خلفيات الحوار بين العبري والفرنسي

خلفيات الحوار بين العبري والفرنسي

 

 

محمد الجميلي

فجأة علا الصوت الفرنسي، و بشكل أكثر حدة لصالح الحل العادل النزاع في الشرق الأوسط، و ضد حرب الإ بادة الموصوفة على غزة، و هو ما استدعى رد فعل صهيوني بلغ إلى حد اتهام فرنسا بقيادة حرب صليبية على  ما أسمته “الدولة اليهودية”!. و في محاولة فهم الخلفيات السياسية لهذا التنابز العلني بين دولتين “حليفتين”، وفرت فرنسا للدولة العبرية كل أسباب المنعة و التمكين منذ النشأة، فما الذي استجد؟.
تواجه القارة العجوز تحديات وجودية نتيجة حرب أوكرانيا بسبب الغزو الروسي المتواصل و تراجع فرص الحل، و اعتقدت أوساط أوروبية و منها ألمانيا أن تقابل الدولة العبرية هذا الدعم اللامشروط  بتحصين ترسانتها الدفاعية في وجه روسيا في هذه المرحلة المفصلية من النزاع، إلا أن الموقف الإسرائيلي اتسم بالتذبذب و الضبابية.
كما تلقت القارة الأوروبية صفعة قوية من إدارة ترامب بسبب سياساته  الاقتصادية و الدفاعية التي تميل إلى تهميش و التضييق على حليف تاريخي. بالمقابل  تخوض إدارة ترامب مفاوضات مع روسيا ربما تكون مخرجاتها على نقيض مصالحها الحيوية.
ولعل النقطة ما أفاضت الكأس مخرجات الحرب على غزة حيث أن سعي النتن ياهو لتغيير خريطة الشرق الأوسط، سيجعل الدور الفرنسي في المنطقة و في بلاد الشام هامشي حيث شرع في تقاسم النفوذ بين تركيا و الكيان(مفاوضات اذربجان)، فيما يبقى الدور الفرنسي في لبنان تحت رحمة الكيان. و إذا مضت حكومة اليمين المتطرف في مشروعها التلموذي فلن يكون الدور الأوروبي ملحقا، بل خارج اللعبة عمليا، و ربما هذا ما استفز صانع القرار الفرنسي ، حيث بدأ برفع الصوت، و الحملة ضد ما أسمته بمؤامرة الإخوان المسلمين على فرنسا نكاية بأردوغان !؟.
اعتقدت بعض النخب الأوروبية أنها تخوض معركة مقدسة و مصيرية و لهذا راهنت على نصر ساحق و ماحق في غزة، و سخروا في سبيل ذلك دعما تقانيا و معلوماتيا و لوجستيا، و الآن مع هذه العربدة اليمينية التي تمردت على القرارات الأوروبية، أحرجت صانع القرار في اوروبيا أخلاقيات،  وتبدى في الأفق مظاهر لجغرافية سياسية نسخت مخرجات سايكس بيكو.
كاتب مغربي/إسبانيا