جورج عبدالله يعود إلى لبنان يوم الجمعة بعد قضائه أكثر من 40 عامًا في سجون فرنسا.

جورج عبدالله يعود إلى لبنان يوم الجمعة بعد قضائه أكثر من 40 عامًا في سجون فرنسا.

باريس-(أ ف ب) – باتت عودة الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج إبراهيم عبدالله المدان بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أميركي وإسرائيلي في ثمانينيات القرن الماضي، وشيكة إلى بلاده، إذ يخرج الجمعة من سجن في فرنسا قبع فيه نحو 41 عاما.
ولم تُعرف بعد تفاصيل خروجه من السجن، خصوصا توقيت مغادرته منشأة لانميزان في مقاطعة أوت-بيرينه بجنوب فرنسا.
والأربعاء قال روبير عبدالله في مؤتمر صحافي عقده في بيروت إن من المتوقع أن يصل شقيقه السبت إلى مطار بيروت “بين الساعة 12,00 و14,00” بالتوقيت المحلي (9,00 و11,00 ت غ).
وأشار إلى أن العائلة “بانتظار منح الإذن الخاص من السلطات من أجل استقباله في صالون الشرف في المطار”. وكانت السلطات اللبنانية طالبت فرنسا مدى سنوات بإطلاق سراح الناشط.
ومن المقّرر أن يتوجّه الناشط لاحقا “إلى مسقط رأسه في القبيات في شمال لبنان حيث سينظّم له استقبال شعبي ورسمي يتخلّله كلمة له أو لأحد أفراد عائلته”، وفق شقيقه.
وأصدرت محكمة الاستئناف في باريس الخميس قرارها بالإفراج عن الناشط اللبناني “في 25 تموز/يوليو” شرط ان يغادر فرنسا وألا يعود إليها.
حُكم على عبد الله البالغ حاليا 74 عاما، سنة 1987 بالسجن مدى الحياة بتهمة الضلوع في اغتيال دبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي عام 1982. وبات مؤهلا للإفراج المشروط منذ 25 عاما، لكن 12 طلبا لإطلاق سراحه رُفضت كلها.
وكالة فرانس برس التقت عبدالله عصر الخميس بعد صدور القرار، رفقة النائبة عن اليسار الراديكالي اندريه تورينا في زنزانته المغطى أحد جدرانها بصورة لتشي غيفارا على خلفية حمراء وحيث علّق خارطة للعالم وملصقات فلسطينية.
خلال اللقاء، قال عبدالله وقد غزا الشيب لحيته الكثة إن “أربعة عقود هي فترة طويلة لكن لا تشعر بها متى كانت هناك دينامية للنضال”.
واعتبر قضاة محكمة الاستئناف أن مدة احتجازه “غير متناسبة” مع الجرائم المرتكبة ومع سنّ القائد السابق لـ”الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”.
وجاء في الحكم أن عبد الله بات “رمزا من الماضي للنضال الفلسطيني”، مشيرا إلى أن المجموعة الصغيرة التي كان يتزعمها عبد الله وتضم مسيحيين لبنانيين علمانيين وماركسيين وناشطين مؤيدين للفلسطينيي، باتت منحلّة “ولم ترتكب أي أعمال عنف منذ 1984”.
– لا يشكّل خطرا –
أسف القضاة لعدم إبداء عبدالله أي “ندم أو تعاطف مع الضحيتين اللتين يعتبرهما عدوين”، لكنهم اعتبروا أن الناشط الذي يريد تمضية “آخر أيامه” في قريته في شمال لبنان حيث قد ينخرط في السياسة المحلية، لم يعد يشكّل أي خطر على النظام العام.
أصيب عبدالله أثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في العام 1978، وانضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الحركة اليسارية التي كان يتزعمها جورج حبش.
بعدها، أسس مع أفراد من عائلته الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وهي تنظيم ماركسي مناهض للإمبريالية تبنى خمسة هجمات في أوروبا بين العامين 1981 و1982 في إطار نشاطه المؤيد للقضية الفلسطينية. وأوقعت أربعة من هذه الهجمات قتلى في فرنسا.
اعتُبر عبدالله لفترة طويلة مسؤولا عن موجة اعتداءات شهدتها باريس بين العامين 1985 و1986 وأوقعت 13 قتيلا ناشرة الخوف في العاصمة الفرنسية.
حُكم عليه في العام 1986 في ليون بالسجن أربع سنوات بتهمة التآمر الإجرامي وحيازة أسلحة ومتفجرات، وحوكم في العام التالي أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس بتهمة التواطؤ في اغتيال الدبلوماسيين الأميركي تشارلز راي والإسرائيلي ياكوف بارسيمينتوف عام 1982، ومحاولة اغتيال ثالث عام 1984.
وبعد شهرين من الحكم على عبد الله بالسجن مدى الحياة، تم التعرف على المسؤولين الحقيقيين عن هذه الاعتداءات وهم على ارتباط بإيران.
لم يُقرّ عبد الله بضلوعه في عمليتي الاغتيال اللتين صنفهما في خانة أعمال “المقاومة” ضد “القمع الإسرائيلي والأميركي” في سياق الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978.
وباستثناء عدد ضئيل من المؤيدين الذين واصلوا التظاهر كل سنة أمام سجن عبدالله وبضعة برلمانيين يساريين، بات المعتقل منسيا على مر السنين بعدما كان في الثمانينيات العدو الأول لفرنسا وأحد أشهر سجنائها.
الإثنين، أعلنت النيابة العامة في باريس التقدّم بطعن في قرار محكمة الاستئناف أمام محكمة التمييز، لكن هذا الطعن الذي يستغرق بتّه أسابيع عدة، لن يعلق تنفيذ الحكم ولن يمنع بالتالي عبدالله من العودة إلى لبنان.