نتائج جهود الحكومة لتلبية احتياجات المواطنين من اللحوم ومنتجات الألبان
بعد حديث الرئيس السيسى حول مشروعات الدولة لتأمين سلة الغذاء المصرية.. مؤكدًا أنه من أولوياتها توفير البروتين الحيوانى عبر المبادرات الحكومية التى أولتها وزارة الزراعة أهمية كبيرة، وبدأت قبل سنوات من خلال مشروعات منها البتلو والتحسين الوراثى للسلالات المحلية وغيرها من المبادرات.
البداية مع الدكتور حامد الأقنص رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ويقول: “لا شك أن الإرادة السياسية قد لعبت دورًا كبيرًا فى الاهتمام بالثروة الحيوانية، والذى بدأ قبل نحو عشرة أعوام من خلال العديد من المبادرات، وعلى رأسها مبادرة التحسين الوراثى وإحلال وتجديد السلالات واستبدال السلالات البلدية بسلالات أكثر انتاجا من حيث الألبان واللحوم، وفى العام ٢٠١٧ تحديدا وقت أن كنت مدير عام الإدارة العامة للتناسليات والتلقيح الصناعى، حيث اعتمدنا فى التحسين الوراثى على اربعة مهمات، وهى نقل الأجنة والتلقيح والتربية الداخلية والتغذية الخارجية، وبدأنا فى اختيار السلالات المستوردة، والتى راعينا فيها مدى ملائمتها لفكرة التلقيح الصناعى والمناخ.. وغير ذلك، لرفع كفاءة السلالات المحلية ودمجها مع تلك السلالات عالية القيمة الوراثية، وأصبح لدينا جيل من تلك السلالات الهجينة بعد عامين تقريبًا وتطور هذا الجيل ليصبح لدينا سلالات مصرية هجينة أكثر تطورًا وإنتاجًا ومقاومة للأمراض، وبعضها يعطى ما يزيد عن الـ ١٥ كيلو لبن بعد أن كانت السلالات المصرية لا تنتج سوى ربع هذه الكمية، والأمر أيضًا يتعلق بإنتاجها من اللحوم التى زادت نسبتها بشكل كبير، ولزيادة منتجاتنا من اللحوم الحمراء لم تكتفى الدولة ووزارة الزراعة بالنجاح فى تقديم تلك الهجن وتطويرها، بل انتقلنا لفكرة استيراد عجول عشار من سلالات أجنبية يمكنها إنتاج أضعاف تلك النسبة، لتصل نسبة إنتاج الألبان منها لما يزيد عن الأربعين كيلو، وبلغت نسبة إنتاجها من اللحوم ما يقارب الطن، ومن تلك السلالات الهولندى والألمانى والامريكى وهى “البيورلشتين” و”السمينتال” وكذلك “المونبليار”، وقد وفرت وزارة الزراعة ومديرياتها تلك السلالات من العجول العشار للفلاح المصرى بتسهيلات لا توجد فى أى مبادرات أخرى، وخاصة المبادرات البنكية بالاتفاق مع البنك التنمية والائتمان الزراعى بفائدة ٥%.
ويضيف “الأقنص” أنه مع بداية تلك المبادرات كان لدينا ١٨٠٠ وحدة بيطرية نصفها به امكانيات وأدوات التلقيح الصناعى وأنظمة التحسين الوراثى، ومع بداية تلك المبادرة قمنا بإدخال تلك الأنظمة للنصف الباقى من عدد الوحدات وهم ٩٠٠ وحدة، كما تم تدريب جميع الأطباء البيطريين للعمل على تلك الأنظمة، وتم توفير السائل النيتروجينى فى كل المديريات، وهو السائل الذى يتم من خلاله الاحتفاظ بالجينات الهجن و”استروهات” الماشية، ولا شك أن هناك تحولًا كبيرًا فى السلالات المحلية، ولكن لا يمكننا القول إن مشروع التحسين الوراثى قد اكتمل بنسبة مائة بالمائة، أما عجول العشار فقد بدأت المزارع الكبيرة فى الأخذ بأساليب التربية الحديثة، وأصبحت معظم قطعانها مستوردة، لتدر تلك القطعان ما يزيد على الأربعين كيلو من اللبن يوميًا، بالإضافة للحوم التى زادت أضعافًا كثيرة من حيث الإنتاج، وهى مزارع تسير وفق النظام العالمى، وتمتلك الخبرات التى تجعل منتجاتها تغرق السوق المصرية، ولكن لايزال هناك نسبة كبيرة من الفلاحين تتمسك بامتلاكها للسلالات المحلية، ونحن فى الوزارة نتمسك بسياسة النفس الطويل والإعلام الهادف بغرض تحويلهم من اقتناء السلالات المحلية لتلك السلالات العالمية التى أثبتت كفاءتها وقدرتها على الإنتاج الحيوانى بزيادة عشرة أضعاف، وأحيانًا كثر عن تلك المحلية.
الدكتور طارق سليمان رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، يقول: “قدمت الدولة مبادرات عدة لتوفير وسد الاحتياج المحلى من اللحوم الحمراء ومنتجاتها من الألبان، وذلك بمشروعات منها مبادرة البتلو، والتى كلفت الدولة ما يزيد على التسعة مليارات جنيه لما يقارب من ٤٥ ألف مستفيد من تلك المبادرة التى تعتمد على تربية البتلو لعدة أشهر.. بدلًا من ذبحها صغيرة، والإستفادة من فارق اللحوم للرأس الواحدة، ومساعدة الفلاح وإقراضه ما يحتاج لضمان نجاح تربيته للبتلوبفائدة قليلة، وبالحديث عن مشروع التحسين الوراثى، والذى بدأ قبل سنوات فقد توجهت الزراعة لتهجين السلالات المحلية مع أخرى مستوردة قادرة على ضخ إنتاج مضاعف، حتى أن السلالات المحلية خالصة الجينات الوراثية لم تعد موجودة كما كان، وكذلك فقد تبنت الدولة استقدام العجول العشار وتقديمها للفلاح من خلال مبادرات البنوك الزراعية لتربية تلك السلالات، والتى تقدم إنتاجًا مضاعفًا أضعافًا كبيرة عن تلك المحلية أو الهجينة، والتى بدأت المزارع الكبرى فى تربيتها واستخدام أنماط حديثة فى الرعاية البيطرية وتكاليف الإنتاج، للحصول على أكبر قدر من ألبانها ولحومها، ووصلت تلك المزارع لمستويات عالمية، لتقدم منتجاتها فى السوق المصرى والعربى، ونطمح فى أن يتحول الفلاح البسيط الذى يمتلك قطعان صغيرة أو رؤوس قليلة فى أن يتحول لمبادرة الإحلال والاستبدال للسلالات المحلية بتلك العالمية، والأمر هنا يتعلق بالثقافة والموروثات والخوف من التجديد، وإن كنت أكثر تفاؤلًا مع بداية الإقبال على مبادرات التحسين الوراثى والإحلال للسلالات العالمية، خاصة أن هناك من يرى بعضًا من جيرانه قد قاموا بتلك المبادرات ليشاهد بنفسه الفارق فى الإنتاج، مما يدفعه لدخول المبادرة، وأعتقد أن السنوات القليلة القادمة ستشهد تلك الصحوة مع رؤية الإنتاج الوفير لتلك السلالات، والتى ستدفع الفلاح للتوجه إليها، الأمر الذى يساعد على توفير العملة الصعبة من استيراد اللحوم من الخارج، وتوفير منتجات اللحوم والألبان بأسعار مناسبة، ولا نخفى خبرًا عندما نقول إنه لولا تلك المبادرات لكان الوضع الراهن غير مستقر من حيث أسعار منتجات البروتين، خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها المنطقة والعالم ككل، منوهًا إلى أن تلك الأسعار المستقرة بل والتى تنخفض تدريجيا تتزامن مع المواسم الأكثر استهلاكًا لدى المجتمع المصري.. مثل شهر رمضان وأعياد الاقباط وموسم عيد الأضحى، لافتًا إلى أن الفلاح يستطيع الحصول على عجول العشار من خلال مديريات الزراعة وبقروض قليلة الفائدة كما ذكرت، وأيضًا التوجيه والمتابعة والإرشاد لتقديم أفضل منتج وأقل تكلفة تشغيل ومدخلات الإنتاج”.
حسين أبوصدام نقيب الفلاحين، يرى أن مبادرات التحسين الوراثى قد أتت بثمارها بشكل واضح، ويقول: “إذا نظرنا للسلالات المحلية الموجودة فى الوقت الحالى نجد أنها سلالات محسنة وراثيًا، وإن السلالة المحلية القديمة لم تعد موجودة بشكل واضح أو بنسبة لا تتعدى العشرة بالمائة، ومعنى ذلك أن مبادرة التحسين الوراثى لسلالات اللحوم الحمراء التى بدأت قبل سنوات قد قاربت على اكتمالها وتحقيق نتيجة المائة بالمائة، ولكن لايزال لدينا مشروع العجول العشار ضمن مبادرات التحسين الوراثى، حيث استقدمت الدولة سلالات أجنبية قادرة على إنتاج اللبن بما يعادل عشرة أضعاف السلالات المحلية، والتى لم تكن تنتج أكثر من أربعة كيلو لبن يوميا بينما تنتج السلالات العالمية ما يزيد على الأربعين كيلو، والأمر نفسه بالنسبة للحوم مع إختلاف النسبة، وكمثال لا توجد سلالة محلية من شأنها أن تنتج لحومًا تزيد على الـ ٤٠٠ كيلو، بينما تستطيع تلك السلالات العالمية إنتاج ما يزيد على الطن من اللحوم، وإذا كانت الدولة قد استطاعت توفير تلك السلالات للاقتناء المصرى فهنا يأتى دور المربى، والذى بدأ البعض منهم بالفعل فى دخول المبادرة وهم من أصحاب القطعان والمزارع الكبيرة، بينما لا يزال لدينا نسبة كبيرة من صغار المربين والفلاحين متخوفين من ترك موروثاتهم القديمة فيما يعتبرونه مجازفة، وإن كنت أرى أن الأمر على وشك الحدوث لأنه من وجهة نظرى اشبه بالعدوى الإيجابية، فالمربى الصغير الذى بدأ بالفعل فى رؤية إنتاج تلك السلالات عند جيرانه من الفلاحين وصغار المربين سيبدأ فى أخد الخطوة ودخول المبادرة، بمعنى أبسط فهو يرى ماشيته لا تنتج أكثر من بضعة كيلوهات من اللبن بينما جاره الذى أمتلك سلالة عالمية يبيع عشرة أضعافه لذلك سوف يتخذ الخطوة، صحيح أن تلك السلالات تعد أكثر تكلفة من حيث مدخلات الإنتاج مثل العلف إلا أن تلك الزيادة لا تقارن بحجم الإنتاج الذى يحصل عليه، وأخيرًا أرى أن تلك المبادرات غير التقليدية والتى قامت بها الدولة مؤخرًا أسهمت بشكل كبير فى حل أزمات لم يشعر بها المواطن، ولكن يعرفها المتخصصون، ففى ظل زيادة الأسعار عالميا والمستجدات اليومية على جميع الأصعدة فقد يلاحظ البعض ثبات أسعار البروتين الحيوانى، بل وانخفاضها فى الوقت الذى زادت فيه الأعباء فى المنطقة ودول الجوار التى قدم الكثير من سكانها خلال العشر سنوات الأخيرة، وهو ما ساعد على وجود فجوة بين الإنتاج والاستهلاك.. وبرغم ذلك لم يشعر المواطن بذلك، بل بدأت الأسعار فى الهبوط.. حتى وإن كان هبوطًا بسيطًا”.