السيطرة على الضفة الغربية.. خبر روتيني.. ما الخطوة التالية؟

السيطرة على الضفة الغربية.. خبر روتيني.. ما الخطوة التالية؟

 

 

د. محمد أبو بكر
حين دخل جيش الإحتلال مدينة القدس في حرب حزيران عام 1967 ، جرى رفع العلم الصهيوني فوق قبة الصخرة ، فارتبك القادة الصهاينة وأمروا بإنزاله خوفا من ردّة فعل عربية وإسلامية ( أمر مضحك ) ، وبعد أقل من ساعتين تم إنزال العلم ، وفي عام 1969 تمّ حرق المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين ، لم تحتمل رئيسة الوزراء غولدا مائير ذلك ، حيث خشيت أيضا من ردّة فعل إسلامية ، وكانت تتوقع جحافل الجيوش العربية والإسلامية تغزو الكيان وتقوم بتحرير القدس ( أمر مضحك آخر ) ، لم يحدث شيء أبدا ، فاطمئنت تلك العجوز ، ونامت باسترخاء .
ومنذ عام النكسة ( ما أكثر نكساتنا ) ، كان اليهود يمنعون من دخول ساحات الأقصى إلّا للزيارة فقط ، دون أداء الصلوات ، وبإشراف من دائرة الأوقاف ، وتدريجيا تغيّر كلّ ذلك أمام عجز هذه الأمّة وتخاذلها عن نصرة القدس ، وصولا لحكومة اليمين المتطرف الحالية ، التي أيقنت بأنّ الأمة العربية والإسلامية لا حول لها ولا قوّة ، هي فقط أمّة البيانات التافهة الركيكة ، أمّة أبدعت في التنديد والشجب والإستنكار وبأشدّ العبارات ( لاحظوا أشدّ العبارات ) !
في عام النكسة خشي قادة الإحتلال من رفع العلم الصهيوني لأكثر من ساعتين ، واليوم آلاف الأعلام ترفع في ساحات الأقصى عدا عن التدنيس والنجاسة ، ومؤخرا فرضت دولة الإحتلال سيادتها الكاملة على الحرم الإبراهيمي في الخليل ، فبات يهوديا خالصا ، ولم يتحرّك المسلمون ، وكأنّ هذا المسجد المقدس لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد ، أمّة غاصت في وحل العجز والصمت الذي يساوي المشاركة في الجريمة .
ماجرى في الحرم الإبراهيمي مجرّد بروفة لما سيحدث للمسجد الأقصى ، وقريبا ستعلن حكومة الإحتلال فرض سيادتها وسطوتها وسيطرتها على الأقصى وقبة الصخرة وكل الأماكن الإسلامية والمسيحية في القدس ، ونؤكّد لنتياهو ورفاقه ، بأنّه لن يحدث شيء أبدا ، وعليهم الإطمئنان تماما ، لن نتحرّك ، ولن نزعجهم أبدا ، فقط اسمحوا لنا ببضع بيانات شديدة اللهجة من التنديد والإستنكار ، وكفى الله المؤمنين شرّ القتال ، أيّ قتال هذا يارجل !!
لذلك ؛ فإنّ فرض السيادة على الضفة الغربية كان متوقعا منذ فترة ، فالضفة مستباحة تماما ، والقتل لا يتوقف ، وهدم البيوت وإزالة المخيمات يجري على قدم وساق ، وسلطة رام الله تؤكّد دائما بأنها مجرّد دائرة تتبع الشاباك ، تقوم بمهامها على أكمل وجه في اعتقال المقاومين ، وتسليمهم لجيش الإحتلال الصهيوني .
ولا أعلم كيف سيكون عليه مصير سلطة عباس خلال الفترة المقبلة ، وهي السلطة التي فقدت مبررات وجودها منذ سنوات ، ولن أزيد كثيرا عن هذه السلطة ، التي بالكاد تساوي مسؤولياتها حجم مجلس بلدي  .
وفي كلّ الأحوال ؛ كيان الإحتلال يتصرّف كيفما يشاء ودون أيّ رادع أبدا ، وبتوافق تام مع إدارة ترامب ، وربما إدارات عربية أيضا من عربان الردّة الملاعين ، في حين يتملّكنا الصمت جميعا ، أمام حفنة من المجرمين العنصريين ، لقد تركنا القدس تئنّ تحت وطأة بن غفير وسموتريتش ، وتخلّينا عن الحرم الإبراهيمي ، وأغمضنا العيون عن الضفّة الغربية ، وإذا ما بقيت الأمة على هذه الحال ، فابشروا ياعرب ويامسلمين بتوسع صهيوني قادم ، وربما الوصول لعواصم عربية وإسلامية وفرض السيادة عليها .
ملاحظة .. كتبت المقال أعلاه بأدب كبير ، كنت أخشى من خروجي على النصّ ، واستخدام ألفاظ خادشة لحياء العرب ، وهل بقي حياء عندهم يامحمد ؟ وكذلك خوفا من بيت الخالة الذي أراه قريبا !
كاتب فلسطيني