طه درويش: حول ارتكاب جريمة الكتابة وتسعة أقمار “آلاء النجار” التي احترقت.

طه درويش
أنا في حِداد..
أرتدي الأسوَد في قَلبي..
وَروحي ظَلامْ..
أقمارُ “آلاء النّجار” التّسعة هُم أطفالي..
وَ”الأكفان” الّتي احتَضَنَت أجسادهم المُحتَرِقَة..
هِيَ “الأكفان” الّتي أَطبَقَتْ على لُغَتي وخَنَقَت كَلِماتي..
أَخْجَلُ مِنْ نَفسي..
وكلماتي هِيَ “العار”…
سَأَتَوَقَّفُ حِداداً على “أقمارِ” آلاء..
سَأَتَوَقَّف عن اقترافِ “جريمة” الكِتابة.. إِلى حينْ!!
كُلّما أمْسِكُ “القَلَم” أراهُ “جَمرَةً” مِنْ نار..
أرى “آلاء النّجار”..
يُحاصرني دمعها..
تُزَلْزِلني صرخَتها..
أَرى “أقمارها” التّسعة..
يَنظرونَ نحوي بِعتابٍ..
بَلْ يُمزِّقونَ روحي بِسكّين “الاحتقار”..
أطفالٌ تسعة.. بِأكفانِهِم البَيْضاء..
يحتقرونَ “كِتاباتي” وَما أبوحُ بِهِ مِنْ كَلِماتْ!!
سَأغادِر الكَلِمات.. سَتُغادرني الكَلِمات.. وَلا أدري مَتى سَأعود!!
آلاء النّجار :
أُعلِنُ بَيْنَ يَدَيْكِ الطّاهِرَتَيْن..
جاثِياً على رُكْبَتَيّ في حضَرَةِ حُزْنِك..
وَألَمِك..
وَدَمْعِك..
وَذُهولِك..
وَفَجيعَتِك..
وَصَبْرِك..
وَنُبْلِك..
وأمومَتِك..
وبَهائِك..
أُعلِنُ أمامَكِ يا “أسطورة الأساطير”..
أُعلِنُ عَن انْتحارِ الّلغَةِ..
وأُعلِنُ َمَوْتِ الكَلِماتْ!
هَلْ سَتَغْفِر لَنا “آلاء النّجار”..؟؟!!
هَلْ سَتَغْفِر لَنا وَقاحَتنا وَجُرأتنا المُكَلَّلَة بِالخِزْيِ والعار..
إِذْ نَتَسَمَّر أمام “الجزيرة”.. بِبَلادَةٍ وَقِلّة حَياء.. نحتسي الشّاي.. ونمضع ما تجود بِهِ المائدة مِنَ “المُكسَّراتْ”.. وَنُشاهِد.. نَعَم نُشاهِد “آلاء النَّجار”.. طبيبَة الأطفال المُناوِبَة وَهِيَ تستقبل “جثامين” أطفالِها التّسعة.. نَعَم… تسعة أطفال.. تسعة أطفال.. تسعة أطفال.. في “أكياس” بَيْضاء نُسمّيها “الأكفانْ”!!
هَلْ سَتَغْفِر لَنا “آلاء النّجار”؟؟!!
كاتب وأكاديمي أردني