حزب العمال الكردستاني يعلن عن إنهاء 40 عامًا من النزاع من خلال حلّ نفسه وتسليم سلاحه.

حزب العمال الكردستاني يعلن عن إنهاء 40 عامًا من النزاع من خلال حلّ نفسه وتسليم سلاحه.

اسطنبول- (أ ف ب) – أعلن حزب العمال الكردستاني الاثنين حل نفسه وإنهاء أكثر من أربعة عقود من التمرّد المسلّح ضد الدولة التركية خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.
واعتبر الحزب في بيان نقلته وكالة فرات للأنباء المقرّبة منه، أنه أنجز “مهمته التاريخية” و”أوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديموقراطية”.
وأكّد الحزب أن مؤتمره الثاني عشر الذي عُقد في جبال قنديل بشمال العراق بين الخامس والسابع من أيار/مايو، “اتخذ … قرارات بحل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح وإنهاء الأنشطة” التي كانت تمارس باسمه.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني دوران كالكان للمندوبين في تصريحات نقلتها وكالة فرات “هذه ليست النهاية، بل هي بداية جديدة”.
ويأتي الإعلان تلبية لدعوة أطلقها في 27 شباط/فبراير مؤسس الحزب عبدالله أوجلان المسجون في جزيرة إيمرالي قبالة اسطنبول منذ 1999 حثّ فيها مقاتليه على نزع السلاح وحلّ الحزب.
وعلى الأثر، وفي الأول من آذار/مارس، أعلن الحزب الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون “منظمة إرهابية”، وقف إطلاق النار بأثر فوري.
ورحّب حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان الاثنين بما اعتبره “خطوة مهمة نحو جعل تركيا خالية من الإرهاب”.
وقال المتحدث باسم الحزب عمر جيليك “يجب تنفيذ هذا القرار وتطبيقه بكل أبعاده”، معتبرا أن “إغلاق كلّ فروع حزب العمال الكردستاني وامتداداته وهيكلياته غير القانونية سيشكّل نقطة تحول”.
من جهته، قال مدير الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون إنه “سيتم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تقدّم العملية بشكل سليم وسلس”، من دون مزيد من التفاصيل، فيما أشاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بـ”مرحلة تاريخية ومشجّعة” تجعلنا “نفتخر كثيرا ببلدنا”.
ورحّبت وزارة الخارجية العراقية بـ”هذا التطور (الذي) يشكّل مدخلا طبيعيا لإعادة النظر في الذرائع والمبررات التي طالما استُخدمت لتبرير وجود قوات أجنبية على الأراضي العراقية”.
بدوره، أكّد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني “استعداد” إقليمه “الكامل للاستمرار في تقديم أي نوع من المساعدة والتعاون لإنجاح هذه الفرصة التاريخية”.
كذلك اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن “الاتفاق” بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني يشكل “لحظة فارقة” على صعيد استقرار المنطقة.
وقالت عائشة غول دوغان المتحدثة باسم حزب المساواة وديموقراطية الشعوب المعارض والمؤيد للأكراد في تركيا والذي لعب دورا رئيسيا في هذه العملية، “فُتح الباب على مصراعيه للحل سياسي للمشكلة الكردية”.
– “مسؤولية تاريخية” –
وفي وسط مدينة دياربكر بجنوب شرق تركيا وحيث غالبية السكان أكراد، قوبل إعلان حزب العمال الكردستاني بالفرح والرقص الشعبي والموسيقى، بحسب لقطات بثتها وسائل إعلامية محلية.
وقال خالد محمد (55 عاما) المقيم في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق ” نطالب بأن تكون عملية السلام جدية وبضمانات دولية”، مضيفا “لم تكن الحكومات في المنطقة تلبّي مطالب الأكراد، لذلك الأكراد موجودون في الجبال ويناضلون”.
ولم يعرف بعد مصير أوجلان (76 عاما)، غير أن مسؤولا في حزب العدالة والتنمية لمح إلى أن نظام اعتقاله “سيُخفّف”، بدون أن يتطرّق إلى إمكان إطلاق سراحه، بحسب “صحيفة تركيا” الموالية للحكومة.
ولفت أيضا إلى أن الزعيم الكردي الذي يحظى بتقدير كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن و”يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج”.
وقال حزب العمال الكردستاني الاثنين إن حلّ نفسه “يوفر أساسا قويا للسلام الدائم والحل الديموقراطي”، داعيا البرلمان التركي “إلى لعب دوره بمسؤولية تاريخية”.
وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ حوالى عقد، أطلق معسكر إردوغان مبادرة تولى حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي طرحها على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة، عبر وفد من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب في تشرين الأول/أكتوبر.
ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحلّ حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه.
وصف إردوغان نداء أوجلان بأنه “فرصة تاريخية”، لكنه توعّد بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني “في حال لم يف بوعوده”.
وفي منتصف آذار/مارس، أكّد حزب العمّال الكردستاني “استحالة” عقد مؤتمر لإعلان حلّه بسبب استمرار القصف التركي على مواقعه.
– “تعزيز سلطة” اردوغان –
وترى مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط غونول تول أن “المحرّك الأساسي (لهذه العملية) لطالما كان رغبة إردوغان في تعزيز سلطته”، مشيرة في تصريح لوكالة فرانس برس إلى أنه قد يترشح من موقع قوة في انتخابات 2028 في مواجهة معارضة منقسمة.
وتشير الباحثة إلى أن أكراد تركيا لم ينضموا إلى تظاهرات المعارضة التي نددت بتوقيف رئيس بلدية إسطنبول المُعارض أكرم إمام أوغلو منذ 19 آذار/مارس وهو مرشح حزب الشعب الجمهوري المؤيد للأكراد، للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتضيف “يُظهر غياب المشاركة الكردية في هذا التجمع نجاح استراتيجية اردوغان القائمة على مبدأ فرّق تسد”.
وتؤكد أن الرئيس التركي “لطالما سعى إلى إثارة خلاف بين الحزب المؤيد للأكراد وبقية أحزاب المعارضة، وهذا ما يحدث بالضبط”.
تأسس حزب العمال الكردستاني في العام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة “إرهابية”. وأطلق تمردا مسلحا ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون حوالى 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وفي شمال العراق تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب الذين يتمركزون في معسكرات في إقليم كردستان.