محمود كامل الكومي: إلى فيروز… تحية لجارة القمر وزياد يعزف في السماء لحن المقاومة… لحن الخلود

محمود كامل الكومي
إليكِ يا سيدة الصباحات، يا من شدوتِ فكانت حنجرتكِ صلاةً للوطن، وعشقًا لا يشيخ، وهمسًا في أذن الجبل، ونشيدًا عبر الزمن. إليكِ يا فيروز، يا جارة القمر، سلامٌ يحمل وجع الشرق ونشوة الصمود.
ما زلتِ تطلين علينا من شرفات الحنين، وتغنين للبنان، لفلسطين، لساحات العرب، وكأن صوتكِ نبوءة لا تخطئ، أو صلاةٌ لا تُردّ. فيروز، يا ذاكرة الأمة، يا قلبها المُعلق بين أرز الربّ ودماء الشهداء، كيف ننسى أن كل صباحٍ لا يبدأ بكِ، ناقص كصلاةٍ بلا نية، وكوطنٍ بلا حلم؟
وها هو زياد، ابنكِ الثائر، يرفع اللحن من الأرض إلى السماء. لم يكن مجرد موسيقي، بل كان صوت الذين لم يُمنحوا صوتًا، ولسان المقهورين، وأغنيةً تمردت على النمط، كما تمردت على الاحتلال، على الطائفية، على الذل.
زياد الآن يعزف… ليس على خشبة مسرح، بل من عرش فوق الغيم. يعزف لحن المقاومة، لحن الخلود. من هناك، من مقام الشهداء الذين رحلوا بأحلامهم، يرسل لحنًا يهز ضمير العالم، ويلامس أوتار القلب العربي الذي لا يموت.
هو لحنُ من لم ينسَ فلسطين، ولم يسكت على الظلم، ولم يساوم على الحقيقة. زياد، في خلوده، يواسي الغياب، ويملأ فراغات المدن المحترقة بالأمل.
فيروز، يا أمّ الغناء، ورفيقة كل ثائر، ويا أيقونة لا تشيخ… سلام عليكِ وعلى الذاكرة، على الصوت الذي جعل من بيروت معبدًا للحب، ومن الشام قصيدة، ومن القدس نبضًا.
سلام عليكِ يا جارة القمر
وسلام على زياد… في خلوده يعزف لنا الحياة.
محمود كامل الكومي
كاتب ومحامي مصري