ما هي العوامل التي أدت إلى زيادة الإعدامات في السعودية؟

ما هي العوامل التي أدت إلى زيادة الإعدامات في السعودية؟

دبي – (أ ف ب) – تسارعت خلال هذا العام وتيرة تنفيذ الإعدامات في السعودية، وبلغ عددها 217 منذ مطلع 2025، وفق حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية، ما ينذر باحتمال تجاوز رقم 2024 القياسي، وهو 338.
وكان آخر هذه الإعدامات الأحد، وشملت ثلاثة إثيوبيين وباكستانيا.
وأفاد خبراء وكالة فرانس برس بأن الارتفاع اللافت في عدد الإعدامات مرتبط بإطلاق السلطات السعودية “حربا على المخدرات” في العام 2023، في سياق التصدّي لاستخدام متنام للكبتاغون، وهو نوع من الميثامفيتامين، في المملكة التي تُعد من أكبر أسواق هذه المادة في الشرق الأوسط، بحسب الأمم المتحدة.
– أسباب الزيادة؟ –
منذ مطلع 2025، أعدمت السعودية 144 شخصا في قضايا متعلقة بالمخدرات، ما يشكّل الغالبية العظمى لأعداد أحكام الإعدام البالغة 217 حتى الآن.
ويرجع المحللون تزايد العدد إلى “الحرب على المخدرات”، مشيرين إلى أنّه يتم الآن إعدام العديد ممن تم توقيفهم خلال هذه الحملة بعد استيفاء الإجراءات القانونية وإدانتهم.
واستأنفت السعودية في نهاية العام 2022 تطبيق أحكام الإعدام في حق مدانين بجرائم مخدرات، بعد تعليق تنفيذ العقوبة لهذه النوع من القضايا لحوالى ثلاث سنوات. فأعدمت 19 شخصا في 2022 وشخصين في 2023 و117 شخصا في 2024، وفق تعداد فرانس برس.
وشهدت الحملة التي تضمنت نشر الشرطة نقاط تفتيش على الطرق السريعة وداخل الأحياء في أرجاء البلاد، توقيفات كثيرة. وأُعلن منذ ذلك عن مصادرة ملايين الحبوب المخدرة واعتقال عشرات المهربين والمروجين.
وتقول كبيرة المحللين في معهد “نيو لاينز” في واشنطن كارولين روز لفرانس برس، “من الواضح أن السعودية اختارت مضاعفة الاعتقالات والعقوبات القاسية لمن يُعتقد أنهم مرتبطون بتجارة المخدرات داخل المملكة”.
ولم ترد السلطات السعودية على أسئلة فرانس برس حول الموضوع.
وتقول جيد بسيوني، مسؤولة قسم عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة “ريبريف” المناهضة للإعدام ومقرها لندن، “تُشير أرقام الأشهر الثمانية عشر الماضية إلى منعطف دام في هذه الحرب”.
– في من تنفذ الإعدامات؟ –
يشكّل الأجانب الغالبية بين الذين نُفّذت بهم عقوبة الإعدام في السعودية، بواقع 121 شخصا من بينهم 110 في قضايا مخدرات.
وتعتمد السعودية منذ عقود طويلة على ملايين العمال الأجانب للمساعدة في بناء مشاريع البنية التحتية الضخمة، والعمالة المنزلية وغيرها من القطاعات المرتبطة بقطاع الضيافة والخدمات.
وتقول بسيوني “الأجانب أكثر عرضة لانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة في سياق عقوبة الإعدام”.
وتشير إلى معاناة المتهمين الأجانب من “الحواجز اللغوية، وضعف فهم الإجراءات القانونية، ومحدودية الموارد المالية”.
ونددت منظمة العفو الدولية مطلع تموز/يوليو الجاري بالزيادة الحادة في عدد الإعدامات بالسعودية.
وقالت كريستين بيكرلي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، “نشهد اتجاها مرعبا حقا، إذ تنفّذ عقوبة الإعدام بوتيرة مروّعة بحق الأجانب عقابا على جرائم ما كان ينبغي أبدا أن يعاقب مرتكبوها بالإعدام”.
كذلك شمل تنفيذ الأحكام سعوديين. إذ أعدمت السلطات الخميس ثلاثة أشخاص دينوا بتهم مرتبطة بالإرهاب.
وفي المجموع، أُعدم 96 سعوديا من أصل 217 محكوما بالإعدام منذ بداية 2025.
– هل تجدي الإعدامات نفعا؟ –
من الصعب تأكيد ما إذا كانت موجة الإعدامات ستردع المهربين والمروجين.
لكن عند إطلاق الحملة على المخدرات، توعّد وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف أنه “لن ينجو منها مروّجو ومهرّبو المخدرات”.
والشهر الماضي، أكد مدير الأمن العام السعودي، الفريق محمد البسامي، أنّ الحرب على المخدرات “حققت نتائج إيجابية ملموسة، وضربات قوية لمروّجي ومهرّبي المخدرات”، على ما نقلت عنه صحيفة “عكاظ”.
مع ذلك، لا توجد معطيات قوية تدعم هذا، فيما تستمر الاعتقالات اليومية في كل أنحاء المملكة.
وتقول بسيوني “لا يوجد دليل يدعم استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة ردع، خصوصا في جرائم المخدرات”.
– هل تتعارض الإعدامات مع الإصلاحات؟ –
منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد عام 2017، أنفقت الرياض مبالغ طائلة على تحديث البنية التحتية السياحية واستضافة أحداث رياضية كبرى مثل معرض اكسبو 2030 وكأس العالم 2034، في إطار سعيها لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط. وسعت الى تنفيذ إصلاحات اجتماعية.
وتقول منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان إنّ الإعدامات تقوّض مساعي السعودية لتحسين صورتها عبر الإصلاحات التي تنص عليها “رؤية 2030”.
لكنّ السلطات السعودية تؤكد أنّها تنفّذ أحكام الإعدام بعد استنفاد المتهمين كل درجات التقاضي، مشددة على حرصها على “محاربة المخدرات بأنواعها”.
وواجهت المملكة إدانة عالمية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الناقد للحكومة والمقيم في الولايات المتحدة، في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018.
وألقت العملية بظلالها على العلاقات بين الرياض وواشنطن لفترة، لكنّ عودة الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض أعادت الدفء للعلاقات، إذ باتت واشنطن تركّز على توقيع الصفقات التجارية مع الرياض أكثر من انتقاد حكامها بشأن قضايا حقوق الإنسان.
وخلال جولة له في دول الخليج في أيار/مايو، أشاد ترامب بولي العهد السعودي قائلا “أنا معجب بك كثيرا”.