نواف الزرو: ما هي دلالات الاعتراف الأوروبي والدولي بالدولة الفلسطينية بالنسبة لـ”إسرائيل”؟

نواف الزرو
في خضم الجدل الصدامي حول مشروع الدولة الفلسطينية على الاجندة الاوروبية والاممية، فالدولة الصهيونية تعتبر حمل مشروع الدولة الفلسطينية الى المنابر الاوروبية وخاصة البريطانية والفرنسية والاسبانية ثم الى الامم المتحدة ومنظماتها، حملة هجومية استفزازية عدائية لها من قبل الفلسطينيين، تهدف الى محاصرة”اسرائيل” ونزع الشرعية الاممية عنها، وكانت وصفته باليوم الاسود على “اسرائيل”..!.
وتعتبر المؤسسة الامنية السياسية الاستراتيجية الاسرائيلية ان فلسطين ل”اسرائيل”، وان من حقها ان تعمل على تفكيك كافة التهديدات المحتملة لبقاء واستمرار تلك الدولة، وتعتبر ان مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة في مقدمة تلك التهديدات، لذلك تضع تلك الدولة كافة العراقيل التي من شانها تعطيل هذا المشروع حتى لو اضطرت في ذلك الى شن حروب وحروب لا تتوقف على الفلسطينيين…!، ما كان اكده المحلل شالوم يروشالمي في معاريف عن حقيقة موقف نتنياهو تجاه الدولة الفلسطينية قائلا:”نتنياهو مقتنع بان تقسيم البلاد الى دولتين هو مصيبة عظيمة وتهديدا استراتيجيا من الدرجة الاولى على وجود دولة اسرائيل، وهو مقتنع بان الدولة الفلسطينية نفسها هي تهديد ديمغرافي فظيع للصهيونية، بعد أن يتدفق اليها ملايين اللاجئين الذين سيطالبون بجمع شمل العائلات وحق العودة”، وهذه الدولة، برأيه، “ستكون اليوم رأس حربة لهجوم عربي شامل على اسرائيل، وحتى جيش صغير نسبيا، مزود بتكنولوجيا حديثة، يمكنه أن يهدد مدن اسرائيل بشكل مباشر” (“مكان تحت الشمس”، صفحة 339).
وعلى نحو متكامل، لا تقلل”اسرائيل” من خطورة الدلالات الاخلاقية والقانونية والمعنوية للقرارات الدولية المناصرة للحق العربي الفلسطيني ولاقامة الدولة الفلسطينية، لذلك تجند كافة طاقاتها ولوبياتها وادواتها في العمل من اجل احباط مشروع الدولة واسقاطه عن الاجندة الاممية، فهي تعتبر هذا التوجه استفزازا بل حربا سياسية واعلامية واخلاقية تشكك بشرعية وجود”اسرائيل”، وفي ذلك قالت صحيفة يديعوت أحرونوت”أن إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد وحصولها على اعتراف الأمم المتحدة، سيخلق أزمات قانونية عديدة أمام إسرائيل، إلى جانب صعوبات على المستوى الأمنى والمدنى والدبلوماسى”. ونقلت يديعوت عن “ميخال سفراد” الخبير فى القانون الدولى لحقوق الإنسان قوله: “إننى متأكد بأننا سنواجه أزمات مختلفة على مدار الساعة، فإذا تم الاعتراف بدولة فلسطين وتحولت إلى عضو فى الأمم المتحدة فإن إسرائيل ستدخل فى مأزق وتعقيد قانونى أمام المجتمع الدولى”.
والكاتب آري شبيط يقول في هآرتس”العنوان على الحائط: اذا اعترفت الجماعة الدولية بالدولة الفلسطينية، ففي تلك اللحظة ستصبح كل شقة اسرائيلية في التلة الفرنسية غير قانونية، وستنقض كل قاعدة عسكرية في الضفة الغربية سيادة دولة مستقلة عضو في الامم المتحدة، ولن يكون الفلسطينيون ملزمين بنزع السلاح والسلام والاعتراف المتبادل الحقيقي والمصالحة على الاراضي، وستكون اسرائيل ملزمة بانهاء كامل في الحال للاحتلال، وستتحول المواجهة سريعا الى مواجهة شعبية، وعندما يستعمل الجيش الاسرائيلي القوة في مواجهة المتظاهرين الفلسطينيين الذين سيسيرون في مسيرات نحو القدس سيتم التنديد باسرائيل. إن حصارا سياسيا من الخارج وانتفاضة مدنية من الداخل سيخنقان اسرائيل بقوة”.
ولكل ذلك، ولما تنطوى عليه عملية العودة الفلسطينية الى الامم المتحدة والى هيئاتها من تداعيات لا تسر”اسرائيل” بل تزعجها وتقلقها، حيث انها لا تريد اي عودة للقضية الفلسطينية الى المرجعيات الدولية، وحيث تعتبر ذلك حربا ديبلوماسية سياسية فلسطينية. دعونا لا نقلل من اهمية حمل مشروع الدولة الفلسطينية الى المنابر الاوروبية والىالامم المتحدة..!…
وفي المشهد كذلك نستحضر الادبيات السياسية الامريكية التي تقف وراء انحياز الادارة الامريكية الى الموقف الاسرائيلي التي تعتبر هذا التوجه الفلسطيني عملا استفزازيا ل”اسرائيل” ولن يسفر عن شيء حقيقي للفلسطينيين، فقد رفضت الولايات المتحدة خطط الفلسطينيين للحصول على اعتراف بدولة مستقلة من جانب واحد في الامم المتحدة قبل التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل، ويذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد واصل سياسات سابقيه من الرؤساء الامريكان، و اكد إن “التصويت في مجلس الأمن لن يقيم دولة فلسطينية”، وإنه يعارض هذه الخطوة، فبات واضحا تماما ان واشنطن ستستخدم الفيتو ضد إعلان الدولة الفلسطينية..
ثم جاء الرئيس ترامب ليواصل ذات النهج باسقاط مشروع “حل الدولتين” على نحو سافر ومدو، ولتغدو الاجندة الامريكية وكأنها اجندة اسرائيلية وكتبت بايد اسرائيلية…؟!
ثم جاء الرئيس بايدن ليواصل ذات النهج والسياسة تجاه الحقوق الفلسطينية ومشروع الدولة المستقلة…!.
ثم ليعود لنا الرئيس ترامب ليجدد مضامين صفقة القرن التي تعني في جوهرها إبادة القضية الفلسطينية وتطويب فلسطين ل”الدولة اليهودية”…!
[email protected]