الرئيس السابق للاستخبارات: الالتزام بحماية الدروز لن يأتي على حساب المصالح الإسرائيلية الاستراتيجية في سوريا.. هل الجولاني براغماتي أم جهادي؟ تقليص النفوذ التركي وتعزيز التعاون مع الإمارات والسعودية.

الرئيس السابق للاستخبارات: الالتزام بحماية الدروز لن يأتي على حساب المصالح الإسرائيلية الاستراتيجية في سوريا.. هل الجولاني براغماتي أم جهادي؟ تقليص النفوذ التركي وتعزيز التعاون مع الإمارات والسعودية.

 

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:

تُواصِل إسرائيل لعب دور أحد اللاعبين المركزيين في سوريّة بعد سقوط نظام الرئيس السابق، د. بشّار الأسد، في كنون الأوّل (ديسمبر) الفائت، وتستعِّر المحاولات من فئاتٍ عديدةٍ بالكيان إلى استثمار الفوضى في هذه الدولة العربيّة من أجل رفع الأرباح الإسرائيليّة، إنْ كان داخل سوريّة أوْ على صعيد الإقليم.

وفي هذا السياق، دعا الجنرال الإسرائيليّ عاموس يادلين، الرئيس الحاليّ لمنظمة (مايند إسرائيل)، والرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكريّة (أمان)، إلى حماية ستة مصالح استراتيجيّة لدولة الاحتلال في سوريّة، وذلك في أعقاب التدخل الأخير بذريعة حماية الدروز.

وقال يادلين في مقالٍ نشرته القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، إنّ “الهجوم على سوريّة ينبع من التحالف التاريخيّ العميق مع الطائفة الدرزية”، مستدركًا: “لا ينبغي أنْ يكون الالتزام بحمايتهم على حساب تعزيز المصالحة الاستراتيجيّة الإسرائيليّة طويلة الأمد في مواجهة سوريّة”.

وتابع قائلاً: “لا بُدّ من قيادة عمليةٍ أمنيّةٍ وسياسيّةٍ مشتركةٍ، تضمن سلامتهم، وأمن الحدود الشمالية، وفي الوقت نفسه إمكانية الحوار العمليّ مع دمشق، وربّما حتى الترتيبات الأمنيّة والسياسيّة”، طبقًا لأقواله.

ولفت إلى أنّه “منذ صعود الرئيس أبو محمد الجولاني إلى السلطة، اتخذت تل أبيب منه خطًا متشككًا ومواجهة، لمعرفة ما إذا كان بالفعل زعيمًا براغماتيًا يسعى للاستقرار والنظام الجديد، كما يُقدِّم نفسه للعالم، أمْ أنّه جهاديٌّ متنكرٌ يحاول إخفاء نواياه حتى يجمع القوة التي تسمح له بمهاجمة إسرائيل التي حرصت على تدمير المكونات الرئيسية للجيش السوري بعد سقوط الأسد، بل وتقدمت بقواتها لما وراء خط الحدود لعام 1974”.

بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، أوضح أنّه “مع مرور الوقت، وعلى خلفية سياسته البراغماتيّة، وتنامي شرعية نظامه لدى المجتمع الدوليّ، الذي علق العقوبات المفروضة عليه، بدأت إسرائيل تدرس إمكانية فتح قنوات حوارٍ مع دمشق، وأُعلن عن عقد لقاءاتٍ مباشرةٍ بينهما في العاصمة الأذرية باكو، بهدف التوصل لاتفاقياتٍ أمنيّةٍ، وعدم العداء، وربّما حتى التطبيع على غرار اتفاقيات أبراهام، لكن السؤال حول ما إذا كانت أحداث السويداء، ستضر بجهود تقاربهما، وما إذا كان بإمكانهما المضي قدماً من هذه النقطة، وكيف”.

وشدّدّ الجنرال الإسرائيليّ المتقاعد على أنّ “الهجمات الإسرائيليّة ضرورية من وجهة نظر البعض، لكن يجب أنْ نلاحظ أنّ العمل العسكريّ غير المتناسب قد يضر بالحوار الحساس معهما، ويثير العداء السوريّ الداخليّ، ويضر بالدروز أنفسهم، وقد تفسر الدول العربيّة التي تقترب من تل أبيب هذا الأمر على أنّه تدخل في شؤونها”.

واستدرك: “لكن هناك حاجة لتحقيق استخباراتي أكثر تعمقًا لتحديد ما إذا كان الجولاني غير مسيطر على القيادة، أوْ فاقد للسيطرة على القوات على الأرض، لأنّه أظهر نفسه بمنأى عن الأحداث”.

ولفت إلى أنّ “إسرائيل لديها مصالح ستة في الساحة السورية، أولها منع التهديد الأمنيّ المباشر للجولان، وثانيها منع العمليات الهجومية وإطلاق الصواريخ وتهريب الأسلحة عبر الحدود، وثالثها إحباط التمركز الإيرانيّ المتجدد في سوريّة من خلال إعادة تثبيت مكانتها ووكلائها، ورابعها التزام أخلاقي تجاه الدروز، وخامسها الحفاظ على قنوات التواصل مع النظام السوريّ الجديد بهدف مراجعة الترتيبات الأمنية والسياسية، لأنّ وجود حكومة مركزية مستقرة شرط لتحقيق الهدوء، وإدارة المخاطر، ومنع التهديدات على الحدود، وسادسها تقليص نفوذ تركيّا التي لا يتوافق وجودها العسكريّ في جنوب سوريّة مع المصالح الإسرائيليّة”.

بالإضافة إلى ذلك، دعا يادلين في الختام إلى ضرورة أنْ “ينبع كلّ عملٍ عسكريٍّ تقوم به إسرائيل في سوريّة من استراتيجية طويلة الأمد، بناءً على مجمل مصالحه في هذه الساحة، واستغلال قوتها العسكرية لتحقيق إنجازٍ سياسيٍّ، وبالتالي إظهار لأصدقائها في واشنطن والرياض وأبو ظبي أنّها ليست داعية حرب، من خلال الدعوة لعقد قمة بين اللاعبين في سوريّة: الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، تركيا، وإسرائيل، بهدف تعزيز موقعها ونفوذها الإقليمي، وإضعاف موقف إيران بشكلٍ أكبر، لأنّ التحرك السياسيّ التكميليّ أمر بالغ الأهمية للعمل العسكريّ”.

على صلةٍ بما سلف، قال دبلوماسيٌّ أذربيجانيٌّ رفيع المستوى لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة: “نتابع التحسن البطيء والحذر في العلاقات بين سوريّة وإسرائيل، ونفخر بدور الوسيط”، وأضاف الدبلوماسيّ أنّه فيما يتعلق بالاتفاق، “إسرائيل هي التي تتردد بين الطرفين، ولا تكترث”، وذلك لمواصلة مراقبة سلوك الشرع وفريقه رفيع المستوى.