إحصائية (مال): حجم سوق السيارات ذاتية القيادة سيصل إلى 121 مليار دولار عالميًا في 2024، مع توقعات بتجاوزه 750 مليار دولار بحلول 2030.

إحصائية (مال): حجم سوق السيارات ذاتية القيادة سيصل إلى 121 مليار دولار عالميًا في 2024، مع توقعات بتجاوزه 750 مليار دولار بحلول 2030.

رصدت (مال) أبرز تحركات الشركات العالمية في سباق المركبات ذاتية القيادة، ضمن أسرع القطاعات نموا على مستوى العالم، حيث يقدر حجم السوق بنحو 121 مليار دولار خلال عام 2024، مع توقعات بتجاوزه 750 مليار دولار في 2030، وفق تقديرات حديثة لشركات أبحاث مثل Statista وPrecedence Research. وتخوض شركات التكنولوجيا وصناع السيارات سباقا محموما للسيطرة على هذا القطاع الذي يجمع بين الابتكار الهندسي والذكاء الاصطناعي ومستقبل النقل، فيما تتحرك السعودية بخطوات استراتيجية لاقتناص الفرصة والتحول إلى بيئة تجريبية وتشغيلية مفتوحة.

وتتصدر شركات أمريكية مثل Tesla وWaymo وZoox المشهد، حيث تنفذ عمليات تشغيل فعلية لسيارات روبوتاكسي في مدن مثل أوستن وفينيكس، مع وجود مستويات متقدمة من الاستقلالية تصل في بعض النماذج إلى مستوى القيادة الكامل بدون تدخل بشري، وتستفيد هذه الشركات من بنية تحتية رقمية، وتشريعات مرنة، واستثمارات بمليارات الدولارات في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأجهزة الاستشعار المتقدمة، وشبكات الاتصال الفائقة.

في المقابل، تتقدم الصين من حيث الكم، حيث تنشر شركات مثل Baidu وWeRide وAutoX آلاف المركبات الذاتية في مدن رئيسية، وتنفذ اختبارات تجارية حقيقية تتجاوز مرحلة التجريب إلى التشغيل الفعلي، ما يجعلها في طليعة الدول من حيث عدد المركبات ونطاق الاستخدام.

أما أوروبا، فتركز على صياغة الأطر التشريعية، وتطوير شبكات الطرق والبنية الذكية، مع تجارب أكثر تحفظا تقنيا لكنها دقيقة في الجانب التنظيمي، حيث تعد ألمانيا وفرنسا من الدول الرائدة في الترخيص والتنظيم، رغم تأخرها في التوسع التجاري مقارنة بأمريكا والصين.

وفي هذا السياق، شهدت الرياض أمس انطلاق المرحلة التجريبية لتشغيل المركبات ذاتية القيادة في 7 مواقع استراتيجية، ضمن مشروع تشرف عليه الهيئة العامة للنقل ويمتد لمدة 12 شهرا، ويهدف إلى اختبار التقنية في بيئة واقعية وتقييم كفاءتها التشغيلية، كما تم إنشاء 13 محطة شحن كهربائية لهذه المركبات لدعم الجاهزية التشغيلية، في إطار خطة وطنية تستهدف الوصول إلى 5 آلاف محطة شحن سريع بحلول 2030.

ويعد هذا المشروع خطوة متقدمة نحو تطوير منظومة نقل ذكية ومستدامة، بدعم من البنية التحتية وشراكات تقنية متخصصة، على رأسها WeRide وأوبر، تمهيدًا للتشغيل التجاري خلال العام المقبل.

كما دشنت المملكة ما يعرف بـ”Sandbox التنقل المستقبلي”، وهو منطقة اختبار متكاملة للمركبات الذكية والطائرات بدون طيار والروبوتات، بما يعكس توجها استراتيجيا لتهيئة البنية التشريعية والتقنية لاستقبال هذه التقنيات.

وتعد الشراكة مع شركة WeRide الصينية واحدة من أبرز التحركات السعودية، حيث بدأت الشركة بإجراء اختبارات لمركبات وشاحنات ذاتية القيادة في الرياض والعلا، في إشارة إلى رغبة المملكة في توطين هذه التقنية، وتوظيفها ضمن مستهدفات النقل الذكي والاستدامة.

وتشير تقديرات السوق إلى أن تكلفة تطوير المركبة ذاتية القيادة الواحدة تتراوح حاليا بين 150 ألف إلى 250 ألف دولار، لكن هذا الرقم يتجه للانخفاض مع تطور التصنيع ودمج الأنظمة، كما يتوقع أن تتغير نماذج العمل من بيع المركبة إلى تأجير الخدمة أو تشغيل الأساطيل، مما يفتح الباب أمام أنماط استثمار جديدة، تشمل المشغلين المحليين، وشركات النقل، ومطوري البرمجيات.

ومع توسع هذا القطاع، تزداد الأسئلة حول التشريعات، وأمان الأنظمة، والتأثير المحتمل على سوق العمل، خاصة في الوظائف المرتبطة بالنقل مثل سائقي الأجرة والشاحنات، إلا أن عددا من الدراسات يشير إلى أن هذا التحول سيخلق وظائف جديدة في مجالات تحليل البيانات، وصيانة الأنظمة الذكية، والتحكم عن بعد، وهو ما يتطلب بناء كوادر بشرية مؤهلة خلال السنوات المقبلة.

وفي ظل هذا السباق العالمي، تبرز السعودية كلاعب واعد في قطاع المركبات ذاتية القيادة، ليس فقط كمستخدم للتقنية، بل كمختبر إقليمي وحاضنة تنظيمية وتجريبية، تستفيد من موقعها الجغرافي، ورؤيتها الاقتصادية، وانفتاحها على الشراكات الدولية، ما يعزز حضورها على خارطة الابتكار في النقل الذكي.