تحليل: الاقتصاد السعودي ينمو بقوة والعجز في الميزانية يصل إلى 200 مليار ريال، بينما تساعد الاحتياطيات الأجنبية المملكة على التعامل مع هذا العجز بفعالية.

كشفت شركة جدوى للاستثمار مواصلة الاقتصاد السعودي تسجيل نمو قوي في النصف الأول من عام 2025، رغم التحديات الخارجية الناجمة عن عدم اليقين في التجارة العالمية، وانخفاض أسعار النفط، وبقاء أسعار الفائدة مرتفعة.
وتوقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة 4.3%، في عام 2025، حيث لا يزال الطلب المحلي ونمو القروض قوياً، كما أن الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد تدعم النشاط في مجموعة من القطاعات في الربع الأول من عام 2025، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة 4.9%، وتدل المؤشرات الرئيسية على زخم في الربع الثاني، وبالنسبة لعام 2026، يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة 4.4%، مدفوعاً بالتنويع الاقتصادي المستمر، وانخفاض أسعار الفائدة تدريجياً – نفترض تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس بدءً من الربع الرابع 2025 وتراجع حالة عدم اليقين التي تكتنف التجارة العالمية.
وأضافت انه نتيجة لانخفاض عائدات النفط يتوقع أن يتسع عجز الميزانية إلى 4.3 %من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بينما يتسع عجز الحساب الجاري إلى 3.6 %من الناتج المحلي الإجمالي. ومع انخفاض الدين الحكومي وارتفاع محتوى الاحتياطيات الأجنبية، يمكن للمملكة إدارة هذين العجزين بسهولة.
وبحسب “جدوى” سيتوسع عجز الميزانية في عام 2025 إلى 4.3%، من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 2,5%، من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. متوقعة أن يبلغ العجز حوالي 200 مليار ريال مقابل عجز بقيمة 101 مليار ريال حسب خطة الميزانية.
وتوقعت الشركة الاستثمارية أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 67 دولاراً للبرميل عام 2025 (منخفضاً بنسبة 16%، عن متوسطه عام 2024) و65 دولاراً للبرميل عام 2026، مع زيادة العرض العالمي أكثر من الطلب تظل أسعار النفط تشكل المصدر الرئيسي لعدم اليقين بشأن توقعاتنا، لكن تبقى المملكة في وضع جيد يسمح لها بتجاوز فترة ضعف سوق النفط، ومن المرجح أن يرتفع إنتاج المملكة من النفط الخام بنسبة 5.5 بالمائة من متوسط 9 مليون برميل يومياً في عام 2024 إلى متوسط 9.45 مليون برميل يومياً في عام 2025. وسينهي الإنتاج العام عند ما يقارب 10 مليون برميل يومياً.
وابانت سيساهم انخفاض أسعار النفط وضعف توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء” من شركة أرامكو السعودية، في اتساع العجز في الوقت نفسه، سيساعد ارتفاع الإيرادات غير النفطية، وانخفاض إجمالي الإنفاق في الميزانية بنسبة 5%، على الحد من عجز الميزانية.
وبإلقاء نظرة فاحصة على ديناميكيات الإيرادات، تتوقع تراجع إيرادات النفط في الميزانية بحوالي 23%، مقارنة بعام 2024. هناك عاملان مساهمان في ذلك أولاً، انخفاض أسعار النفط الذي يقلل قيمة إنتاج النفط والصادرات هذا الأمر يقود إلى انخفاض مدفوعات الربع وضريبة الدخل من شركة أرامكو إلى الميزانية. وتتوقع تراجع عائدات الصادرات بنسبة 13%على أساس سنوي، في عام 2025، العامل الثاني، هو التراجع بنسبة 31,5%، في إجمالي توزيعات الأرباح المستحقة من شركة أرامكو هذا العام. مبينة ارتفعت توزيعات الأرباح العادية بنسبة 4%للعام 2025 زيادة بقيمة 10 مليار ريال في إيرادات الميزانية مع ذلك، ستكون التوزيعات المرتبطة بالأداء الواردة إلى الميزانية ضئيلة 2.7) مليار ريال)، مقارنة بـ 132 مليار ريال عام 2024. وتتبع التوزيعات المرتبطة بالأداء صيغة معينة، وقد انخفضت بسبب انخفاض عائدات النفط في 2024.
وأضافت لا تزال الصورة إيجابية بالنسبة للإيرادات غير النفطية في الربع الأول من عام 2025، تمت الإيرادات غير النفطية بنسبة متواضعة، بلغت 2 %، مع ذلك، تميل النتائج الربعية إلى التفاوت خلال العام، حيث نمت الإيرادات غير النفطية خلال الـ 12 شهراً الماضية بنسبة 8%، على أساس سنوي.
وقالت تفترض توقعاتنا، وهي متحفظة إلى حد ما، نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 4%عام 2025، لتصل إلى 522 مليار ريال المحرك الرئيسي لذلك النمو هو ضريبة السلع والخدمات، والتي تعد ضريبة القيمة المضافة المكون الرئيسي لها تتوقع زيادة هذا البند بنسبة 5%، ونضع افتراضيات متحفظة بشأن البنود الأخرى في الإيرادات غير النفطية، كما تفعل ميزانية الحكومة.
وفيما يتعلق بالإنفاق، توقعت “جدوى” تراجعه بنسبة 5 %، في عام 2025، ليصل إلى 1.3 تريليون ريال، وهو ما يقارب الميزانية التي أشارت إلى انخفاض بنسبة 6.4 %، في الربع الأول 2025، ارتفع الانفاق بنسبة 5 %، على أساس سنوي، ولكنه جاء متسقاً مع الميزانية على أساس تناسبي بسيط. عادة ما يرتفع الانفاق مع اقتراب نهاية العام. ومع ذلك، نظراً لتوقع انخفاض إيرادات النفط بشكل كبير، فمن المرجح أن تنفق الحكومة بحذر أكبر، وأن تلتزم بالميزانية أكثر مما كانت عليه في الفترة بين عامي 2022 و2024 في الواقع، لم يرتفع الانفاق في الربع الرابع من عام 2024، كما حدث في السنوات الأخيرة، وهو مؤشر مبكر على توخي المزيد من الحذر في ظل التوقعات بإيرادات أقل ازدهاراً.
وفي حال تمكنت الحكومة فعلاً من خفض الإنفاق، فسيكون ذلك عبر خفض الإنفاق المرتبط بالاستثمار الإنفاق الرأسمالي والإنفاق على السلع والخدمات) في الواقع، انخفض الانفاق الرأسمالي في الربع الأول بنسبة 19%.
وعلى أساس سنوي. ظل الانفاق الرأسمالي يتجه نحو الانخفاض على أساس ربع سنوي متتابع منذ الربع الثاني 2024. وبينما تتوقع ارتفاعه خلال العام من مستواه المنخفض في الربع الأول، يبدو أن الانفاق الرأسمالي سيكون أقل مما كان عليه في عام 2024، وفي حدود الميزانية.
وفي تقديرها لا يزال الموقف المالي داعماً للاقتصاد، رغم أنه لن يقدم نفس القدر من الزخم للنمو، كما كان الحال في الفترة بين عامي 2022 و2024. ومن المهم جداً ملاحظة أن الانفاق المرتبط بالاستثمار – بل والإنفاق الإجمالي للميزانية – سيبقى عند مستويات مرتفعة حتى برغم تراجعه هذا العام. ويعود ذلك إلى النمو القوي جداً في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع الانفاق الرأسمالي خلال الفترة بين عامي 2022 و2024 بشكل حاد، وكذلك الإنفاق على السلع والخدمات الذي يرتبط جزئياً بالمشتريات.
وأشارت الى انها تفترض أن الحكومة ستمول عجز الميزانية من خلال إصدار الديون، بدلاً من استنزاف الودائع الحكومية. ولا تزال نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة، مما يتيح مجالاً واسعاً لمزيد من الاقتراض. في الربع الأول 2025، جمعت الحكومة من الدين مبلغ 115 مليار ريال. ومرجح أن تبلغ الاحتياجات التمويلية للحكومة المركزية التمويل العجز والديون المستحقة نحو 240 مليار ريال هذا العام، مما يعني إصدار ديون كبيرة في النصف الثاني من عام 2025، متوقعة ارتفاع نسبة إجمالي الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 30%، عام 2025 و33 % عام 2026. وإذا خصمنا الودائع الحكومية لدى البنك المركزي السعودي، فإن صافي الدين يقل بنحو 10 نقاط مئوية.