خالد سعد: تدشين المتحف الكبير يمثل نقلة نوعية لجمهورية 30 يونيو
كشف الخبير الأثرى خالد سعد مدير عام الإدارة العامة لآثار ما قبل التاريخ بوزارة السياحة والآثار، والأستاذ الزائر بجامعه ليدا بأسبانيا وكولن بألمانيا، الاستعدادات النهائية التى تقوم بها الحكومة المصرية لافتتاح المتحف المصرى الكبير،
كما يوضح لنا حقيقة ما تم تداوله حول “فأس العباسية” وهى القطعة الأثرية التى ستعرض داخل المتحف ويعود عمرها لحوالى ٧٠٠ ألف سنة، والضجة التى أثيرت حولها.
وأضاف لـ الإذاعة والتليفزيون، أن رئيس الجمهورية وجه بأن يكون الاحتفال لائقًا بصورة مصر على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن الدكتور مصطفى مدبولى عقد اجتماعا مع مجموعة الوزراء كل فى اختصاصه، فمثلا الاختصاصات الخاصة بوزارة النقل والطرق هى استكمال مجموعة المحاور التى تحيط بالمتحف الكبير وتخرج من أماكن استقبال الضيوف ومسار الزيارة من المطارات المختلفة حتى موقع تجمع رؤساء وقيادات الدول وقت الافتتاح.
وأشار إلى أن المتحف يضم فأسًا يدويًا يرجع ل ٧٠٠ ألف عام، فهذا الكلام صحيح علميا ولدينا كم هائل جدا من هذه الأدوات الحجرية تسمى الشيلية والأشولية وموجودة بالمتحف المصرى بالتحرير والمتحف الجيولوجى بزهراء المعادى والمخزن المتحفى بالهرم، بالإضافة إلى جمجمة إنسان الكوبانيه وعمرها ٥٠٠ ألف عام.
ما استعدادات الحكومة المصرية لافتتاح المتحف المصرى الكبير؟
اجتمع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى مع مجموعة من الوزراء فى حكومته بناء على تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى لاستكمال أعمال الاستعدادات الخاصة بافتتاح المتحف المصرى الكبير ورئيس الجمهورية وجه بأن يكون الاحتفال لائقا بصورة مصر على المستوى العالمى فكان اجتماع الدكتور مصطفى مدبولى مع مجموعة الوزراء كل فى اختصاصه ،فمثلا الاختصاصات الخاصة بوزارة النقل والطرق هى استكمال مجموعة المحاور التى تحيط بالمتحف الكبير وتخرج من أماكن استقبال الضيوف ومسار الزيارة من المطارات المختلفة حتى موقع تجمع رؤساء وقيادات الدول وقت الافتتاح، وأيضا الخاصة بتجميل الرؤية البصرية لطريق الفيوم والجزء الخاص باستكمال الطريق السياحي، الجزء الآخر خاص بالإنارة حول محيط المتحف كله، والتعليمات الموجهة لوزير النقل بسرعة الانتهاء من محطة مترو أنفاق الهرم، واستكمال الأجزاء المتبقية من الأتوبيس الترددى حتى تصبح جاهزة للتشغيل قبل فترة الإعلان عن افتتاح المتحف المصرى الكبير فى ٣ يوليو، أيضا كان هناك مجموعة من التعليمات الخاصة بالانتهاء من الأجزاء المتبقية من شارع الهرم؛ لأن هناك جزءًا بسيطًا جدًا من شارع الهرم سيدخل فى مسار الزيارة خاصة فى المنطقة التى تؤدى إلى المدخل الجنوبى لمنطقة الهرم، وهى الخاصة بالأفواج، أما الخاصة بالزيارات فستكون استكمال الممشى الذى يصل من منطقة المتحف المصرى الكبير حتى منطقة القلعة، والذى يصل إلى ٢ كيلو متر تقريبا، هذه هى أهم الاستعدادات التى تنجزها الدولة، وسنرى ذلك فى شكل العمارة الخارجية الذى اختلفت فى الناحية المواجهة للمتحف المصرى الكبير، وهو ما كان موجودًا فى ملخص الدراسة الخاصة بإنشاء المتحف المصرى الكبير، لما تم الإعلان عنه فى مناقصة دولية وأشرفت على هذا الجزء المهندسة الإيطالية سيلفى أرنوفى التى وضعت مجموعة من الاشتراطات الخاصة بالاستغلال الآمن والأمثل لكل الأماكن المطلة على المتحف المصرى الكبير لتخدم قطاع السياحة.
بالنسبة لوزير الطيران المدنى استقبل مجموعة من التوجيهات الخاصة بوضع سيناريو محدد للأفواج لاستقبالها فى المطار والأماكن التى ستستقبل طائرات ملوك وأمراء ورؤساء معظم دول العالم بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لتأمين هذه الأفواج إلى مقر إقامتهم، ثم انتقالهم إلى مقر إقامتهم وقت افتتاح المتحف وحتى انتهاء الافتتاح.
ثم التكليفات التى نفذت إلى وزير الداخلية لتأمين كل هذه الأفواج باختيار بعض الأماكن السياحية كمزارات لها.. وبالنسبة لوزير التنمية المحلية فتم توجيه مجموعة توجيهات خاصة بأعمال التشجير والنظافة واستكمال الإضاءة الخاصة بالمحاور المحيطة بالمتحف المصرى الكبير وإعادة مظاهر البريق والبهاء وطلاء الأعمدة والأرصفة.
كيف نجحت الحكومة الحالية فى تخطى العقبات التى واجهت رحلة إنجاز مشروع المتحف المصرى الكبير؟
العمل فى المتحف المصرى الكبير يتم منذ فترة زمنية طويلة لا تقل عن عشر سنوات، لكن أن نكون دولة آمنة ومستقبلة للسياح فى ظل الظروف الجيوسياسية الموجودة حاليا فهذا شيء يُحسب للنظام الأمنى سواء وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، ويؤكد أن مصر نجحت فى توفير مناخ أمنى آمن فى معظم المقاصد السياحية، بالإضافة إلى أننا لم نعد نعتمد اعتمادًا كلياً على الوكيل السياحى وأصبح لدينا وكلاء سياحيين محليين، وبدأنا فتح أسواق جديدة للسياحة مثل سوق أمريكا الجنوبية الذى لم يكن موجودا على خريطة السياحة منذ سبعين سنة، وزيادة التعامل مع سوق جنوب شرق آسيا الذى كان التعامل معه بشكل صغير جدا، بعد أن كان اعتمادنا الكلى على السوق الأوروبى والسوق الأمريكي، كل ذلك أدى إلى زيادة عدد السياح بشكل واضح جدًا، وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية إنما تهتم بقطاع السياحة وتعتبره أحد أهم القاطرات الخاصة بالاقتصاد المصري؛ فعندما تم الإعلان عن الافتتاح الجزئى للمتحف فى ٢٠٢٤، بلغ عدد السائحين الذين جاءوا إلى مصر ١٧ مليون ونصف المليون سائح، وهو عدد لم تستطع مصر الوصول إليه من قبل، وأكبر عدد تم الوصول إليه وتم تحقيقه هو عشرة ملايين سائح فى عام ٢٠١٠، فبمجرد الإعلان عن الافتتاح الجزئي، ووصلنا لهذا العدد، فيعنى ذلك أنه هذا العام فى الافتتاح النهائى سيصل عدد السائحين إلى حوالى عشرين مليون سائح، خاصة أن المتحف المصرى الكبير سوف يستقبل من ٢٠ إلى ٣٠ ألف زائر يوميًا، وهو عدد كبير جدًا، لذلك فاز المتحف المصرى الكبير فى ٢٠٢٤ بجائزة فرساى باعتباره واحدًا من أهم المقاصد السياحية لعام ٢٠٢٥.
ما أبرز القطع الأثرية التى ستزين المتحف المصرى الكبير؟
المتحف يضم مجموعة متنوعة وضخمة من القطع الأثرية؛ لعل أبرزها المجموعة الكاملة الخاصة بتوت عنخ آمون، وهى من أهم المجموعات التى يهتم بها العالم، والتى تزيد على ٥٠ ألف قطعة، والمجموعة الثانية هى “ذهب تانيس”، وسيرى العالم كله المجموعة الكاملة لذهب تانيس، بالإضافة إلى ما تم العثور عليه بأيادى مصرية فى “جبانة البوباسطيون”، التى تضم عددًا من توابيت العصر المتأخر، والتى تصل لأكثر من ٧٥٩ تابوتًا، تم اختيار أجمل هذه التوابيت ليتم عرضها، ويتضح من جمال هذه التوابيت كما لو أنها نُفذت أو تمت صناعتها بالأمس، لشدة بهائها وبريق لونها، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من آثار ما قبل التاريخ يتم عرضها لأول مرة فى المتحف المصرى الكبير، منها ما يمثل تأصيل للحضارة المصرية، هذا بالإضافة إلى المجموعات المتنوعة الخاصة بالحياة اليومية والملكية فى مصر القديمة.
بمناسبة الحديث عن أهم المعروضات بالمتحف أثيرت ضجة حول “فأس العباسية”، وأن هذه القطعة الأثرية يصل عمرها إلى حوالى ٧٠٠ ألف سنة، ما تعليقك؟
بشأن ما تم تداوله فى تصريحات الأمين العام السابق بشأن وجود فأس يدوى بالمتحف المصرى الكبير يرجع ل ٧٠٠ ألف عام، فهذا الكلام صحيح علميًا، ولدينا كم هائل جدا من هذه الأدوات الحجرية تسمى الشيلية والأشولية وموجودة بالمتحف المصرى بالتحرير والمتحف الجيولوجى بزهراء المعادي، والمخزن المتحفى بالهرم، وهذا ليس شيء غريب فعندنا جمجمة إنسان الكوبانيه ٥٠٠ ألف عام (old sup) فى متحف النوبة، وهو أقدم من إنسان ايغوت، وعندنا أشباه البشر من شمال بحيرة قارون buch baby أكثر من ٢ مليون عام، يعنى مساوى للأوسترولاباتيك؛ أى أن الثقافات البشرية فى مصر أكثر من ٧٠٠ ألف عام، ولدى كتاب باسم “الثقافات البشرية فى مصر”، وموجود فى مقتنيات هيئة المساحة الجيولوجية، وتم هذا العمل العلمى بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية والاستشعار من بعد ومكتب اليونسكو بالقاهرة.. فالتاريخ هنا ليس معناه الحضارة المصرية من ٧٠٠ ألف؛ إنما الثقافات البشرية والإنتاج البشرى للإنسان العاقل القديم فى مصر كانت من ٧٠٠ ألف عام حتى الآن، ومتوقع تكون أكثر من ذلك، خاصة أننا لم نشتغل بالصحراء الكبرى بنسبة واحد بالمائة.
إلى أى مدى سيسهم وجود قادة ورؤساء الدول فى حفل افتتاح المتحف فى جذب السياحة لمصر؟
اتضح هذا جليا عندما قام عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية باصطحاب الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون فى منطقة مزدحمة مثل خان الخليلى والحسين، فهى رسالة للعالم لكسر أو لإحباط ما يشاع عن مصر أنها قد تتعرض سلبيا إلى جزء من الأحداث الجيوسياسية المحيطة بها، خاصة ما يحدث فى غزة، وهذا أكبر دليل أن زيارة مجموعة من حكام وملوك ورؤساء الدول لمصر فى هذه الفترة الزمنية التى توجد بجوار مصر مناطق ملتهبة سياسيًا، فهذا يؤكد أن مصر تستطيع أن توفر الناحية الأمنية فى ظل وجود مناطق ملتهبة بالقرب منها، وهى رسالة للعالم كله أن ما يمارسه الوكيل السياحى من وضع مصر أحيانًا فى منطقة حمراء، فيقلل من حجم السياحة لمصر، فنجحت مصر فى التسويق لنفسها، وستكون دعوة رؤساء العالم فى افتتاح المتحف المصرى الكبير خير دليل على ذلك، وأن مصر تتمتع بنوع من القيادة الرشيدة التى وفرت فى مصر المناخ الآمن لاستقبال كل هذه الوفود.
ما المردود الاقتصادى المتوقع من وراء هذا الإنجاز الضخم؟
الاستثمار فى قطاع السياحة، لم يكن لدينا المناخ الجاذب للاستثمارات فى قطاع السياحة، ولم يكن عندنا إشراك خاص بالاستثمار فيه وإنشاء القرى السياحية، لكن حاليا فقد دخل القطاع الخاص بقوة فى تطوير واستغلال المناطق السياحية بشكل لا يضر بها ولا يؤثر عليها، وتحويل بعض المناطق الأثرية إلى مقاصد سياحية، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن القطاع الخاص دخل فى إنشاء متحف الغردقة، بالإضافة إلى أن الدولة انتهجت نهجًا بوجود بعض المتاحف الكبرى العالمية فى مقاصد سياحية مثل متحف شرم الشيخ، لذلك نرى أن المتحف المصرى الكبير قد خرج من كونه متحفًا لعرض المقتنيات الأثرية والآثار إلى كونه مؤسسة ثقافية تراثية، وبالتالى يومًا ما أبشر بهذه البشرى بأن المتحف المصرى الكبير سيتم إعداد ملف به لأن يصبح منطقة تراث عالمي، وهذا سيرفع مصر مجموعة من الدرجات فى خريطة السياحة العالمية، فى أكثر من عائد دولارى داخل الدولة، بخلاف أن المتحف الكبير أصبح له تذكرة خاصة، نظرًا لوجود مجموعة من المنصات الإلكترونية يمكن الحجز عن طريقها لزيارة المتحف، مما يزيد من فرصة عمل شركات السياحة ووفود الأفواج السياحية الكبيرة، وسيكون له مردود اقتصادى على الخزانة العامة، الأمر الآخر ستتحول مصر تدريجيًا من سياحة الرؤية إلى صناعة السياحة، فعندما نقوم بإشراك القطاع الخاص، أو نطرح مجموعة من المواقع الأثرية كمزار سياحي، فبذلك نتحول من الطريقة القديمة لإدارة مصر لملفها الأثرى والسياحي، وهو سياحة الرؤية، وهو أن يكون الاعتماد أن مصر فى كل الأحوال سيأتى لها سائحون لأنها مشهورة عالميًا، لكن كان ينقصها كمًا كبيرًا من الخدمات وتوزيع الطرق والمحاور السريعة، ومن الخدمات التى تقدم للزائر ومن الطرق التكنولوجية داخل المواقع السياحية أو المتحفية، واستخدامات التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى والهولوجرام، كل هذه الأمور مصر بدأت تأخذ فيها خطوات جادة، وسيكون لها تأثير مباشر وغير مباشر على الاقتصاد العام، وعلى ميزانية الدولة الفترة المقبلة.