“ما لم يقم به هولاكو في بغداد: محامي مصري يقرر محاكمة ‘الشرع’ بسبب اتهامات مثيرة. فما هي الأسباب، وهل هناك صلة بتفضيل السعودية لدمشق على القاهرة؟ وكيف سيتعامل ‘الجولاني’ مع هذه المحاكمة؟”

“ما لم يقم به هولاكو في بغداد: محامي مصري يقرر محاكمة ‘الشرع’ بسبب اتهامات مثيرة. فما هي الأسباب، وهل هناك صلة بتفضيل السعودية لدمشق على القاهرة؟ وكيف سيتعامل ‘الجولاني’ مع هذه المحاكمة؟”

 

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي

لافتٌ هو توقيت مُوافقة محكمة القضاء الإداري في مصر، على النظر بدعوى قضائية ضد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، ولافت بالأكثر أن هذه الدعوى تتّهمه بارتكاب انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، طالت أقليات طائفية ودينية.
وهذه الدعوى تفتح باب التساؤلات حول شكل العلاقات بين مصر، و”سورية الجديدة”، بالرغم أن الشرع أو “الجولاني” زار القاهرة للمُشاركة في القمّة العربية، واستقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وصافحه علنًا، وهل تعود القاهرة للتعامل مع سُلطة دمشق الجديدة كسُلطة أمر واقع كما وصفتها فور سُقوط نظام الأسد؟
وتستند الدعوى إلى توثيق عدد من الانتهاكات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، خاصة في مناطق الساحل السوري ووسط البلاد، وتطالب (الدعوى) السلطات المصرية, ممثلة في الرئيس المصري، ورئيس مجلس الوزراء، ووزارة الخارجية، باتخاذ إجراءات قانونية وسياسية ضد الشرع، بما يشمل مخاطبة المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، بشأن ما وصفته “بجرائم ضد الإنسانية”، والمُطالبة بإدراجها ضمن نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
ولافت الاهتمام المصري بمُحاسبة المتورطين في جرائم الإبادة الجماعية بحق العلويين، والدروز، وعُقدت بالفعل السبت أول جلسة مُحاكمة للانتقالي الشرع، أمام محكمة القضاء الإداري في الاسكندرية، وهي خطوة في سياق قانوني.
الدعوى قدّمها المحامي المصري محمد أبو زيد، المُختص بقضايا النقض والدستورية العليا، ولكن لا بد أن هذه الدعوى جرى تقديمها بضوء أخضر من السلطات المصرية، والهدف منها في المقام الأوّل إرسال رسائل سياسية للدول الداعمة للشرع، وعلى رأسها الدول الخليجية، حيث استبعدت السعودية مصر من قمّة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما حضر الشرع “على هامشها” ولو كان في سياق الاستدعاء.
هذه الدعوى المصرية، تضع “الجولاني” زعيم هيئة تحرير الشام ، على رأس قائمة المتهمين بارتكاب فظائع بحق المدنيين في عدد من المناطق في سوريا.
وسيكون الشرع في حال زيارته لمصر، أمام اضطرار السلطات المصرية اتخاذ إجراءات قانونية، ودبلوماسية ضده، وجاء في طلبات الدعوى :”وقف تنفيذ قرار سلبي صادر عن الحكومة المصرية يتمثل في الامتناع عن اتخاذ إجراءات قانونية ودبلوماسية تجاه ما جرى من جرائم حرب، لا سيما من الطائفة العلوية، من قِبل جماعات مسلحة داخل سوريا وتركيا، وبغطاء من أجهزة أمنية محلية وإقليمية”.
وجاء في أحد مُقتبسات ملف الدعوى بحسب ما نقلت وسائل إعلام مصرية: “ما حدث في مناطق العلويين لم يفعله هولاكو في بغداد، ولا تيمورلنك في دمشق… أعتقد أن عرش الله قد اهتز من هول هذه الجرائم”.
هذه الدعوى المُقامة في مصر، تأتي بالتزامن مع تحرّك قانوني أكبر ضد الشرع، حيث قدّمت شخصيات سورية من طوائف متعددة دعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية باسم “التحالف الفرنسي-العلوي”، تتهم فيها  أحمد الشرع وأعضاء حكومته بارتكاب مجازر بحق مئات المدنيين في مناطق مختلفة.
وتنفي الإدارة السورية الانتقالية من جهتها الاتهامات الموجهة إليها، وتؤكد أنها تدعم العدالة وحماية الأقليات. وقد شكّلت لجنةً لتقصي الحقائق وتحديد الضحايا والمتورطين في الانتهاكات التي وقعت في الساحل السوري.
نتائج عمل هذه اللجان المشكلة في الدول العربية، عادة ما يكون مكانها سلّة المهملات.
وتحفّظت مصر بعد سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد على الانفتاح الكامل على نظام الشرع، ويعود ذلك إلى توجّسها من وصول الإسلاميين للسلطة، وتكرار التجربة التي عانت منها مصر في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى تنامي الدور التركي والقطري في سورية.
وكانت قد انتشرت صورة تجمع الشرع مع محمود فتحي، المطلوب أمنيًّا في مصر والمُدرج على قائمة الكيانات الإرهابية المصرية، والمحكوم عليه بالإعدام غيابيًّا في قضية مقتل النائب العام المصري هشام بركات، ما عاظم من المخاوف المصرية.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر بقيت تدعم حكومة الرئيس الأسد، في مقابل تحرّكها القضائي غير المسبوق ضد الشرع.
أنصار الشرع اعتبروا هذه المحاكمة تعدّيًا واضحًا على ما وصفوها بـ”السيادة السورية”، وضرب لكل محاولات الشرع تحسين علاقاته مع القاهرة.
وسبق أن أعلن عضو مجلس النواب العراقي علاء الحيدري أنه قدم دعوى قضائية لدى الادعاء العام العراقي ضد الشرع، على خلفيه التحاقه بتنظيم الدولة الإسلامية.