كتاب جديد يستكشف عالم براين كارلسون: الفن كوسيلة لاستعادة إنسانيتنا

كتاب جديد يستكشف عالم براين كارلسون: الفن كوسيلة لاستعادة إنسانيتنا

 

 

باريس ـ خاص:  صدر حديثًا  عن المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح في فرنسا كتاب بعنوان “براين كارلسون يرسم صرخة لاستعادة إنسانيتنا” للفنان التشكيلي والناقد الفني حميد عقبي، وهو عمل نقدي وفكري يتناول بالرؤية والتحليل أعمال الفنان الأمريكي براين كارلسون، الذي تحوّل إلى صوت إنساني عالمي يناضل من أجل الكرامة والعدالة والسلام.

يقع الكتاب في 104 صفحات، ويتضمن مقدمة وخاتمة بالعربية والإنجليزية، بالإضافة إلى أحد عشر نصًا نقديًا وتأمليًا تتناول سبعة عشر لوحة مختارة من بين المئات من أعمال كارلسون. اختار عقبي أن يقدم هذه الأعمال بوصفها لحظات بصرية تنطوي على شحنة وجدانية وأخلاقية هائلة، حيث يُمنح الألم مساحة للبوح، وتُستعاد البراءة الإنسانية كقيمة مُغتالة وسط الضجيج العالمي والحروب.

براين كارلسون: الفنان الذي لا يرسم من أجل الفن فقط
براين كارلسون، فنان أمريكي يقيم في الأرجنتين، لا يكتفي بممارسة الفن كهواية أو مهنة، بل يجعل منه مساحة للنضال من أجل المظلومين والضحايا، وخاصةً الأطفال والنساء في مناطق النزاع. يرسم بجرأة، دون مواربة، مشاهد مستوحاة من الواقع، يضع فيها الطفل الفلسطيني والمرأة المُعذبة واللاجئ التائه في مركز التكوين، لا ليحصد الشفقة، بل ليُحرّض الضمير.

كارلسون ناشط بيئي وحقوقي، ومعارض صريح لسياسات بلاده في ملفات الهجرة، وصناعة السلاح، ودعم الأنظمة القمعية. يُشارك في المعارض والمهرجانات والمسيرات، ويعرض أعماله على صفحات فيسبوك لتكون في متناول الجميع. لا يبيع لوحاته في صالونات نخبوية، ولا يُؤمن بأن الفن يجب أن يُؤطَّر ويُسعّر، بل يرى أن الفن الحقيقي يجب أن يُعلّق في ضمير العالم، لا على جدران الأثرياء.

حميد عقبي: أسلوب يتجاوز الوصف إلى التأمل
في هذا الكتاب، لم يكتفي حميد عقبي بوصف اللوحات أو تفكيك ألوانها، بل يدمج بين الرؤية الجمالية، والسؤال الأخلاقي، والهمّ الإنساني، ليمنح القارئ مدخلاً روحانيًا ووجدانيًا إلى عالم براين. يستخدم لغة فنية ناعمة حينًا، ومباشرة مؤلمة حينًا آخر، لكنه لا يغفل عن تتبع التكوينات البصرية ودلالات اللون والفراغ والموت والحياة في لوحات كارلسون.

يرى عقبي أن هذه اللوحات ليست رسومات فنية فحسب، بل وثائق شعورية توثّق فصولًا من التراجيديا العالمية، وخصوصًا مأساة غزة التي يُكرّس لها كارلسون العديد من أعماله. في إحدى لوحاته، يرسم رضيعًا شهيدًا مغسولًا بالدموع، في مشهد يذكّر بالمشهد الأخير من فيلم “العار” لإنغمار بيرغمان. في أخرى، يرسم طفلًا مغطى بالغبار والدم، وحيدًا بين أقدام الكبار، في تماهٍ مرير مع مشاهد من أفلام بازوليني وبونويل.

دعوة للاكتشاف
براين كارلسون يرسم صرخة لاستعادة إنسانيتنا ليس كتاب تحليل فني تقليدي، بل دعوة مفتوحة لاكتشاف عالم فنان إنساني لا يختبئ، لا يُجمّل المأساة، ولا يساوم على الضمير. هو كتاب لكل من يريد أن يرى الجمال في المقاومة، وأن يؤمن بأن الفن قد يكون آخر ما يملكه الإنسان ليقول: “أنا موجود.. وأنا أرفض”.