نور ملحم: ما هي تأثيرات التغيرات السياسية على الساحة العالمية؟

نور ملحم
يواجه العالم اليوم تغيرات جذرية في المواقف السياسية للقوى الكبرى، والتي تعكس صراعًا بين المصالح الوطنية والاستراتيجيات الجيوسياسية. من بين هذه التحولات، يبرز الموقف الأمريكي المتغير تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيره المحتمل على وحدة حلف الناتو، بالإضافة إلى التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، والذي بات يأخذ طابعًا أكثر حزمًا في مواجهة الجماعات الإرهابية.
التغير في موقف الولايات المتحدة تجاه الحرب الروسية الأوكرانية قد يشكل نقطة تحول في الصراع المستمر منذ عام 2022، حيث لا يعتبر دونالد ترامب أن هذه الحرب ضرورية للمصالح الأمريكية، ويرى أن استمرار الدعم المالي والعسكري لها يشكل عبئًا غير مبرر على واشنطن. وفق هذا الطرح، قد يكون هناك ضغط أمريكي على أوكرانيا لإيقاف الحرب والدخول في صفقة مع روسيا، حتى لو تطلب ذلك تنازلات كبيرة، مثل الاعتراف بضم المناطق الأربع التي استولت عليها موسكو.
هذا التوجه، إن تحقق، سيؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الدولية ويضعف وحدة حلف الناتو أمام التهديدات الروسية، كما سيعطي موسكو نفوذًا أكبر في المنطقة، مما قد يشجعها على اتباع سياسات توسعية جديدة.
في سياق آخر، نفذت القوات الهندية عملية عسكرية دقيقة ضمن عملية سيندور، تمكنت خلالها من القضاء على عبد الرؤوف أزهر، القائد الأعلى لجماعة جيش محمد الإرهابية، والذي كان متورطًا في اختطاف وقتل الصحفي الأمريكي دانيال بيرل عام 2002. هذه العملية لم تكن مجرد ضربة عسكرية، بل جاءت كموقف سياسي واضح من الهند، يؤكد أنها لن تتهاون في مواجهة الإرهاب العابر للحدود.
الهند، التي لطالما رفضت الوساطة الدولية في نزاعها مع باكستان، ترسل من خلال هذه العمليات العسكرية رسالة واضحة بأنها ستتبنى سياسات أكثر صرامة في مواجهة الجماعات المسلحة، خاصة تلك التي تتخذ من باكستان قاعدة لها. وفي الوقت الذي أعلن فيه ترامب وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان عبر منشور على منصة “تروث سوشيال”، يبقى السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه التطورات إلى تهدئة التصعيد، أم أن الهند ستواصل ضرباتها الاستباقية ضد الجماعات التي تهدد أمنها القومي؟
هذه التحولات السياسية تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الدولي، حيث قد يؤدي تغير الموقف الأمريكي تجاه أوكرانيا إلى تعزيز مكانة روسيا في النظام العالمي، بينما قد يُعتبر التصعيد الهندي خطوة نحو مواجهة أكثر صراحة للإرهاب، بعيدًا عن الوساطات الدبلوماسية التقليدية.
يبقى السؤال الأهم: هل نشهد تحولًا استراتيجيًا نحو حلول أكثر عملية، أم أن هذه التحولات مجرد مقدمات لمرحلة جديدة من الصراعات الدولية؟
كاتبة سورية