سامر أبو شندي: وداعًا للفنان زياد الرحباني

سامر ابو شندي
عند الحديث عن زياد الرحباني فلا يمكنني ان افصله عن كونه من الاسرة الرحبانية التي اطربتنا على مدى عقود مديدة فالاخوين عاصي و منصور ارتبط اسمهما باعذب الاغاني التي صدحت بها فيروز فلا يعرف من هو الكاتب و من هو الملحن فيهم في ثنائية عجيبة و لا تكاد تكون مسبوقة في عالم الاغنية العربية اما الاخ الثالث للرحابنة فهو الملحن و المؤلف الموسيقي الياس الرحباني الذي وافته المنية مطلع العام 2021، اما الامر الثاني المرتبط بزياد الرحباني فهو علاقته باليسار التقدمي في لبنان و الشبيبة الشيوعية و تنظيره في اكثر من لقاء و في غير مقالة و في اكثر من صحيفة منها النهار و اخرها الاخبار اللبنانية بعمود صحفي ثابت تحت عنوان ( مانيفستو) و التي صبت جميعا في هذا الاتجاه المتجذر في السياسة اللبنانية.
كان العام 1973 هو الذي حمل لنا اول الحان زياد لوالدته فيروز عندما دخل والده عاصي الى المستشفى و استشعر عمه منصور الرحباني غيابه فكتب منصور كلمات الاغنية الشهيرة (سألوني الناس عنك يا حبيبي) التي لحنها زياد و خلدتها السيدة فيروز لتصبح مقترنة بصباحاتنا المشرقية و فنجان قهوتنا في وطننا العربي و المنافي و المغتربات على السواء.
و المحطة الأخرى المضيئة في مسيرة فقيدنا زياد فهي تلحينه مقدمة مسرحية ميس الريم و مشاركته بها ممثلا.
مع مرور الوقت، أحدث زياد تحولًا كبيرًا في شكل المسرح اللبناني؛ إذ ابتعد عن النمط المثالي والخيالي الذي تميز به مسرح الأخوين رحباني، واتجه إلى مسرح سياسي واقعي يعكس حياة الناس اليومية، خصوصًا في ظل أجواء الحرب الأهلية اللبنانية. فكانت أعماله تعبيرًا مباشرًا عن هموم المجتمع اللبناني، بلغة نقدية لاذعة وسخرية ذكية.
و هنا استذكر مسرحيته السياسية الناقدة ( فيلم امريكي طويل) التي رأت النور في العام 1981.
وفي دراسة بعنوان “حصاد الشوك: المسرح السياسي الكوميدي في سورية ولبنان”، أشار الباحث أكثم اليوسف إلى أن زياد فرض نفسه خلال تلك الفترة كـكاتب ومخرج ومؤلف موسيقي وممثل بارز، معتبرًا أن مسرحه أصبح منبرًا يُعبر عن جيل ضائع تتقاذفه أهوال الحرب والضياع، ويشكل صوتًا نقديًا بارزًا في المشهد الثقافي اللبناني.
لن اتناول حياته الشخصية الا بالقدر المرتبط بالموقف السياسي لزياد الذي يحلو لي ان اشير له باسمه الاول لشدة تواضعه و قربه من الناس و نكتته الحاضرة على لسانه، فيكفي ان يشاهد المتلقي برنامج حوار العمر الذي أجراه زياد على قناة LBC مع الإعلامية الراحلة جيزبل خوري لنتعرف على دماثة و تواضع زياد الرحباني و موقفه السياسي و نكتته و أعمق مشاكله الشخصية، يقول في أحد لقاءاته انه في العام 1976 و على خلفية مجزرة تلك الزعتر التي ارتكبتها احدى القوى الانعزالية في الحرب الاهلية ضد اللاجئين الفلسطينيين انتقل ليقيم دائما في بيروت الغربية، و في لقاءات اخرى يصرح بموقفه الداعم للمقاومة اللبنانية.
من اطرف لقاءات زياد على اليوتيوب اللقاء الذي حاوره فيه الممثل السوري بسام كوسا و لا يمكن تصور حجم الفكر و الضحك و السياسية التي سرى تيارها بين زياد و محاوره بسام كوسا في هذا اللقاء.
زياد ان رحلت مكانا فانت باق مكانة و لحنا و موقفا و عزاؤنا الكبير لوالدتك السيدة فيروز اطال الله في عمرها و العزاء كذلك انقله ببالغ الحزن الى الاسرة الرحبانية و اخص بالذكر غدي و مروان ورثة هذا الارث الرحباني الزاخر.
كاتب من الاردن