هبة شعبان: “على وتيرة” .. يا زياد

هبة شعبان
الانتماء لزياد.. هذا مختصر تسمية الشيء الذي يربط من يعتنقون فلسفة زياد الرحباني الموسيقية والفكرية، ومزيجهما الذي يشكّل خطّاً في الحياة ليس يشبهه خطّ، وربما لا يلتفّ برباط مثله جمع.
لا يحتاج من يذكر زياد أن يقول اسمه كاملاً، فالعلامة الفارقة اسمه الأول، أما نسبته الرحبانية فهي سمة الشرف الموسيقي المتوارث كما تتوارث العروش، والذي يدوم إنسانياً أكثر من العروش نفسها، فالفن أبقى من أي سلطة.
في الشرق الأوسط المنكوب بسكانه وأرضه، عادة ما يكون الفن والذوق الرفيع الملاذ الأرقى، والأقرب في الوقت نفسه، فلكم يحب الناس اللجوء لما يشبههم ويتكلم عنهم، ويتحدث باسمهم، ممتلئ بما يعتمل في دواخلهم من صراعات وتساؤلات وسخط وسخرية وأمل وانكسار وشكوى، وهم يهربون من كلّ ما سبق حين يعانون، ليطالعونه في فنّ زياد على سبيل الاستشفاء من الواقع، بواقع موصّف بفنّ الرحباني.. فهل الألم بهذه الفسحة مع زياد لا يؤلم؟ وهل عدم الرضا صار أهون؟
الحقيقة أن الإنسان في هذا العالم العربي – الذي لا ينام على همّ قديم- يتشافى بما يخرجه من الواقع بالواقع ذاته، ويداويه بالداء ويحوّل حياته إلى أغنية ومسرحية وجملة ثم اقتباس، فيفرح بأن هناك من يحس به، ويتكلم عنه وكأنه يعيش معه.
واليوم، وزياد اللحم والدم لم يعد هنا،
هي حقيقة نظرية، لكن فعلياً ليس هناك أبقى من فكر زياد الرحباني وفنه ورنّة عوده.. لأن كلّ ما أنتجه “عالوتر”.
شاعرة سورية