عبدالوهاب الشرفي: التلاعب والتواطؤ العربي.. إنهاء الفلسطينيين بدلاً من تصفية القضية والإبادة الجماعية كسبيل لإقامة دولة فلسطينية!

عبدالوهاب الشرفي: التلاعب والتواطؤ العربي.. إنهاء الفلسطينيين بدلاً من تصفية القضية والإبادة الجماعية كسبيل لإقامة دولة فلسطينية!

عبدالوهاب الشرفي

لم يعد للدبلوماسية في الطرح محل ، فهناك مليوني انسان تحت اعتى قصف جوي وبري وبحري عبر التاريخ وتحت اقسى حصار خانق يمنع الغذاء والدواء عبر التاريخ ايضا .

مليوني الانسان هولاء ليسو في المريخ وانما هم في قطعة على الارض لها جوار و حديث دول جوار فلسطين عن انهم ليسو من يمنعون دخول الغذاء والدواء هو استخفاف بعقول الناس وتجميل للتواطئ مع الكيان ليستخدم الغذاء والدواء سلاحا في عدوانه على مليوني انسان هم جيران هذه الدول و ” تثبيت ” المعتدى عليهم للمعتدي ليبيدهم كما يحلوا له .

الحديث عن رفض التهجير كي لايتم تصفية القضية الفلسطينية الذي تلوكه دول جوار فلسطين منذ بدء عدوان الكيان على غزة هو حديث ديكوري مجمل لتغطية التواطئ مع الكيان في الجريمة التي يرتكبها بحق مليوني انسان محاصرين في غزة .

رفض التهجير ومنع تصفية القضية الفلسطينية يكون بمواجهة من يتسبب في التهجير وفرض وقف عدوانه وليس بمنع من اراد ان ينجوا بحياته من الموت قصفا او جوعا ، وتحديد موقف مواجهة العدوان المتسبب في التهجير بمنع خروج من اراد ان ينجوا بحياته بذريعة منع تصفية القضية الفلسطينية معناه حرفيا لا لتصفية القضية الفلسطينية يمكن تصفية الفلسطينيين !!  ، اما هذا الموقف الذي تتبناه حكومات العرب فهو اتعس موقف يمكن اتخاذه تجاه جريمة لانه بدلا من عمل شيئ يوقف المجرم يتحول لمواجهة الضحية بسلبه من حقه الشرعي و القانوني في النجاة بنفسه من الموت قصفا او جوعا و بالتخلي عن القيام بالواجب الشرعي والاخلاقي بتمكين الضحية من الدفاع عن نفسه .

رفض التهجير ومنع تصفية القضية الفلسطينية لا يكون الا بفرض وقف العدوان ، واذا كانت دول جوار فلسطين لا تريد ذلك او لا تقدر على وقفه فعليها ان لا تتواطئ مع الكيان باحكام الحراسة على الحدود ومنع الحركة عبرها ، فمن حق المليوني انسان تحت القصف بكل الطرق وبكل الاسلحة وتحت منع الغذاء والدواء ان يدافعوا عن انفسهم وان يدخل لهم الغذاء والدواء الذي يبقيهم على قيد الحياة وان يتدفق لهم السلاح الذي يمكنهم من زيادة خسائر الكيان المعتدي و حتى يوقف عدوانه .

لا تحتاج غزة لمساعدات من حكومات العرب ولا تحتاج للاستهبال و الاستخفاف بالقاء المساعدات من الجو ، ولا تحتاج من هذه الحكومات شيئ على الاطلاق ، وماتحتاجه غزة هو ان تتوقف حكومات جوار فلسطين عن القيام بدور حارس حدود الكيان لا اقل ولا اكثر .

لن نناقش في من هو الذي يحاصر غزة هل الكيان او دول جوار فلسطين ، ولن نناقش من الذي يغلق معبر رفح هل الكيان ام غيرها ، وسنقطع بان من يفعل ذلك ومن يحاصر غزة هو الكيان لا غيره ، ولكن ذلك لن يكون سببا وحيدا ولا حتى سببا جوهريا  في بقاء مليوني انسان في غزة يواجهون ابادة جماعية ، فالشعوب لديها من الحمية ولديها من الاستعداد لمواجهة الكيان و ايصال الغذاء والدواء الذي يحتاجه المليوني انسان للعيش والبقاء على قيد الحياة بل وايصال السلاح لهم للدفاع عن انفسهم وفرض وقف عدوان الكيان عليهم تحت وقع رفع حجم ضحاياه وخسائره و سيفعل الناس ذلك رغما عن انف الكيان لو كان هو فقط من يحاصر غزة .

الكيان يحاصر غزة لكن سبب استمرار هذا الحصار وصول الحال في غزة للموت جوعا هو ان الكيان ليس هو الوحيد من يحاصر غزة وانما حكومات دول جوار فلسطين تشارك في الحصار بعدم الحياد وترك الحدود للشعوب لتتقدم وتكسر حصار الكيان ، وهي لم تفعل ذلك حتى الان لانها تتجنب المواجهة مع حكوماتها ومع جنود قواتها الذين هم من ابناء جلدتها اما لو كانت المسئلة هي ان الحصار هو فقط من الكيان لكانت كسرت حصاره امس قبل اليوم .

مواقف حكومات العرب مواقف تعيسه ومتواطئة ومفضوحة ولم يعد يجدي تجميل تعاسة وقبح مواقفها بالحديث عن رفض تهجير الفلسطينيين ومنع تصفية القضية الفلسطينية ، ورمي تهمة الحصار على الكيان وحيدا يفضح هذه الدول اكثر مما يسترها لان حراسة الحدود ومنع التحرك عبرها في هذه الظروف هو مساهمة جوهرية في الحصار وليس لها مسمى اخر .

البعض ” يستغفل ” بالحديث عن منع التهجير ومنع تصفية القضية الفلسطينية ، و البعض ” يتسيمج ” بالحديث عن النظال للاعتراف بالدولة الفلسطينية وكل ذلك تواطؤ وخدمة مجانية للكيان الاول بتجميل صورة التواطئ بانه منع لتصفية القضية و الثاني بتصوير ان هناك عمل لصالح الفلسطينين وان حكومات العرب لم تتخلى عن مليوني انسان يتعرضون لاعتى ابادة جماعية عبر التاريخ الحديث .

الحكومات المسئولة والتي تحترم نفسها وتقدر مسئولياتها و التي لا تتواطئ مع المعتدي والتي تقوم بمسئولياتها في مواجهة الابادة الجماعية يلزمها موقف واحد ، ليس اعلان الحرب على الكيان و ليس الدخول في مواجهات معه لوقف عدوانه ووقف ابادة جماعية يمارسها بحق مليوني انسان محاصرين يبيدهم الكيان قصفا وتجوعيا ، فالجميع يعلم ان حكومات العرب لن تفكر في ذلك كما يفترض ان يفكر الرجال فضلا عن ان تفعل ذلك  ، وما يلزمها هو ان لا تشترك في حصار الضحية وان تتوقف عن  ايهام الراي العام انها تقوم بعمل لصالح فلسطين بالتغافل عن ان الحاصل الان ليس عدم حل القضية الفلسطينية وانما الحاصل هو ابادة جماعية تمارس بحق مليوني انسان .

يلزم حكومات العرب وعلى وجه الخصوص دول الجوار ان تحدد موقفها اما ان يتوقف عدوان الكيان على المحاصرين في غزة و يوقف قصفه على روؤس البشر فيها و يوقف حصاره لها او ستترك حراسة الحدود وتترك المجال متاح للشعوب لكسر الحصار واغاثة شعب غزة الجار بطريقتهم . ولو فعلوا ذلك لتوقف عدوان وحصار الكيان لغزة على الفور .

لا تحتاج غزة والفلسطينيين في الظرف الحالي لا لاستهبال حكومات العرب واستخفافهم بمعاناتهم وتغطية تواطئهم بالحديث عن منع تصفية القضية ولا الاستهبال و تقطيع ( الاحذية ) جريا بين العواصم لتحقيق اعترافات بدولة فلسطين في غير وقت ذلك ، فقط يحتاج من هم تحت الابادة الجماعية لاعلان الحياد والباقي سيفعله الشعوب العربية فلديها من الغيرة ومن القهر مما يتعرض له الغزاويين ما يكفي لمواجهة عدوان الكيان وايقاف جريمته المشهودة وفي وقت قياسي ، وعندما تتوقف الجريمة ليعود اصحاب الدبلوماسية و مانعي تصفية القضية والساعين لحل الدولتين لعملهم .

لا يحتاج عبدالعاطي و الصفدي لزيارات العواصم وعقد الاجتماعات و المؤتمرات للتحذير من تصفية القضية الفلسطينية ، ولا يحتاج فيصل بن فرحان لارتداء دشداشته و يهيج بين العواصم لكسب اعتراف بالدولة الفلسطينية ، وعليهم ملازمة مكاتبهم واعلان موقف اذا لم يوقف الكيان عدوانه و حصاره لغزة فلن تمنع الحكومات العربية من اراد من شعوبها الوصول لحدود غزة لاغاثة ومساعدة اهل غزة .

كاتب ومحلل سياسي – اليمن
[email protected]