إسرائيل تعترف بفشل أمني واستخباراتي بعد حادثة واشنطن عقب إخفاق أمستردام المدوّي.. تحقيقات حول إلياس رودريغيز: هل نفذ العملية دعماً لفلسطين أم بدافع معاداة السامية؟ تزايد العمليات “الإرهابية” ضد بعثات الكيان في جميع أنحاء العالم.

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
كشفت مصادر أمنيّة وسياسيّة، وُصِفَت بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب، كشفت النقاب عن أنّ أجهزة الأمن الإسرائيليّة تعتزم فتح تحقيقٍ واسعٍ في أعقاب الهجوم الذي وقع الخميس الماضي، أيْ أوّل من أمس، في العاصمة الأمريكية واشنطن، مستهدفًا حدثًا نظمته السفارة الإسرائيلية والجالية اليهودية، وذلك في ظلّ مشاركةٍ رسميةٍ من دبلوماسيين إسرائيليين.
ووفقا لآفي أشكنازي المحلل العسكري في صحيفة (معاريف) العبريّة، فإنّ التحقيقات الأولية تشير إلى “فشلٍ استخباراتيٍّ وأمنيٍّ مشتركٍ لثلاث جهات إسرائيلية، هي: الموساد، وقسم الأمن في جهاز الأمن العذام (الشاباك)، وأمن وزارة الخارجية”، على ما نقل عن مصادره المطلعة على ما يجري وراء الكواليس.
وذكر المحلل في تقرير نشرته الصحيفة العبرية ذاتها، أنّ منفذ الهجوم تمكن من الوصول إلى المتحف اليهوديّ الذي استضاف المناسبة، “وقام بقتل زوجيْن اثنيْن أثناء خروجهما من المتحف، ثمّ دخل إلى المبنى وهاجم حراس الأمن”، قبل أنْ يسلم نفسه للشرطة وهو يصرخ: “الحرية لفلسطين”.
وشدّدّت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة على أنّه يُنظر إلى هذا الحادث بوصفه الإخفاق الأمني الثاني هذا العام، وفقًا للمحلل أشكنازي، إذ سبقه حادث في العاصمة الهولندية أمستردام في نهاية مباراة لفريق (مكابي تل أبيب) عندما وقعت أعمال عنف بين مشجعي الفريق الإسرائيليّ ومناصرين لفلسطين، في وقت اعتُبر فيه تحذير الموساد “غير مكتمل ولم يشر إلى حجم التهديد”، على حدّ تعبير المصادر.
ووفق أشكنازي، فإنّ “الافتراض السائد لدى الأجهزة الأمنية، حتى من دون تحذير محدد، هو أنّ هناك عددًا من العناصر المعادية التي تسعى إلى إلحاق الضرر بأهدافٍ إسرائيليّةٍ في الخارج”، مشيرًا إلى أنّ “بناء الصورة الاستخباراتية هو من مسؤولية الموساد برئاسة ديدي برنياع، والذي فشل مجددًا في توفير معلومات إنذارية”، طبقًا لأقواله.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، لفت التقرير إلى أنّ “وزارة الخارجية، وبالتوجيه المهنيّ من الشاباك، كان يفترض بها بناء حزمة أمنية مناسبة للحدث، تشمل الحواجز خارج المبنى، ورقابة على محيط الموقع، والتنسيق مع الشرطة المحلية”، إلّا أنّ التحقيقات أظهرت غياب هذه الإجراءات أوْ فشلها.
كما تطرق التقرير إلى التداخل في المسؤوليات، موضحًا أنّ “السفارة الإسرائيليّة في واشنطن مؤمنة من قبل الشاباك، بينما يزعم الجهاز أنّ النشاط خارجها من مسؤولية وزارة الخارجية”، رغم أنّ كليهما يحتفظ بأكبر تواجدٍ أمنيٍّ له خارج إسرائيل في العاصمة الأمريكيّة.
وخلُص التقرير إلى القول إنّه يُنتظر أنْ يقوم التحقيق بالتركيز على عدة تساؤلاتٍ حساسةٍ، من بينها: “لماذا لم تُحدد هوية المنفذ مسبقًا؟ لماذا لم يحاول رجال الأمن التدخل مع بدء إطلاق النار؟ ولماذا لم تتوفر صورة استخباراتية واضحة عن التهديد؟”.
واتهم وزير الخارجية الإسرائيليّ، جدعون ساعر، دولاً أوروبية، بالتحريض على بلاده، بعد مقتل موظفين اثنين في السفارة الإسرائيليّة في واشنطن في هجومٍ وقع أمام المتحف اليهودي في وسط العاصمة الأمريكيّة.
وفي مؤتمرٍ صحافيٍّ في مقر الوزارة التي نكست الأعلام أمامها إلى منتصف السارية، قال ساعر “هناك صلة مباشرة بين التحريض المعادي للسامية والمعادي لإسرائيل وبين جريمة القتل هذه”، مضيفًا “هذا التحريض يمارس أيضًا من جانب قادة ومسؤولين في العديد من الدول والهيئات الدولية، خصوصاً في أوروبا”.
واعتبر ساعر، الهجوم، نتيجة مباشرة لـ “التحريض السام المعادي للسامية ضد إسرائيل واليهود” في جميع أنحاء العالم منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشدداً على أنّ “التحريض والاتهامات الباطلة ضد إسرائيل يجب أنْ تتوقف”.
وأضاف أنّ الإسرائيليين سيبقون معرّضين في كلّ أنحاء العالم لحوادث “إرهابية”، في ظلّ استمرار “موجة معاداة السامية”، لافتًا إلى أنّه لا يمرّ أسبوع “دون وقوع حدثٍ إرهابيٍّ أوْ محاولة القيام بعملٍ إرهابيٍّ ضدّ البعثات الدبلوماسية الإسرائيليّة”، على حدّ تعبيره.
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إنّه أصدر تعليماته بتعزيز التدابير الأمنيّة في بعثات بلاده الدبلوماسيّة حول العالم، بعد هجوم واشنطن.