محمد المحسن: لنحفظ خطابنا الأدبي الإبداعي من الانزلاق إلى دوامات التفاهة والركاكة!

محمد المحسن
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن المشهد الثقافي التونسي موغل في الإسفاف والرداءة بإستثناء بعض الأقلام الجادة التي تنحت دربها الإبداعي على الصخر بالأظافر..!
ومن هنا،فمعركة درء التخلف،أفضل بكثير من خوض معارك جانبية لا تعبر في جوهرها عن الاختلاف الأدبي،ولا عما يضطرم به باطن المشهد الأدبي الابداعي من تناقضات،هي بالأساس ظاهرة صحية في عالم ممزق النفس والجسم..
في هذا السياق أيضا،أشير إلى أن عبر مسيرتي الإبداعية في عالم الكتابة التي تناهز نصف قرن، طالما تجنبت الخوض في بعض” الترهات”على غرار ما أشار إليه بخصوص إحدى مقارباتي النقدية، “قلم مأجور”متخم برائحة النفط والدولار” من بلد شقيق،في محاولة يائسة،وبائسة لجري إلى مستنقع الرداءة الذي تمرس على غسل “أدرانه الكتابية” فيه..!
قلت أتجنب،هكذا” معارك جانبية” ليس بالمعنى الأكاديمي،بل بالمفهوم الذي دأب على تكريسه -حفاة الأقلام والضمير-،وهذا ليس جبنا مني،أو خوفا،بل نأيا عن نقاشات بيزنطيّة وعن النّزول إلى مستوى في النّقاش لا أرضاه لنفسي بتاتا خاصّة أنّ الصّحّة لم تعد تتحمّل المزيد من الضّغط والتّوتّر..
والسؤال : هل شحت ينابيع الابداع في ربوعنا وكلت أقلامنا وعجزت بالتالي على الخلق والابتكار وأصبح الواحد منا «ينهش لحم أخيه» و«يشكك» دون خجل أو وجل،في ابداعه وعصارة قريحته وكل ما «بناه» ابداعيا» بحبر الروح ودم القصيدة؟..
تونسيا،ما فتئ المشهد الإبداعي يتغلب فيه الفتق على الرتق بعد أن غص حد التخمة بأقلام تتجسس بإلكاد دربها الى الابداع وتلهث متعَبَة خلف «الأضواء»..!
ولا عجب في ذلك طالما أن الواحد منا بامكانه أن يتحول بقدرة قادر الى شاعر فذ تشد له الرحال، بمجرد قصيدة يكتبها وهو يتثاءب وتتلاقفها لاحقا «أقلام» النقاد لتصنفها ضمن «الابداع العجيب»..!
قلت هذا،وأنا أقرأ ما تكتبه بعض الصحف حول «اللهث المحموم خلف النجومية الزائفة » ببلادنا،ولكأن هذه الظاهرة المرَضية استفحل داؤها وغدونا عاجزين على استئصالها وأمست بالتالي مرضا عضالا لا فكاك منه..!
على أية حال،كان بامكان-كتابنا
الأفذاذ-شحذ-أقلامهم في سبيل تكريس إبداع خلاق تخاض به كبقية الأمم معركة الوجود والنهضة من الركود والترجرج،والتأسيس لحركة أدبية إبداعية تأخذ على عاتقها مسؤولية البناء والتشييد في المدى المنظور،بدل رمي الورود جزافا،على هذا-القلم-أو ذاك..أو أيضا ” رجم ” هذا المبدع أو ذاك-بحجارة التشكيك في إبداعه والسعي لتثبيط إرادته،وعرقلة مساره الإبداعي لغاية في نفس يعقوب..!
قلت هذا،وأنا أتحسر على ما تشهده ساحتنا الثقافية بين الحين والآخر من اتهامات متبادلة بين بعض المبدعين،لا طائل من ورائها سواء تغليب الفتق على الرتق،والنقل على العقل..
وأقول هذا،حرصا مني على نقاوة مشهدنا الابداعي من كل الشوائب وسعيا حثيثا للارتقاء بمستوى وعينا الأدبي لأعرض شريحة قارئة،الأمر الذي يحتم علينا جميعا إيلاء هذا المشهد ما يستحق من ابداع واعد من شأنه ترك بصمات واضحة على حركة الابداع الفني برمتها،بمنأى عن التراشق بالاتهامات الزائفة.