جيروزاليم بوست: تسليح أعداء خصومنا ليس حلاً مستداماً

نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، افتتاحية بعنوان “تكرار الأخطاء القديمة: تسليح عدو أعدائنا ليس حلاً طويل الأمد”.
تتناول الصحيفة ما كُشف عنه قبل أيام، بشأن قيام إسرائيل بتسليح جماعة عشائرية معارضة لحركة حماس في قطاع غزة، يقودها رجل يدعى ياسر أبو شباب.
تستهل الصحيفة بالحديث عن تسريب أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، يوم الأربعاء الماضي، معلومات تفيد بأن إسرائيل تُسلح عصابة في غزة مُعارضة لحماس، معتبرة أنه استهدف إثارة الصدمة.
وبالفعل نجح في ذلك، وكان رد الفعل الفوري هو عدم تصديق أن إسرائيل ستُسلم أسلحة – قيل إنها غُنمت من حماس – إلى عصابة إجرامية في رفح لها صلات سابقة بتنظيم داعش في سيناء، وفق الصحيفة.
وأثار هذا النبأ جدلاً كبيراً في الداخل الإسرائيلي، في ظل استحضار التجارب الإسرائيلية السابقة في تسليح ميليشيا الكتائب في لبنان، وغضها الطرف عن حماس في أوائل الثمانينيات والسماح لها بالنمو كمنظمة خيرية، على أمل أن تُشكّل ثقلاً موازناً لحركة فتح، ثم في نهاية المطاف تزويد فتح بالسلاح، حسب الصحيفة التي تساءلت: إلى أي مدى نجح كل ذلك؟
وكتبت: “هل من السيء دعم جماعة مُعارضة لحماس؟ هل من السيء اتخاذ خطوات لتقويض سيطرة حماس على غزة؟ هل من الخطأ تسليح ميليشيا صغيرة للقيام بأعمال تُبعد حماس عن نقاط توزيع الغذاء، حتى لا يُضطر جنود جيش الدفاع الإسرائيلي إلى المخاطرة بحياتهم وهم يفعلون الشيء نفسه؟ هل يُمكن أن يكون الأمر بهذا السوء إذا كانت الخطة مدعومة – بل ومُبادرة – من قِبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) وجيش الدفاع الإسرائيلي؟”.
ووصفت الصحيفة ياسر أبو شباب، الذي يقود المجموعة المسلحة التي تعرف نفسها باسم “القوات الشعبية،” بأنه “شخص سيء للغاية، وجماعته عصابة من المجرمين”.
وترى الصحيفة أن قرار تسليح هذه الميليشيا المتمركزة في رفح ربما كان معيباً إجرائياً – إذ لم يمر عبر مجلس الوزراء الأمني – لكنه يعكس مبدأً إسرائيلياً راسخاً، وإن كان مثيراً للجدل، وهو: “عدو عدوي صديقي”.
“كخطوة تكتيكية قصيرة المدى لإضعاف حماس وتقويضها، فإن القرار منطقي. ما يُعدّ خطأً هو تحويل التحالف مع أبو شباب إلى استراتيجية طويلة المدى، أو جعله حجر الزاوية في خطة إسرائيل (اليوم التالي) التي لم تُحدّد معالمها بعد لغزة”.
وتناقش الصحيفة مسألة التسريب، معتبرة أن ليبرمان استهدف الإضرار برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من خلال تصويره على أنه متهور.
“وبكشفه عن البرنامج، نجح ليبرمان في إيقافه – وهي عملية بدأتها ودعمتها مؤسسات الدفاع والاستخبارات. سارع أبو شباب إلى النأي بنفسه عن أي صلة إسرائيلية، ونشر على فيسبوك: نرفض هذه الاتهامات رفضاً قاطعاً… أسلحتنا بسيطة، قديمة، وجاءت بدعم من شعبنا… لم نكن يوماً، ولن نكون أبداً، أداة للاحتلال، ونرفض أن يُجرّ اسمنا إلى أي أجندات مشبوهة”.
ونقلت الصحيفة انتقاد نتنياهو لغريمه ليبرمان بشدة على تسريبه، متسائلاً: “ماذا سرّب؟ – أنه، بناءً على نصيحة مسؤولي الدفاع، عملنا مع فصائل معارضة لحماس؟ ما الخطأ في ذلك؟ هذا جيد، إنه ينقذ أرواح الجنود”. وأضاف: “هذا النشر لا يساعد إلا حماس، لكن ليبرمان لا يكترث”.
وأكدت الصحيفة أن ليبرمان لا يريد مساعدة حماس. لكنه لا يمانع أيضاً في إيذاء نتنياهو – لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات.
وأشارت إلى أن انتقاده – بأن جماعة أبو شباب مليئة بمجرمين لهم صلات سابقة بداعش – يعكس مخاوف استخباراتية من إمكانية استخدام الأسلحة ضد إسرائيل في المستقبل، وهو قلق مبرر، لكن الحجة القائلة بأن الجهات الفاعلة غير المرغوب فيها قد تخدم أحياناً أغراضاً مفيدة – ولو مؤقتاً – صحيحة أيضاً.
واختتمت: “في ضوء ذلك، يبدو أن تسريب ليبرمان مدفوع بالفرصة السياسية لإحراج نتنياهو، أكثر من المخاوف المتعلقة بالأمن القومي. قد لا يكون الضرر الحقيقي على سمعة رئيس الوزراء، بل على الجهود العملياتية الجارية لإيجاد طرق فعالة لإضعاف حماس، وتقويض سيطرتها على غزة من الداخل”. (بي بي سي)