أمريكا تتحمل المسؤولية الرئيسية عن فشل المفاوضات!

د. بسام روبين
في عالم تختفي فيه المبادئ وتتوارى الأخلاق خلف ستار المصالح، تبرز حقيقة الولايات المتحدة كقوة لا تبحث عن الإستقرار، بل تصنع الفوضى لتبقي العالم في قبضتها ، فالمفاوضات التي تنهار، والأزمات التي لا تنتهي، والحروب التي تتجدد، ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من السياسات الأمريكية القائمة على مبدأ الفوضى الخلاقة، تلك النظرية التي تذرعت بها واشنطن لتحقيق هيمنتها العالميه ،
والغريب هنا ان امريكا تدعي دوما أنها حامية السلام والوسيط النزيه في النزاعات الدولية، لكن الواقع يكشف العكس تماما ، ففي كل مرة يقترب الأطراف المتنازعون من حل يلوح في الأفق، تتدخل واشنطن إما بشروط تعجيزية أو بعقوبات مفاجئة أو حتى بدعم خفي لأحد الأطراف، مما يؤدي إلى تعطيل المسار التفاوضي وإفشال أي فرصة للتوصل إلى تسوية ، هذه ليست مصادفة، بل هي سياسة ممنهجة تهدف إلى إبقاء المنطقة والعالم في حالة من عدم الاستقرار، لأن الفوضى هي البيئة المثلى لتحقيق المصالح الأمريكية ،
ففي الحرب الظالمه على غزه تتقلب الأهواء السياسية حيث لعبت واشنطن لعبة مزدوجة لسنوات، فبينما ترفع شعار السلام، تواصل دعم الإحتلال وتزوده بالسلاح والغطاء السياسي، مما جعل أي مفاوضات جادة مجرد مسرحية هزلية ،
ولا ننسى ما جرى في أفغانستان، تلك المسرحية المأساوية التي إستمرت لعقدين من الزمن ، وبعد عشرين عاما من الوجود العسكري والمفاوضات الوهمية، إنهار النظام الموالي لواشنطن في ساعات، وكشفت الهزيمة الأمريكية المدوية فكل تلك المفاوضات لم تكن سوى محاولة لشراء الوقت وتبرير وجودها العسكري الفاشل ،
وهنا تظهر الحقيقة التي لا يمكن إنكارها وهي أن أمريكا لا تريد حلولا حقيقية، لأن الحلول تعني نهاية الهيمنة ، فالدول المستقرة لا تحتاج إلى وصاية أمريكية، ولا إلى قواعدها العسكرية، ولا إلى شراء أسلحتها ، لذلك، تفضل واشنطن إبقاء النزاعات على نار هادئة، قابلة للإشتعال في أي لحظة، ففي ذلك ضمانا لإستمرار نفوذها ،
والسؤال المهم هنا متى تدرك الشعوب والحكومات أن أمريكا ليست وسيطا نزيها ؟ بل هي طرف أساسي في صناعة الأزمات ، ومتى يعي العالم أن طريق السلام الحقيقي يبدأ برفض الهيمنة الأمريكية والبحث عن شركاء حقيقيين يؤمنون بالعدل والإستقرار؟ وإلى متى تستمر الأمم بالثقة بواشنطن وهي التي تدفع العالم من أزمة إلى أخرى؟وتبقي على الشرق الأوسط مشتعلا بالفتن والحروب وقتل الإقتصادات وتجويع الشعوب والإستيلاء على خيرات الإقليم ليستمر في ضعفه وفقره ، وتفوق إسرائيل العدو التاريخي للعرب والمسلمين على هذا الإقليم .
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية وأعاد لها مجدها
عميد اردني متقاعد