نجاح محمد علي: قضية إليزابيث تسوركوف، الإسرائيلية المخطوفة ببغداد، ما بين الأطر الأكاديمية واتهامات التجسس واستغلال كيان الاحتلال ضد إيران

نجاح محمد علي: قضية إليزابيث تسوركوف، الإسرائيلية المخطوفة ببغداد، ما بين الأطر الأكاديمية واتهامات التجسس واستغلال كيان الاحتلال ضد إيران

 

 

نجاح محمد علي

إليزابيث تسوركوف، باحثة تحمل الجنسيتين {الإسرائيلية} والروسية، وطالبة دكتوراه في جامعة برينستون بالولايات المتحدة، اختُطفت في بغداد بتأريخ 26 مارس 2023 أثناء إجرائها بحثًا أكاديميًا ،كما تروج وسائل إعلام محددة معروفة الهوية والتوجه ، و عملاء الوحدة 8200 . دخلت العراق بجواز سفرها الروسي بحجة دراسة مواضيع تتعلق بالشرق الأوسط، بما في ذلك التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر.

الاتهامات:
ذكرت بعض الجهات العراقية أن تسوركوف كانت تعمل كجاسوسة لصالح كيان الاحتلال أو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA). في نوفمبر 2023، بثت قناة “الرابعة ” العراقية مقطع فيديو يُظهر تسوركوف وهي تعترف بعلاقتها بتظاهرات تشرين 2019 في العراق. حسابها على X ( @Elizrael ) توقف عن النشر منذ 21 مارس 2023، وهو تأريخ اختطافها. تحليل منشوراتها السابقة يظهر أنها كتبت عن تظاهرات تشرين ، مشيرة إلى أنها أحدثت “تغييرًا كبيرًا في إدراك السكان وسلوكهم” دون أن تؤدي إلى تغيير سياسي. هذه الكتابات دليل على وجودها في التظاهرات، وإن كانت حملت طابعاً تحليلياً يدعم فكرة الهدف من مجيئها للعراق.
شقيقتها، إيما تسوركوف، ذكرت أن زيارتها كانت أكاديمية بحتة، مرتبطة بدراستها في جامعة برينستون.

تجدر الإشارة إلى أن بعض المراكز الأكاديمية والبحثية الغربية، مثل معهد بروكينغز وجامعات مثل MIT، تلعب دورًا غير مباشر في التغطية على أنشطة التجسس لكيان الاحتلال الصهيوني من خلال إنتاج دراسات منحازة تتجاهل نشاطاته الاستخبارية، وإقامة شراكات مع شركات سيبرانية إسرائيلية مثل NSO Group المرتبطة بوحدة 8200، ودمج خبراء هذه الوحدات كباحثين. هذا التواطؤ يُعزز سردية مضللة تصور الكيان كـ”واحة ديمقراطية سيبرانية”، متجاهلةً عملياته غير القانونية مثل استهداف نشطاء ببرامج مثل بيغاسوس، ويؤثر على السياسات الأمنية الغربية لصالح الكيان.
ربط بقضية إليزابيث تسوركوف:
و بالإشارة إلى أن اتهامات تورط إليزابيث تسوركوف في أنشطة تجسس لصالح كيان الاحتلال قد تستند إلى السياق الأوسع لاستغلال الأغطية الأكاديمية. كونها باحثة في جامعة برينستون، قد يُنظر إلى عملها الأكاديمي في العراق كجزء من هذا النمط، مع وجود أدلة موثقة تؤكد اتهامات التجسس أو ارتباطها المباشر بتظاهرات تشرين أو حزب الله.
تصريحات كيان الاحتلال:
في يوليو 2023، أصدر مكتب رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بيانًا أكد فيه أن تسوركوف “لا تزال على قيد الحياة” واعتبر الحكومة العراقية مسؤولة عن سلامتها. لم تصدر تصريحات مباشرة حديثة من نتنياهو نفسه (حتى مايو 2025)، لكن مصادر من كيان الاحتلال أشارت إلى جهود دبلوماسية بالتعاون مع حلفاء مثل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، النمسا، وكندا للضغط على العراق من أجل إطلاق سراحها.
المفاوضات:
ترددت تقارير عن مفاوضات لإطلاق سراح تسوركوف، لكنها لم تُثبت بشكل قاطع من مصادر رسمية. في مارس 2025، ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” الممولة من السعودية، أن اجتماعًا بين مسؤولين أمريكيين وعراقيين ناقش صفقة محتملة تشمل فدية بقيمة 200 مليون دولار وإطلاق سراح ناشطين، بما في ذلك قائد بحري مرتبط بحزب الله اللبناني. الولايات المتحدة رفضت هذا الاقتراح، مما أدى إلى توقف المفاوضات في تلك المرحلة.
في مايو 2025، نقلت شبكة “الحدث” الممولة من السعودية، عن مصادر عراقية أن جهودًا جادة تُبذل لإطلاق سراح تسوركوف، مع احتمال التوصل إلى اتفاق خلال 10 أيام، وربما نقلها إلى جهة محايدة مثل أذربيجان قبل تسليمها لتجنب الإحراج السياسي للعراق. المفاوضات تشمل أطرافًا دولية، بما في ذلك روسيا وكيان الاحتلال، لكن التفاصيل تظل غير واضحة بسبب سرية المحادثات.
هذه التقارير لم تثبت بأدلة وتظل مرسلة غير موثوقة ولها أهداف وأجندة معروفة.
ردود الفعل الرسمية:

الحكومة العراقية: في يوليو 2023، أعلن المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، فتح تحقيق في اختطاف تسوركوف، لكنه امتنع عن التعليق حتى انتهاء التحقيق.

كتائب حزب الله: أصدرت الجماعة بيانًا دون الإشارة إلى تسوركوف بالاسم، متعهدة بـ”بذل جهود للوقوف على مصير الأسرى الصهاينة في العراق”، دون تأكيد أو نفي مباشر لتورطها.لكن في العموم لايوجد ما يثبت مسؤوليتها فهي لم تتبن أصلاً عملة الاختطاف.

الولايات المتحدة: لم تؤكد الولايات المتحدة تقدمًا ملموسًا في المفاوضات المزعومة ، و رفضت مقترحات مزعومة أيضاً دون دليل، تشمل إطلاق سراح مواطن إيراني يُزعم ارتباطه باغتيال أمريكي في بغداد عام 2022.

روسيا: لم تصدر تصريحات رسمية بارزة رغم الجنسية الروسية لتسوركوف.

سبب عدم إصدار روسيا تصريحات رسمية بارزة بشأن قضية إليزابيث تسوركوف:
رغم أن إليزابيث تسوركوف تحمل الجنسية الروسية، فإن روسيا لم تصدر تصريحات رسمية بارزة بشأن اختطافها في العراق في مارس 2023 لعدة أسباب محتملة:

عدم تأكيد الجنسية: السفير الروسي في العراق، إلبروس كوتراشيف، صرح في يوليو 2023 أن السفارة ليست على علم بجنسية تسوركوف الروسية ولم تتلق طلبات من عائلتها، مما يشير إلى غياب تواصل رسمي من عائلتها أو الجهات المعنية مع روسيا.

العلاقات الدبلوماسية المعقدة: روسيا تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع العراق، وقد تتجنب التدخل العلني لعدم تعقيد هذه العلاقات .

الجنسية المزدوجة: جنسية تسوركوف {الإسرائيلية} قد تجعل روسيا مترددة في التدخل، نظرًا للحساسيات السياسية المرتبطة بكيان الاحتلال، خاصة في ظل موقف العراق الرافض للتطبيع معه.

غياب الضغط العام: على عكس الولايات المتحدة وكيان الاحتلال، لم تُمارس عائلة تسوركوف أو أطراف أخرى ضغطًا علنيًا كبيرًا على روسيا، مما قلل من الحاجة إلى تصريحات رسمية.

السياق الجيوسياسي: روسيا قد ترى القضية كجزء من صراع إقليمي معقد يشمل العراق والولايات المتحدة وكيان الاحتلال، وتفضل التعامل معها بهدوء دبلوماسي أو عبر وسطاء بدلاً من تصريحات علنية قد تؤثر على مصالحها في المنطقة.

ربط بقضية تسوركوف والمراكز الأكاديمية:
إطار عمل تسوركوف {الأكاديمي} في جامعة برينستون قد يُنظر إليه كمثال على استغلال الأغطية الأكاديمية لأغراض استخباراتية محتملة، كما تُظهر الفقرة أعلاه. اتهامات تورطها في التجسس، تتماشى مع نمط استخدام مراكز بحثية غربية لدعم أجندات كيان الاحتلال، مما قد يفسر صمت روسيا إذا كانت ترى القضية مرتبطة بأنشطة استخباراتية وليست مجرد اختطاف مواطنة، مع وجود فيديو “الاعترافات” (نوفمبر 2023) ، و ارتباطها بتظاهرات تشرين أو  المشاركة في الحرب على حزب الله و المدعومة بأدلة قوية.

الادعاءات حول نقل إليزابيث تسوركوف إلى إيران ومن يروجها:
الادعاءات حول نقل إليزابيث تسوركوف إلى إيران بعد اختطافها في بغداد في مارس 2023 لم تُثبت بأدلة رسمية، ويبدو أنها تُروج بشكل رئيسي من خلال وسائل إعلام عبرية وتسريبات غير مؤكدة. هذه الادعاءات قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع لكيان الاحتلال لربط القضية بإيران، مما قد يخدم أهدافاً سياسية، بما في ذلك التأثير على المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة:

مصادر الادعاءات:

تقارير إعلامية عبرية ، مثل تلك من القناة 11 العبرية (يوليو 2023)، زعمت أن تسوركوف نُقلت إلى إيران عبر كتائب حزب الله، نقلاً عن مصدر عراقي مجهول، دون تقديم أدلة ملموسة.

منشورات على منصة X ينشرها في الغالب عملاء الوحدة 8200 ، ربطت القضية ضمنيًا بإيران من خلال الحديث عن مفاوضات تتضمن معتقلين إيرانيين، لكنها تظل تكهنات غير مدعومة.

تقارير عراقية، مثل تلك من قناة “الرابعة”، أشارت إلى مفاوضات تشمل إطلاق سراح إيرانيين، مما يوحي بتورط إيراني محتمل، لكنها لم تؤكد نقل تسوركوف إلى إيران.

علاقة ذلك بالمفاوضات النووية:

سياق المفاوضات النووية: في مايو 2025، أفادت تقارير أن الجولة الخامسة من المباحثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في روما لم تحرز تقدمًا ملحوظًا، مع وجود خلافات حول تخصيب اليورانيوم وشروط واشنطن غير القانونية. تسريبات إعلامية، مثل تلك التي نقلتها CNN عن تهديدات {إسرائيلية} بضرب المنشآت النووية الإيرانية، وُصفت كورقة ضغط أمريكية مدعومة من كيان الاحتلال لتشديد الموقف ضد إيران.

دور كيان الاحتلال: كيان الاحتلال لديه تاريخ في محاولة تعطيل المفاوضات النووية من خلال تصعيد التوترات، كما حدث في تسريبات عن ضربات محتملة ضد إيران. ربط قضية تسوركوف بإيران قد يكون محاولة لتصوير إيران كداعمة لـ”الإرهاب” أو كطرف معرقل في قضايا إقليمية، مما يبرر ضغوطًا دبلوماسية أو عسكرية أكبر. هذا يتماشى مع السردية التي تروجها بعض المراكز الأكاديمية الغربية، كما ذُكر سابقًا، التي تصور كيان الاحتلال كحليف ديمقراطي في مواجهة “تهديدات إيرانية”.

عدم وجود أدلة: لا توجد أدلة رسمية تؤكد نقل تسوركوف إلى إيران. وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أكد في يناير 2025 أنها على قيد الحياة وأن العراق يعمل على إطلاق سراحها، دون ذكر إيران. الولايات المتحدة نفت تقدمًا في صفقات تشمل معتقلين إيرانيين، مما يقلل من مصداقية هذه الادعاءات.

من يروج لهذه الادعاءات؟:

وسائل إعلام كيان الاحتلال: مثل القناة 11 و”تايمز أوف إسرائيل”، التي ربطت الحادث بإيران لتأكيد رواية تورط كتائب حزب الله، مما يخدم أجندة تصعيد ضد إيران.

مصادر عراقية غير رسمية: بعض القنوات العراقية، مثل “الرابعة”، أشارت إلى مفاوضات تشمل إيران، لكن دون أدلة مباشرة على النقل.

منصة X: حسابات مثل
 و@Hber_iq

قنوات قضائية معروفة بتوجّهها المعادي لايران عبر استضافة محللين على شاكلتها، تروج لروايات تربط القضية بإيران، لكنها تعتمد على تكهنات وتفتقر إلى أدلة موثقة.

التقييم:

ربط قضية تسوركوف بإيران يبدو جزءًا من استراتيجية إعلامية قد تدعمها كيان الاحتلال لزيادة الضغط على إيران في سياق المفاوضات النووية. هذه الرواية تتماشى مع الجهود التأريخية لكيان الاحتلال لتصوير إيران كتهديد إقليمي، كما حدث في تسريبات عن ضربات محتملة ضد منشآتها النووية.

ومع ذلك، غياب الأدلة على نقل تسوركوف إلى إيران، وتأكيدات العراق بأنها محتجزة داخل البلاد، يشيران إلى أن هذه الادعاءات قد تكون مبالغ فيها أو ملفقة لأغراض سياسية.

ربط بالمراكز الأكاديمية: الفقرة السابقة حول المراكز الأكاديمية الغربية توضح كيف تُستخدم السرديات الأكاديمية لدعم كيان الاحتلال. اتهامات تجسس تسوركوف، رغم عدم إثباتها، قد تُستغل لتعزيز هذه السردية، خاصة إذا تم ربطها بإيران لتصعيد التوترات أثناء المفاوضات النووية.

خلاصة:
الادعاءات حول نقل تسوركوف إلى إيران تُروج بشكل رئيسي من وسائل إعلام عبرية وبعض المصادر العراقية غير الرسمية، دون أدلة موثقة. هذه الادعاءات قد تكون جزءًا من محاولات كيان الاحتلال لتأليب الرأي العام ضد إيران، مما يدعم الضغوط على المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، خاصة في ظل تسريبات عن تهديدات عسكرية يطبقها الكيان .

التطورات الأخيرة:
في يناير 2025، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لموقع “أكسيوس” أن تسوركوف لا تزال على قيد الحياة وأن العراق يسعى لإطلاق سراحها. تقارير إعلامية، مثل تلك في “العين الإخبارية” و”الحدث”، أشارت إلى مفاوضات قد تشمل إطلاق سراح تسوركوف مقابل أسرى من حزب الله اللبناني أو دفع فدية، لكن هذه التقارير تعتمد على مصادر غير رسمية ولم تُؤكد حكوميًا.ة، وينبغي التعامل معها بحذر شديد.
المصادر:

الرسمية: بيان مكتب نتنياهو (يوليو 2023)، تصريح الحكومة العراقية (يوليو 2023)، وتعليق وزير الخارجية العراقي (يناير 2025). هذه تؤكد الاختطاف ومسؤولية العراق عن سلامتها، دون تفاصيل عن المفاوضات.

الإعلامية: تقارير من “الشرق الأوسط”، “الحدث”، و”العين الإخبارية” تذكر مفاوضات، لكنها تعتمد على مصادر مجهولة.

منصة X: منشورات مثل تلك من @AlMayadeenNews
و https://x.com/elizrael
تحتوي على أدلة قوية، مثل اتهام تسوركوف بالتجسس، ويجب التعامل معها كما هي .

خلاصة:
إليزابيث تسوركوف اختُطفت في بغداد في مارس 2023. كيان الاحتلال أكد في يوليو 2023 أنها على قيد الحياة واعتبر العراق مسؤولًا عن سلامتها. تجري مفاوضات محتملة ، لكنها لم تُؤكد رسميًا. الادعاءات حول نقل تسوركوف لايران لم تُثبت وتروّجها مصادر عبرية و أخرى مرتبطة بالوحدة 8200 للتأثير على المفاوضات النووية الإيرانية الأمريكية ، ويُنصح بمتابعة بيانات الحكومات العراقية، الأمريكية، والإيرانية  للحصول على معلومات موثوقة.
نجاح محمد علي صحافي استقصائي باحث في الشؤون الإيرانية والاقليمية