطرحت الدراسة ثلاثة سيناريوهات مستقبلية رئيسية: أولها “المنطقة الخضراء – الشراكة الاستراتيجية” ويركز على بناء شراكات ممتدة بين مصر ودول البريكس في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والصناعات التحويلية عبر إنشاء مراكز أبحاث ومنح للتبادل العلمي, وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للابتكار.
أما السيناريو الثاني “تناغم البريكس – الاندماج الكامل”، فيرسم تصورا لمصر كجزء لا يتجزأ من البنية التكنولوجية لدول البريكس من خلال جذب استثمارات كبرى في صناعات مثل أشباه الموصلات وإنشاء “جامعة البريكس للتكنولوجيا المتقدمة” في القاهرة إلى جانب إصلاحات تشريعية متقدمة تمكن من الانخراط الكامل في سلاسل القيمة العالمية.
ويتناول السيناريو الثالث “المسار الضيق – الانخراط المحدود” تصورا أكثر تحفظا لعلاقات التعاون, تقتصر فيه مجالات التعاون على الشراكات القائمة بالفعل دون توسع في شبكات الابتكار أو بنية التعاون المؤسسي. وسلطت الدراسة الضوء على نماذج حية للتعاون القائم حاليا بين مصر ودول البريكس, من إطلاق القمر الصناعي “مصر سات 2” بالتعاون مع الصين, ومئات الأبحاث المشتركة المنشورة مع مؤسسات علمية في الهند والصين وفقا لبيانات منصة (opus) الدولية بما يعكس أرضية راسخة يمكن البناء عليها.
وفي ختام الدراسة، قدمت الأكاديمية حزمة توصيات استراتيجية لتعظيم استفادة مصر من عضوية البريكس,
تضمنت الدعوة إلى إنشاء مناطق صناعية تكنولوجية مشتركة في مجالات الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي, وتأسيس صناديق تمويل مشتركة لدعم الشركات الناشئة, وتطوير الأطر القانونية المنظمة للاستثمار وتبادل المعرفة وإطلاق برامج تبادل أكاديمي ومنح دراسية مع جامعات البريكس إلى جانب تعزيز البنية التحتية الرقمية وربطها بالبنية التكنولوجية التشاركية لدول المجموعة.
وأكدت الأكاديمية أن هذه الدراسة تأتي في إطار دورها المستمر في دعم متخذي القرار من خلال تقديم تحليلات علمية معمقة تستشرف المستقبل وتسهم في صياغة أولويات البحث والتطوير بما يواكب التحولات العالمية, ويعزز موقع مصر كدولة فاعلة في المنظومة الدولية الجديدة القائمة على المعرفة والتكامل والشراكات متعددة الأطراف.