د. ريتا عيسى الأيّوب: قد تركت الطيور سماء غزة

د. ريتا عيسى الأيّوب: قد تركت الطيور سماء غزة

د. ريتا عيسى الأيّوب
وَعِنْدَما سَأَلَها عَنْ سَبَبِ الحُزْنِ في عَيْنَيْها قالَتْ:
قَدْ هَجَرَتْ الطُّيورُ سَماءَ غَزَّةَ إِلى غَيْرِ رَجْعَة…
كَما وَأَنَّنا لَمْ نَعُد نَصْحو عَلى صَوْتِ زَقْزَقَةِ العَصافير…
قَدْ ماتَ الشَّجَرُ وَنَطَقَ الحَجَر…
لِهَوْلِ ما يُلِمُّ بِنا مِن سائِرِ البَشَر…
قَدْ جَفَّت أَثْداءُ العَذارى…
واللّواتي طَلَبْنَ مِنَ اللهِ أَنْ يُرْضِعْنَ اليَتامى…
قَدْ نَضَبَتْ اليَنابيعُ مِنْ شِدَّةِ البُكاءِ عَلى الثَّكلى…
أَيُّ حالٍ قَدْ وَصَلْنا إِلَيْهِ يا هَذا؟…
فَكَيْفَ تَطْلُبُ مِنّي الابْتِسامَ بَعْدَ كُلِّ ما جَرى؟
هِيَ حَرْبٌ ضَروسٌ قَدْ فاقَ بِها عَدَدُ الشُّهَداءِ عَدَدَ سُكّانِ العالَم…
كَما أَنَّها دُنْيا غادِرَةٌ لَيْسَ عَلَيْها أمان…
فَهَلْ تَسْتَطيعُ أَنْ تُحيطَ قَلْبي بالاطْمِئْنانِ وَأَنْ تُزَوِّدَ عَقْلي بِالنِّسْيان؟…
وَهَلْ بِإِمْكانِكَ أَنْ تُعيدَ لِيَ سِرْبَ الحَمامِ الَّذي كُنْتُ أُطْعِمُهُ وَأَسْقيهِ مُقابِلَ هَديلٍ أَشْبَهُ بِالأَلْحان؟…
أَوَسَتَفْهَمُني يَوْمًا إِذا ما انْفَجَرْتُ أَمامَكَ بِالبُكاءِ مِنْ شِدَّةِ الأَلَم؟…
قَدْ باتَ حَرامٌ عَلَيْنا الفَرَح…
أَمّا طَعامُنا فَقَدْ أَصْبَحَ مُحَرَّمًا عَلى هَؤلاءِ الجِياع…
وَباتَ مَقَرُّهُ جُحْرُ النِّفايات…
فَاتْرُكْني بِاللهِ عَلَيْكَ أُلَمْلِمْ قوتَ الحَمامِ لَعَلَّهُ يَعود…
لَعَلَّهُ يَعودُ حامِلًا في فَمِهِ غُصْنَ زَيْتونٍ مِنَ الياقوت…
وعَساهُ يُلْغي جَميعَ الحُدود…
كَيْ يَعودَ الشُّهَداءُ إِلى أَرْضِهِم قَبْلَ أَنْ تَسْبِقَهُم إِلى أَرْضِ الميعادِ تِلْكَ الجُنود…
#ريتاالأيوب
هامبورغ