آلاف الفلسطينيين بلا ماء بعد قصف إسرائيل محطة تحلية مياه شرق غزة ( تقرير إخباري)

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر
غزة/جمعة يونس/الأناضول: في حي التفاح شرق مدينة غزة، لم تعد المياه تتدفق كما كانت من محطة “غباين”، بل تحولت إلى ذكرى موجعة بعد أن دمّر القصف الإسرائيلي هذا المرفق الحيوي بالكامل.
المنشأة الحيوية التي تمدّ الآلاف من سكان شمال قطاع غزة، تحولت إلى كومة من الركام بعد قصف إسرائيلي متعمد، في حلقة جديدة من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على البنية التحتية في القطاع منذ 18 شهراً.
هذا الاستهداف الثالث لمحطة تحلية المياه منذ بداية حرب الإبادة، والتي تُعد من المصادر الحيوية التي تغذي منطقة شرق غزة بالكامل، إلى جانب أجزاء من مدينة غزة وامتدادًا حتى جباليا شمالاً.
يأتي هذا القصف ضمن سياسة ممنهجة اتبعتها إسرائيل منذ بداية الحرب، حيث استهدف بشكل متعمد آبار المياه والبُنى التحتية المرتبطة بها، ما أدى إلى انقطاع إمدادات المياه التي كانت تصل إلى غزة عبر الخطوط الإسرائيلية.
وضاعفت إسرائيل معاناة سكان مدينة غزة، بعد أن أوقفت السبت، المياه الواصلة من شركة “ميكروت”، والتي تمثل 70 بالمئة من إجمالي الإمدادات المتوفرة فيها، وسط تحذيرات من أزمة عطش كبيرة بين النازحين الذين يعانون أوضاعا معيشية صعبة.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 166 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
أزمة عطش مضاعفة
ويقول أحمد غباين، نجل صاحب محطة “الأقصى – غباين”، إن القصف الإسرائيلي لم يستهدف فقط منشأة لتوزيع المياه، بل دمّر جزءًا من حياة عائلته.
ويضيف للأناضول: ” كانت هذه المرة الثالثة التي تُقصف فيها المحطة، ورغم كل الدمار كنا نعود ونرممها بما توفر لنا من مال وإمكانات، فقط لنوفّر الماء للناس. شقيقي كان في المحطة يوم القصف الأخير… استشهد وأشلاؤه تناثرت بين الأنابيب والخزّانات.”
ويشير إلى أنه ” في كل مرة كنا نجمع أنفسنا من جديد، ننقل المعدات، نبدأ من الصفر، حتى اضطررنا للعمل من منزل متنقل (كرفان) لإعادة تشغيلها”.
ويؤكد أن هذه المحطة لم تكن مجرد مشروع عائلي، بل كانت تخدم مناطق واسعة من التفاح، الشجاعية، الدرج، الشيخ رضوان، وحتى جباليا شمالًا.
وتنتج المحطة 20 كوبًا من المياه في الساعة، وتُعد من أكبر المحطات في المنطقة، وفق غباين.
ويتابع بصوت تغلبه الحسرة: “قبل أيام فقط سمعنا انفجارًا ضخمًا… عرفنا أن المحطة ضُربت مجددًا. اليوم، لا ماء ولا أمل. الناس كانت تأتي من أماكن بعيدة، لتعبئة المياه. لكن الآن أزمة العطش تتضاعف”.
وفي مارس الماضي، قطعت إسرائيل الكهرباء المحدودة الواصلة إلى محطة تحلية المياه الرئيسية وسط قطاع غزة، فيما توقفت بعدها بأيام ثاني أكبر محطة في القطاع بسبب نفاد كميات الوقود، حيث تغلق إسرائيل المعابر منذ مطلع الشهر نفسه إمعانا بإبادتها الجماعية.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن إسرائيل دمرت 719 بئرا للمياه وأخرجتها عن الخدمة وذلك في مختلف مناطق القطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
المحطة الأكبر في الشمال
ويقول أحد سكان الحي، وهو من المستفيدين من المحطة، إن استهدافها شكّل “ضربة قاسية” لمئات العائلات التي كانت تعتمد عليها كمصدر أساسي للمياه.
و مفضلا عدم ذكر اسمه، يضيف للأناضول: “كنا نعتمد على هذه المحطة بشكل أساسي لتأمين المياه لعائلتي. بعد قصفها، اضطررنا للبحث عن مصادر بديلة، وغالبًا ما تكون بعيدة ومياهها غير نظيفة، وهذا زاد من معاناتنا اليومية.”
ويشير إلى أن المحطة “كانت تغطي مناطق واسعة، خاصة مع إغلاق الجنوب في بدايات الحرب”.
ويتابع: “كانت عمليًا هي المحطة الوحيدة التي توزع المياه على شمال القطاع، حيث المياه المالحة لاستخدامها في الحمامات، والمياه الحلوة للشرب.”
ويلفت إلى أنه لم يتبقَّ سوى محطة واحدة لا يمكنها تغطية حاجة السكان، ولا تُقارن بحجم المحطة التي دمرتها الإسرائيل.
ويقول: “الناس تعاني، نقطع مسافات طويلة وننتظر ساعات من أجل تعبئة جالون واحد، وأحيانًا يكون لعائلة كاملة مكونة من خمسين شخصًا.”
ورأت حركة حماس، أن تدمير إسرائيل لمحطة تحلية المياه “جريمة حرب موصوفة” تهدف إلى إحكام حلقات الحصار والتضييق على المدنيين الأبرياء في غزة.
ومنذ 2 مارس الماضي، يمنع الجيش الإسرائيلي دخول الإمدادات الأساسية من غذاء ومياه وأغذية لقطاع غزة عقب إغلاقه للمعابر ما تسبب في كارثة إنسانية وتفاقم للمجاعة.
تفاقم الأوضاع المعيشية
ويصف المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، الواقع المائي في القطاع بأنه “كارثي”، مشيرًا إلى أن العدوان الإسرائيلي تسبّب في استهداف أكثر من 40 بئر مياه رئيسي منذ بدايته، ما أدى إلى انخفاض حاد في كميات المياه المتوفرة.
وقال مهنا للأناضول: “البلدية تعمل جاهدة لتوفير بدائل رغم محدودية الإمكانيات، لكن حجم الأضرار كبير جدًا، ويصعب تعويضه في ظل الحصار والعدوان المستمر”.
وأوضح أن توقف خط مياه “مكروت” الإسرائيلي عن الضخ فاقم من الأزمة، وتسبب في عجز تجاوز 70% من احتياجات مدينة غزة من المياه، مشيرًا إلى أن هذا الخط يُعد حاليًا المصدر الرئيسي للمياه في القطاع.
وأضاف: ” الاحتلال دمر أكثر من 64 بئر مياه خلال الحرب، وما يزيد عن 110 آلاف متر طولي من شبكات المياه، وهو ما فاقم من الأوضاع المعيشية بشكل خطير.”
وأشار إلى أن أزمة المياه تتزامن مع تفاقم الجوع والحصار، فضلًا عن التدهور الصحي والبيئي الناتج عن تكدس النفايات وتسرب مياه الصرف الصحي، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا على حياة السكان، خصوصًا في ظل غياب المياه الصالحة للتعقيم والنظافة وطهي الطعام.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 166 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.