نداء المثقفين المغاربة ضد الإبادة في غزة: دعوة لإعادة النظر في التطبيع وحماية الضمير الوطني

نداء المثقفين المغاربة ضد الإبادة في غزة: دعوة لإعادة النظر في التطبيع وحماية الضمير الوطني

الرباط ـ “رأي اليوم” ـ نبيل بكاني:

 

وقع عشرات المثقفين والمبدعين المغاربة بيانًا مشتركًا أدانوا فيه، بأشد العبارات، استمرار سياسة الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة، مناشدين الضمير الإنساني العالمي ومطالبين الدولة المغربية بمراجعة علاقاتها مع كيان الاحتلال.

هذا البيان ليس مجرد موقف احتجاجي، بل صرخة ثقافية تعبّر عن يقظة أخلاقية متجددة في وجه صمت دولي بات يشكل، بحد ذاته، جزءًا من منظومة الجريمة.

 

من بين الموقعين على البيان، أسماء وازنة في المشهد الثقافي والفكري المغربي، من أمثال مليكة العاصمي، عدنان ياسين، عبد اللطيف اللعبي، محمد بنيس، محمد نور الدين أفاية، أحمد بوزفور، محمد الأشعري، صلاح بوسريف، عبد الإله بلقزيز، سعيد بنسعيد العلوي، مراد القادري، فريدة بليزيد، نبيل لحلو، طه عدنان، محمد المعزوز، عبد الصمد بنشريف، عبد الصمد الكَباص، نبيل ابن عبد الجليل، حسن مرصو، سعد سرحان، سعيد منتسب، حسن أوزال، مصطفى غلمان، عبد النبي ذاكر، حسن حلمي، عبد السلام المساوي، هشام ناجح، سكينة حبيب الله، جمال أماش، دامي عمر، محمد زهير، رشيد فكاك.. وغيرهم، ممن اختاروا الوقوف في صف المبدأ، حيث لا مواربة ممكنة ولا حياد متاح.

“هؤلاء لا يصدرون بيانات موسمية، بل ينخرطون، كما فعلوا طيلة عقود، في الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، وعلى رأسها القضية “الفلسطينية التي أصبحت رمزًا للمظلومية المطلقة.

 

البيان يضع النقاط على الحروف، ويتهم القوى الكبرى بازدواجية المعايير والتواطؤ المكشوف مع الاحتلال، من خلال تجاهل قرارات الشرعية الدولية، والصمت المطبق على الجرائم اليومية التي لم تعد تحتاج إلى إثبات، بل إلى ضمير يُستعاد.

كما طالب الموقعون السلطات بإعادة النظر، وبشكل مستعجل، في اتفاق التطبيع مع دولة الاحتلال، معتبرين أن هذا الاتفاق لا يشرّف المغاربة ولا ينسجم مع إرثهم التاريخي في نصرة القضية الفلسطينية.

وجاء في البيان أنه “إذ نتابعُ يومًا بعد يومٍ الوضع المأساوي المُستفحِل الذي يُكابده أشقاؤنا الفلسطينيون في غزة جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ ما يزيد عن 22 شهرًا، في ظلِّ اختلالٍ فادحٍ في ميزان القوى العسكرية بين شعبٍ أعزل ودولةٍ تمتلك أعتى الأسلحة وأشدّها فتكًا “وتطوُّرًا في العالم اليوم.

 

وفي بيان مشترك، أدان الموقعون بشدة ما وصفوه بسياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها القوى الكبرى، معتبرين أن الصمت المريب إزاء ما يقع في غزة هو تواطؤ مكشوف مع الاحتلال، وانتهاك صارخ للشرعية الدولية، التي لم تعد تجد من يدافع عنها، حسب وصفهم، أمام جرائم يومية تُصنّف ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية.

 

وجاء في البيان: “نُحيي كل أحرار العالم الذين لم يصمتوا، ونعلن وقوفنا الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل حريته وحقه غير القابل للتقادم في العودة، وإقامة دولته المستقلة وفقًا لقرارات الأمم المتحدة”. وطالب المثقفون بضرورة تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية القاضي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

 

كما عبّر البيان عن تضامن مطلق مع كافة التحركات الشعبية والحقوقية في الداخل والخارج، دفاعًا عن القضية الفلسطينية، رافضًا كل أشكال التمييز العرقي والديني والجيوسياسي في التعامل مع قضايا الشعوب.
ودعا البيان، بقوة، أصحاب القرار في المغرب والعالم إلى اتخاذ مواقف أخلاقية عاجلة، من أجل وقف فوري لإطلاق النار، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، وإنقاذ الأطفال والجرحى والعجزة من الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها تحت أنظار العالم.
وطالب الموقعون السلطات المغربية بمراجعة عاجلة لاتفاق التطبيع مع دولة الاحتلال، مؤكدين أن استمرار العلاقات مع كيان متورط في جرائم تطهير عرقي لا يُشرّف المغاربة ولا يليق بتاريخهم النضالي في الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأكد البيان على ضرورة التزام المغرب بمواقفه التاريخية داخل جامعة الدول العربية، والمبنية على دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة.
وختم المثقفون بيانهم بالقول: “نؤمن أن ما يجري اليوم في غزة سيؤثر في صياغة مستقبل البشرية، التي لم يعد أمامها إلا خياران: إما الانتصار للقيم الإنسانية التي شيدتها عبر قرون من الكفاح والتضامن، أو الانحدار نحو قانون الغاب والتوحش. وعلينا الآن أن نختار”.