ضياء اسكندر: من المسؤول عن الكارثة السورية؟ ومن يجرؤ على الاعتراف بها؟

ضياء اسكندر: من المسؤول عن الكارثة السورية؟ ومن يجرؤ على الاعتراف بها؟

ضياء اسكندر

منذ اللحظة الأولى لانفجار الأزمة السورية، كان واضحاً أن النظام المخلوع يتحمل القسط الأكبر من الدماء المسفوكة، إذ ظلّ يرفض حتى أنفاسه الأخيرة أي حل سياسي يجنب البلاد الكارثة.
لكن هل يمكن اختزال كل هذه المأساة بشخص بشار الأسد وحده؟ أم أن هناك أطرافاً أخرى إقليمية ودولية تلطخت أيديها بما جرى ويجري في سوريا؟
في قناعتي أن مسؤولية القوى ذات النفوذ – روسيا وتركيا وإيران وأمريكا وإسرائيل وقطر والسعودية – لا تقل عن مسؤولية رأس النظام. بل ربما تجاوزتها حين رأت في سوريا ساحة لتصفية حساباتٍ كبرى، وأجنداتٍ لا علاقة لها بمصير السوريين.
لم يكن التدخل الروسي في 30 أيلول 2015 مجرد دعم عسكري عابر، بل كان إعلاناً صريحاً بأن القرار السوري لم يعد سورياً. ولم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى صدر القرار الأممي الشهير 2254، الذي كان يُفترض أن يشكل خريطة طريق نحو السلام. غير أن النظام، مدفوعاً بظهره الروسي، استمات لتعطيل القرار، وتلاعب بمسار اللجنة الدستورية التي شُكلت بضغط روسي بوصفها “مفتاح الحل”.
كلنا تابع كيف تحولت جلسات اللجنة إلى مسرح عبثي؛ حوارات مطاطة لا تُفضي إلى شيء، وكأن المطلوب هو إفراغ القرار من محتواه، وإطالة أمد الأزمة حتى يُنسى العالم مأساة سوريا أو ينشغل بسواها.
حينها تساءلتُ، كما تساءل كثيرون: لماذا اقتصرت جهود الروس على تشكيل لجنة لصياغة دستور، وتجاهلوا البند الأهم من القرار الأممي، وهو تشكيل حكومة انتقالية جامعة؟
لو وُجدت إرادة حقيقية، لكان بالإمكان الاتفاق على دستور جديد خلال أشهر معدودة. لكنّ تعطيل الحل السياسي كان هدفاً بحد ذاته؛ إبقاء الوضع مشلولاً حتى تغيّر الوقائع على الأرض لصالح قوى الأمر الواقع.
روسيا، بقواتها التي تجاوزت آنذاك 60 ألف جندي، وبسطوتها المطلقة على مفاصل القرار السوري، كانت تملك القدرة – إن أرادت – على فرض تغيير سياسي حقيقي. لكنها فضّلت إبقاء الوضع كما هو، رهاناً على مصلحة قصيرة النظر، وتجاهلاً للمأساة الممتدة.
واليوم، بعدما سُلّم مصير دمشق لجهات متطرفة بتواطؤ إقليمي ودولي، ودفع السوريون من دمائهم ومستقبلهم أثماناً باهظة، تتصاعد نذر حرب أهلية قد تقتلع ما تبقى من البلاد وتدفع بها نحو التقسيم والضياع.
في مواجهة هذا المصير القاتم، لا بدّ من صحوة وطنية شاملة: مؤتمر وطني عام يجمع كل القوى الحيّة بعيداً عن لغة السلاح والارتهان للخارج، يعقبه تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تتولى تضميد الجراح، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وإلا…
فإن القادم قد يكون أبشع مما تجرّعناه حتى اليوم.
كاتب سوري