إلاء السعودي: الكارثة تتكرر: كيف يتم تكرار التهجير الفلسطيني بدعم دولي

إلاء السعودي: الكارثة تتكرر: كيف يتم تكرار التهجير الفلسطيني بدعم دولي

 

 

الاء السعودي

اسرائيل تمهد لتهجير قسري شامل، والعرب شركاء في الجريمة بصمتهم المريب! وإن أمعنا النظر فيما يجري في غزة، لوجدنا أن المسألة تتجاوز بكثير مجرد “حرب”!! وهي بالطبع ليست كذلك!! ليت الأمر يقف عند مفهوم “حرب” فقط!!  بل يمتد إلى تنفيذ دقيق وممنهج لمشروع “اقتلاع كامل لشعب من أرضه”!! وان امعنا اكثر سنجد ان التجويع والترهيب ليسا أدوات طارئة ولا ردود فعل عشوائية، بل ركيزتان أساسيتان في خطة مرسومة بإحكام، الهدف من خلالها صناعة “الخلاص” على هيئة هروب!! حين يتم دفع الناس للاعتقاد أن النجاة الوحيدة تكمن في “الرحيل”، يتحول التهجير القسري إلى قرار يبدو “طوعيا” في ظاهره، لكنه في الحقيقة ولادة جديدة للنفي والإبادة تحت نار القصف ووجع العجز ومرارة التواطؤ!!
هذا غير ان مفاهيم كـ”لتجويع النظامي”، و”الاحتماء بالسلاح”، و”إغلاق المعابر”،  جميعها اصبحت بارزة في الاونة الأخيرة لان كلها جزء من استراتيجية مدروسة لإخضاع السكان حتى يصبح “الخروج” خيارهم الوحيد للاستنجاد والاستبقاء!! والدليل هو الوساطة “الأميركية الإسرائيلية” نحو “خطط إعادة توطين بادعاء الطوعية”!! فقد طلب رئيس الموساد “ديفيد بارنياع” من واشنطن دعمها لإقناع دول مثل إثيوبيا، إندونيسيا وليبيا باستقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين، بالرغم من التأكيد على طابعها “الطوعي”، فإن خبراء قانونيين أمريكيين وإسرائيليين وصفوها بأنها “جريمة حرب محتملة”!! وفيما تصمت العواصم العربية أو تكتفي ببيانات خجولة، تواصل واشنطن تزويد تل أبيب بالقنابل والغطاء السياسي الكامل!! أمريكا برأيي لم تكن يوما وسيطا نزيها!!  بل اهي لراعي الرسمي لكل ما هو دموي واستعماري في هذه البقعة من العالم!! حيث نرى كيف تستخدم الفيتو في مجلس الأمن لدرء أي قرار يدين الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين!! ان الخذلان ليس بالأمر الجديد!! فالأنظمة العربية في الاونة الأخيرة خاصة العقد الأخير في ظل ازمات الربيع العربي وما تبعها من أزمات وتحديات، لطالما كانت أكثر انشغالا بحماية عروشها من الانتصار لكرامة الشعوب!! أما الآن، فقد تحوّل الصمت العربي إلى تواطؤ، وتحولت معاناة الفلسطينيين إلى ورقة يتم التلاعب بها بها في صفقات إقليمية ملوثة!! وهكذا، يتم تصوير التهجير القسري وكأنه “خيار إنساني”، ويصبح الخروج من الوطن قرارا “طوعيا” في مواجهة المجاعة، والانهيار، ونيران لا تهدأ ولا تنضب!!! بينما تتقدس الحدود العربية ضد النازحين، وتتسابق بعض الدول على التطبيع مع القاتل!! هذا المشروع الذي تتلهف إسرائيل لتنفيذه وتتسابق أمريكا على تمويله وتجري بلاد العرق والدم الواحد على دعمه وتطبيعه، لا يتم طرحه كجريمة ضد الإنسانية!! بل يغلف بخطاب إنساني زائف يروج له باعتباره “حلا مؤقتا” أو “مخرجا إنقاذيا”، بينما هو في جوهره إعادة إنتاج لنكبة جديدة بأساليب أكثر سطوة وتنظيما!! والنتيجة الواضحة أن الشعب الفلسطيني خاصة في غزة، هو من يدفع وحده ثمن هذا التواطؤ المركب، إذ يترك في مواجهة الموت البطيء، بين مطرقة القصف وسندان الحصار، دون حماية دولية حقيقية، ودون موقف عربي ينقذه أو حتى ينصفه!!
ومن هنا اقول للعالم كله: غزة ايها الاوغاد ليست أرضا تفتش عن ملاذ!! بل جذر ابدي مغروس في قلب الزمان!! عصي على الاقتلاع!! في زمن تتساقط فيه المواقف كأوراق الخريف!! وتشترى فيه الكرامات في أسواق التطبيع الرخيص!! وتتحول فيه العواصم إلى أختام على صكوك الخيانة!! تبقى غزة النصل في حلق المشروع الصهيوني، والراية التي لا تنكسها القنابل ولا تهزها رياح الخذلان!! في غزة ايها العالم الرخيص، حتى الحجارة تأبى الرحيل!! ومن بين الأنقاض، يخرج الأطفال والأهالي ليكتبوا أسماءهم على الجدران!! لا على قوائم التهجير!! والرضع يولدون ممزوج في دمعهم قسم: “لن نغادر!! وإن زينوا لنا التهجير باسم “الخلاص”!! فإن خلاصنا هو أن نبقى!! أن ندفن تحت ظلال الزيتون، لا أن نحيا غرباء في منافي التيه”!!