محمد محسن الجوهري: رسالة للسوريين… وظيفة “التكفير” لا تناسبكم

محمد محسن الجوهري
مع كامل الاحترام للشعب السوري، إلا أن مهنة التكفير والإرهاب لا تليق بكم على الإطلاق. فليس كل من حمل ساطورًا صار تكفيريًا؛ فالأمر ليس بالمظاهر فقط، بل له قواعده وأساليبه الاحترافية، ومن الواضح أنكم دخلاء على هذه “المهنة”، ولا أحد منكم يصلح لأدائها كما ينبغي. فهي معقدة ولا تعتمد فقط على السلاح، والأجدر بكم أن تعودوا إلى ما تجيدونه: الدراما، والصناعات القطنية، وما شابهها من المجالات التي تميزتم بها.
وللعلم، فإن كبار التكفيريين في العالم يسخرون منكم، ويعتبرون أنكم شوّهتم سمعة المهنة؛ فلهجتكم، ووسامتكم، وأناقتكم لا تليق بمقام التكفير. كما أن ممارساتكم وعباراتكم تعكس فهماً سطحياً ومشوشًا لمعنى الإرهاب. ولهذا لا يزال الشارع السوري يُفضل التكفيري “المستورد” على المحلي، لأن تكفير الخارج أصيل، أما تكفيركم فمُشوَّه ومُبهدَل، واستمراركم بهذا المستوى لا يبشّر إلا بزوالكم على يد مجموعة تكفيرية أخرى تعبر الحدود إليكم.
أما إسرافكم في ذبح المدنيين وقتلهم، فهو – في عُرف التكفيريين المحترفين – علامة ضعف لا قوة، ويعكس خوفًا متجذرًا وقلقًا داخليًا عميقًا. فالاحترافية في هذا المجال تقتضي الهيبة والرعب النفسي، لا التهور الدموي، فانتبهوا قبل أن ينكشف أمركم أمام بقية الأمم “التكفيرية”، وتُفقَد هيبة المهنة عالميًا.
وبما أنني أنتمي إلى بلد قدّم للعالم نخبة من شيوخ التكفير والإرهاب، أنصحكم بمراجعة أداء كبار خبراء هذا الفن، أمثال الشيخ خالد باطرفي، وأسامة بن لادن، والعولقي، وغيرهم ممن أرسوا دعائم الإرهاب الحديث. فالفرد منهم كان يُسقط مدنًا ومحافظات، وتُسلَّم له معسكرات كاملة، بخطبة واحدة أو جولة ميدانية على متن سيارة مكشوفة، كما حصل في أبين عام 2011، والمكلا عام 2015، دون الحاجة إلى مشاهد الذبح والدم.
ولكم في الشيخ عبد المجيد الزنداني نموذجٌ راقٍ في “التكفير الجميل”؛ فقد خرّج أجيالًا من محترفي التكفير دون أن يثير ضجة عالمية أو يستفز المنظمات الحقوقية. بل لم يُكفِّر أحدًا من أبناء شعبه، وإنما علّمهم فنون التكفير بطريقة تربوية راقية على مبدأ: “لا تُعطني سمكة، بل علّمني كيف أصطاد.”
رجاءً، إن لم تكونوا قادرين على التكفير باحتراف، فلا تحوّلوه إلى مسرحية هزلية. فالمهنة لها تاريخها ورموزها، ولا تحتمل مزيدًا من التشويه على أيدي هواةٍ يخلطون بين “التكبير” و”التكفّير”، وبين الجهاد وتصوير مشاهد أكشن فاشلة.
عودوا إلى كاميراتكم، ومَشاهد الدراما التي تُجيدون فيها البكاء الاصطناعي والتمثيل العميق، أما مشاهد الذبح والتفجير فاتركوها للمدارس العريقة التي خرّجت محترفي الرعب دون أن تسيل منهم قطرة عرق، دعك من الدم.
فلا أنتم أهل فتوى، ولا ملامحكم تصلح لإرهاب طفل، فاستقيلوا من التكفير قبل أن تفصلكم النقابة بتهمة الإساءة للسمعة، أو – وهذا أقسى – أن يُطلب منكم أداء اختبار كفاءة على يد طالبان.
نصيحة أخيرة: ليس كل من صاح “كافر!” صار إرهابياً… أحياناً يكون مجرد “كومبارس” ضايع في مشهد دموي أكبر منه.