الاحتفاء بالشهداء تقليد دائم

معن بشور
اتصل بي عشية عيد الاضحى المبارك صديق قديم ورفيق درب طويل يسألني “هل ما زالت زيارة الوفاء لمدافن الشهداء قائمة بعد التهديدات الصهيونية؟ “أجبته ضاحكاً: “اخي العزيز ومتى كانت هذه التهديدات تحول دون قيامنا بواجبنا تجاه شهداء لبنان وفلسطين وشهداء أمتنا العربية، اتذكر كيف كنا نأتي الى مدافن الشهداء في عز الحرب في لبنان وعليه، وفي عز الغزو الاسرائيلي له حين وصل الى بيروت عام 1982، هذه الزيارة للشهداء هي واجب نقوم به منذ خمسين عاماً ولم نتوقف عيداً واحداً لا في عيد الفطر ولا في عيد الاضحى، طبعاً نحن مستمرون”.
لا شك ان سؤال صديقي أدخل في قلبي الشك وخفت ان يكون عدد زوار المدافن هذا العام أقل من الاعوام السابقة، ولكنني مع رفاقي في تجمع اللجان والروابط الشعبية، وفي جمعية شبيبة الهدى، وجدت الحضور اكثر من اي عام مضى، ووجدت أهالي الشهداء، اللبنانيين والفلسطينيين، يحتشدون في مدافن الشهداء بالقرب من مستديرة شاتيلا، ويؤكدون انهم سيبقون اوفياء للمبادئ والقيم التي استشهد من اجلها ابناؤهم، ويتذكرون كيف انه في مثل هذه الايام عام 1982، توغل العدو الصهيوني وبدأ حربه علينا بقصف المدينة الرياضية في مثل هذا اليوم، وتذكرت مع رفيقي مأمون مكحل الذي القى كلمة تجمع اللجان بهذه المناسبة كيف ان شظايا القذائف الصهيونية قد ملأت يومها جسمه. وجسد المناضل شاكر البرجاوي.
كان الحشد في المدافن كبيراً، كان شباب فلسطين من ابناء (فتح) وفصائل منظمة التحرير يملأون المشهد ، والى جنبهم اعضاء الحملة الاهلية لنصرة فلسطين وقضايا الامة ، وكانت الكلمات تتوالى مع الرفيق الامين سماح مهدي باسم الحملة الاهلية، والاخ مأمون مكحل باسم اللجان والروابط الشعبية، والرفيق علي فيصل نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والجبهة الديمقراطية، واختتم الحفل الدكتور سرحان يوسف بأسم حركة فتح التي قدمت وتقدم الشهداء والتي افتتحت الثورة الفلسطينية المعاصرة قي 1-1-1965، كان عريف الحفل أيضاً الاخ ناصر اسعد من حركة فتح وممثلها في الحملة الاهلية، وكانت الكلمات تؤكد على استمرارنا في النضال، وأن هذه التهديدات الصهيونية لن تؤثر في تصميم شعبنا، تماماً كما لم تؤثر هذه الحرب الهمجية التي يشنها العدو الصهيوني على اهلنا في غزة والضفة والقدس وعموم فلسطين.
وكان عهد بين الفلسطينيين واللبنانيين المتواجدين ان تبقى العلاقة بين الاخوة وثيقة وأن لا يرضخ لبنان ابداً للضغوط الاميركية بشأن العلاقة مع الاخوة الفلسطينيين، أو بشأن احتضان المقاومة.
فالمقاومة اليوم هي لغة العصر التي لا يفهم العدو غيرها وهو يواجه مأزقاً وجودياً لم يعرفه من قبل، بل لتعبير عن ارادة الامة في تحرير ارضها، خصوصاً ان بشائر النصر بدأت تلوح من فلسطين وبدأ التمرد الصهيوني على نتنياهو يتزايد ، خصوصاً مع الدعوة الى حل الكنيست من قبل حلفاء نتنياهو الذين طالما اعتمد عليهم.
الاعياد فرصة نفرح بها جميعاً ونهنئ بعضنا بعض بهذه المناسبة السعيدة، لكن اعيادنا لا تكون اعياداً حقيقية إلاّ اذا اقترنت بمقاومة الاحتلال وبمقاومة الظلم والفساد والاستبداد لذلك منذ خمسين عاماً ونحن نحرص على زيارة مدافن الشهداء تأكيداً منا على حرصنا على مبادئنا التي نشأنا عليها، والتي سنستمر حاملين لوائها حتى النصر والتحرير.
بيروت