صفقة غير مسبوقة لتزويد الغاز الطبيعي بين إسرائيل ومصر.. مع تحذيرات من “اعتماد القاهرة على الغاز الإسرائيلي” ومخاوف من آثار سلبية فورية وخطيرة على الاقتصاد المصري في حال حدوث أي خلل في الإمدادات.

القاهرة ـ “رأي اليوم”-متابعات:
كشفت شركة “نيوميد إنرجي” الإسرائيلية، الشريكة في حقل “ليفياثان” البحري للغاز الطبيعي، يوم الخميس 7 غشت، عن إبرام اتفاق لتوريد الغاز إلى مصر بقيمة مالية ضخمة بلغت 35 مليار دولار، في ما اعتُبر أكبر صفقة تصدير في تاريخ قطاع الطاقة الإسرائيلي.
وبحسب بيان صادر عن الشركة، فإن الصفقة الجديدة سترفع إجمالي حجم الغاز المصدر إلى مصر إلى نحو 130 مليار متر مكعب، ضمن خطة تمتد حتى 31 دجنبر 2040، أو إلى حين استهلاك الكمية المتعاقد عليها بالكامل.
وتهدف الاتفاقية إلى دعم احتياجات السوق المصرية من الطاقة، في وقت تواجه فيه القاهرة تحديات في توفير إمدادات الغاز المحلي، واضطرت خلال السنوات الأخيرة إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال.
الخبير الاقتصادي المصري ممدوح الولي، أعرب عن قلقه من تحول مصر إلى ما وصفه بـ”رهينة للغاز الإسرائيلي”، مشدداً على أن أي اضطراب في الإمدادات قد تكون له انعكاسات فورية وخطيرة على الاقتصاد الوطني، لا سيما على الصناعات الحيوية مثل الأسمدة والحديد.
وأشار الولي إلى حادثة يونيو الماضي، حين أدى تراجع في إمدادات الغاز القادمة من إسرائيل إلى توقف مؤقت لبعض المصانع الكبرى في مصر، لافتاً إلى أن أي تصعيد عسكري في المنطقة، سواء مع إيران أو في حال استهداف حزب الله لحقول الغاز الإسرائيلية، قد يعيد الأزمة إلى الواجهة.
وفي هذا السياق، دعا الخبير المصري إلى التعجيل بتنويع مصادر الطاقة، من خلال توسيع إنتاج حقل “ظُهر” البحري، وتعزيز التعاون مع قبرص، إلى جانب تقليص الاعتماد على السوق الفورية المرتفعة التكاليف.
يرى الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن مصر، من خلال هذه الصفقة، تسهم في تحسين الميزان التجاري لإسرائيل التي تعاني من عجز تجاري بلغ 17 مليار دولار في النصف الأول من العام، بينما تعاني مصر من عجز أكبر بلغ 50 مليار دولار في السنة الماضية، متسائلًا عن جدوى توقيع اتفاق طويل الأمد حتى 2040 في ظل وجود مؤشرات على قدرة مصر على العودة لتصدير الغاز بحلول 2027، إلى جانب اتفاقيات مرتقبة مع قبرص وزيادة متوقعة في إنتاج حقول الغاز المحلية، ما يثير تساؤلات حول مبررات هذا الاعتماد المستمر على الغاز الإسرائيلي.
وانتقد الولي ما اعتبره تناقضاً في السياسات الرسمية، إذ تعلن الحكومة نيتها استئناف تصدير الغاز في عام 2027، بينما تبرم في الوقت ذاته صفقة استيراد هي الأضخم من نوعها، متسائلاً: “لمصلحة من نستورد الغاز ونحن نملك القدرة على رفع الإنتاج المحلي؟”.
الرئيس التنفيذي لشركة “نيوميد”، يوسي أبو، صرّح لوكالة “رويترز” بأن الاتفاق يشكل خيارًا أفضل من استيراد الغاز المسال، وسيساهم، وفق تعبيره، في “توفير مليارات الدولارات للاقتصاد المصري”، معتبرًا أن الصفقة تمثل مكسبًا للطرفين في ظل تقلبات سوق الطاقة العالمية.
ويُذكر أن القاهرة وتل أبيب سبق أن وقعتا اتفاقًا في عام 2019 لتوريد 60 مليار متر مكعب من الغاز من الحقل ذاته إلى مصر، بمعدل 4.5 مليارات متر مكعب سنويًا، في شراكة تضم شركات من إسرائيل والولايات المتحدة.
في المقابل، لم تصدر بعد أي تصريحات رسمية عن وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية بشأن تفاصيل الاتفاق أو توقيت دخوله حيز التنفيذ.
يُشار أيضًا إلى أن صادرات الغاز من حقل “ليفياثان” كانت قد توقفت مؤقتًا خلال المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي، وهو ما أثر مباشرة على الإمدادات إلى مصر قبل أن تُستأنف لاحقًا.