جلال أحمد الشيباني: عازف آلة الناي (الخلول)

جلال أحمد الشيباني: عازف آلة الناي (الخلول)

 

 

جلال أحمد الشيباني
يعيش خليل فارع منذ طفولته في قريته الصغيرة بعيداً عن ضوضاء العالم. ليس له صديق إلا الخلول (الناي)، ودائماً كل صباح يذهب إلى رأس الجبل مع غنمه، ويبقى هناك يعزف (بخلوله) ألحاناً حتى المساء. من كثر عزفه على الخلول، أطلقوا عليه لقب (خلول العصفور).
تجتمع حوله الطيور في لوحة جميلة وتشاركه فرحته بشكل يومي. يعود إلى بيته سعيداً ومسروراً وكأنه يمتلك الكون. انتقلت أسرته للعيش في مدينة صنعاء، وهنا يعيش ويتعلم، لكنه لا يفارق (نايه) أبداً مهما كانت الظروف والصعوبات، حتى في منامه.
كلما وجد نفسه وحيداً، يخرج (نايه) ويعزف ألحاناً جميلة وحزينة، غير أن الطيور هنا غير حاضرة لتشاركه سعادته وفرحته مثل قريته البعيدة خلف الجبال.
اليوم، خليل فارع صار شاباً يافعاً، ويضع (نايه) في جيب الكوت الداخلي مخفياً إياه عن عيون الجميع. وكلما سنحت له الفرصة، يخرج (نايه) ويعزف أجمل ألحان أغاني أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم ووديع الصافي وصباح.
في المقهى، يعزف لحن “التيتانيك” ويعيش معه أجواء ملهمة تجعله مقبلاً على الحياة ويتعامل معها بروح وقلب فنان. الكل هنا يستمع إليه ويستمتع بصوت (نايه) العذب الجميل.
يقول إنه متيم بهذا اللحن بالذات، يمنحه شعوراً بالحب والطمأنينة والسلام الداخلي.
في يوم ما، وفي المقهى، وهو يعزف لحن “التيتانيك”، قبض عليه شخصان ملتحيان بتهمة الغناء والتشبه بالكفار، واقتادوه إلى قسم الشرطة. وهناك صادروا منه (نايه) وأمضوه تعهداً بعدم الغناء.
عاد خليل إلى بيته بدون (نايه) منكسرًا، حزيناً، مقهوراً، مهزوماً مكسور الوجدان. نام في فراشه بدون (نايه) ومات.
في اليوم التالي، بدأت روحه تطوف المدينة كل صباح وتعزف أجمل الألحان.