ابنة الكرد: “لا تندسّوا مع القطيع”… دعوة للحرية الفكرية والإيمانية، ونداء للخروج من عالم التبعية والعودة إلى رحمة الله.

بنت الكرد
“`شعاري: كتاباتي نفثات روحي وبصمة وجودي، وصرخات وجعي، ولعلها تكون شاهدي… ولعلّي بها أُعتق…“`
🔸 “*وما أنا إلا من غُزِيّة إن غوت
غويتُ، وإن ترشد غُزيّة أرشدِ*”
*وبين هذا البيت الجاهلي، وحديث سيد البشرية* ﷺ:
“*لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا*…”
*يسطع الفرق بين عبودية الجاهلية وحرية الإيمان*؛ بين من سلّم عقله وقلبه للقبيلة، أو الجماعة، أو أي شيء سوى الله الواحد القهّار… ومن استنار بنور الله الحق، فعاش حرًّا لا يخضع إلا له.
*فالحرية… ليست شعارًا، بل عبودية خالصة لله، بتسليم الوجه والقلب والوجدان*.
وفي زمننا وعصرنا الموبوء، هذا الذي نعيشه ونعاني فيه أنواع المرارات والفاجعات واللامنطقيات، وكثرت فيه الأوهام والأسقام، وداهمنا التعتيم والتضليل والتفخيم الكاذب، وتشوهت المفاهيم، وطفّفت فيه الموازين… صار كثير من الناس يلهثون خلف شعارات “الحرية” وهم في حقيقتهم: عبيد!
*عبيدٌ للطغاة*،
*عبيدٌ للنفس الأمارة*،
*عبيدٌ للإعلام الموجَّه*،
*عبيدٌ للهوى والشهوة والنزوة والرغبة الجارفة العابرة…*
*إن الحرية الحقيقية ليست أن تفعل ما تشاء، بل أن تفعل ما يريده منك ربك وما يشاء*؛
*أن تحرّر نفسك مما لا يستحق أن يُعبد… لأنك به حرّ مكرم، وبغيره عبدٌ آبق، أسير، ضال، تعيس*.
*الحرية أن تتحرر من الخضوع للطاغوت، ومن الانقياد للقطيع، ومن الانبهار ببريق الشبهات، ومن ذلّ النفس أمام الشهوات*.
✨ *فعبارة “لا تكونوا إمّعة”… دعوة للتحرر العقلي والإيماني*
وحديث النبي ﷺ ليس فقط موعظة تربوية، بل *بيان تحرري ومنهج كوني فريد لمصداقية معاني الحرية بمفهومها الصحيح وتجليها الصريح*.
*فالإسلام لا يريد من أتباعه أن يكونوا ذيولًا، ولا عباد أشخاص، ولا ببغاوات تكرر ما تسمع*،
*بل يريدهم أحرارًا في الفكر، عدولًا في الموقف، مستقلين في القرار، محافظين على عقولهم من الانحدار إلى طينة الدناءة والاحتقار*…
*الإمّعة هو من ذاب في أي لفيف أو جماعة أو فكرة شائنة، بلا مبدأ يسوقه إليه رب الأنام، فإن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤوا أساء*.
وهذا النوع من البشر *لا يصنع حضارة*، ولا يقيم عدلًا، ولا يرفع راية حق، بل يكون معول هدم في يد الباطل متى شاء.
🔸 وقد استخدم النبي ﷺ لفظ “إمّعة”، وهو من “أمَعَ” أي: تبِع غيره بلا رأي.
*وهنا تبرز عبقرية التوجيه النبوي*:
*• الحديث يربّينا على أن الحق لا يُعرف بالناس، بل الناس يُعرفون بالحق*.
*• ويعلّمنا أن المسلم مسؤول عن قراراته ومواقفه، ولا يسوغ لنفسه الظلم لأنه “فعل كما فعل الناس*”!
هذه هي حرية الضمير المؤمنة، التي لا تُباع ولا تُشترى، ولا تخضع لمساومة الجماعات، أو ضغط الجمهور، أو هوى النفس، أو الكِبر والعناد الذي يأخذ صاحبه العزّة بالإثم، فلا يرتدع ولا يرعوي ولا يندم.
*إن من أوجب واجبات المرء هو أن يتحرر من نفسه… قبل أن تُستعبد للعالم والأغيار دون الله*!
*فأخطر أنواع العبودية تلك التي لا يُمارسها طاغية خارجي، بل نفسٌ خبيثةٌ تسكن داخله*، يسلم لها زمامه، فتقوده إلى حيث الهلكة، تحت مسميات: اللذة، المصلحة، الواقعية، الحرية الفردية…
قال تعالى:
{*أفرأيت من اتخذ إلهه هواه*}
*هذا هو الإنسان المسلوب الحرية*، *الذي عبد شهوته ونزعاته ومجتمعه وظروفه*، *وخضع لها كخضوع الجاهلي لقبيلته، لا يملك رأيًا مستقلًا، ولا ميزانًا ربانيًا يفرّق به بين الحق والباطل*.
وما يجب أن يُركز عليه، *أن العقل حين يُهجر، يصبح وعاءً صغيرًا ضيقًا لا يحتمل الحق*…
وخاصة في عصر تسلط الإعلام، وعبث الثقافة الممسوخة، *صار العقل البشري يُختزل في دقائق “الريلز”، وتغريدات “الترند”، وصراخ الشاشات الموجهة*…
*وتغيب التربية الفكرية العميقة، فيتسع الفراغ في الصدر، ويضيق الوعاء في العقل، فلا يستطيع أن يحتمل “حقًّا” أكبر من مصالحه، ولا “عدلًا” يعارض أهواءه*.
*وَاسْتَثمِرِ العقلَ فِي عِلمٍ وَفِي أَدَبٍ*
*لَم يُخْلَقِ العَقلُ حَتَّى يُمْتَلَى سَفَهَا*
فيتحول الإنسان إلى أداة في *يد الموجة*، يتشكل كما يريد الآخرون، دون وعي، دون مقاومة، دون بوصلة… دون شعور بالنقص أو خلل يدفع لمراجعة النفس…!
⸻
*وما لم يتحرر لله*…
*سيُستعبد لغيره*.
فما أنكى هذه الحقيقة، وما أثقلها على النفس حين تُستشعر…!
*فالحرية الحقيقية ليست أن تخلع الدين لتلبس رداء الغرب، أو الشرق، أو ما بينهما من فضاءات الضلالات*…
*وليست أن ترفض الطاعة لتعتنق الفوضى*…
*بل هي أن تتحرر لله وحده دون غيره*؛ *فهذا هو مقام اللذة الروحية الكبرى، وسكينة النفس، وذروة الاطمئنان والسلام الداخلي والتصالح مع الذات*.
فالقلوب *لا بد أن تَعبُدَ*… وهكذا جُبلت منذ خُلقت…
*فإن لم تعبُدِ الله، عبدتْ غيره*.
والعقول *لا بد أن تشتبك مع المعاني لتتروى*، *لأنها هي مخزن ووعاء المعاني*…
*فإن لم ترضَ بنور الوحي، سُحبت إلى وحل الهوى والشبهات، وامتلأت بدرن التفاهات والسقطات والترهات*…!
⸻
*خاتمة لا بد منها لكل حرّ يعشق معاني الارتقاء بنفسه*، *ويصون كرامته من أن تكون ضحية تجهيل وتحريف لقيم الحق*:
*كن حرًّا بالله وحده*، ولا تكن إمّعة مع العالمين *وإن ساروا كلهم معاً* في غير سبيل الحق!
لا تكن مثل صاحب البيت الجاهلي الرابض على أتون الزمان: تابعًا لقبيلتك، أو مجتمعك، أو حزبيتك، أو أنانيتك ورؤاك القاصرة الضيقة الدنيّة…
بل كن ممن قال الله فيهم:
{*الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب*}
*حرّر عقلك بالوحي، وحرّر قلبك باليقين، وحرّر جوارحك بالطاعة… تكن حرًّا حقًّا، في زمنٍ راجت فيه سوق النخاسة الفكرية، وتكدّست فيه الأغلال*…
*أغلال العبودية لغير الله، ولغير قيم القرآن، ونقيضًا لأخلاق النبوة*…
كل ذلك تحت شعارات: العدل، الحرية، الديمقراطية، الحداثة، والليبرالية…
⸻
✨ *هذه… صرخة إنسان*
صرخة وعيٍ حرٍّ في زمن العبوديات المتراكبة المتفاقمة…
لنجعل من عزمنا في أيامنا القادمة أن نعي معنى الحرية الحقة، ونجعلها سهمًا مضيئًا في وجه كل قيدٍ على العقل، أو انحرافٍ في الفهم،
وليكن دربنا موشّحًا بنور القرآن وحديث النبوة، وآيات الله في الآفاق والأنفس، وتدارس حركة التأريخ وفقهه، مع التركيز على فقه الواقع، وعِبر الأحداث وعظاتها، وما يجب أن نعرفه بفطرتنا وحدسنا، وانتصار صوت الحق في أعماقنا… لنتعرف على معانيه السامقة فلا نفرّط في ذواتنا بأي شكل…
*رافعين بذلك لواء الحرية كما ينبغي لها أن تُرفع*:
*حرية لله، وبالله، وإلى الله*.
✍🏻_ بنت الكرد_“`