إشادة بعدم تسامح الشرع مع إسرائيل.. كيف اعترف أردوغان بعدم قدرة شرطة وجيش الجولاني على دخول السويداء؟ ما هي مصداقية فرضية إيقاع الشرع في فخ غزو الكويت؟ والشائعات تكتسح سورية مع تداول أنباء عن انقلاب وتحذيرات!

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
دخل السوريون أو بعضهم في نفق التساؤل العريض عن مُستقبل بلادهم سورية الجديدة، حيث أحداث السويداء الدموية حجبت عن أعينهم، أو عيّنة بارزة منهم، الإنجازات التي تعد بها حكومة حكام دمشق الجدد، بينما الاتهامات موجهة للجيش الجديد، بأنه كان مسؤولًا عن المذابح، وما وقع من تجاوزات بحق الدروز أو العكس بحق العشائر، وسط تبادل التحريض الطائفي المقيت، ومقاطع فيديو عديدة أظهرت ممارسات طائفية، قتلت الدروز على هويتهم، وشواربهم فقط!
هذا المشهد غير المُتفائل، المرصود على شاشات التفلزة، ومواقع التواصل، وما يأتي من الداخل السوري، لم يمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من الإشادة بموقف الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وما وصفه بعدم تهاونه في المواجهة مع إسرائيل، وقال إن الشرع اتخذ خطوة “إيجابية للغاية” بتوصّله إلى تفاهم مع الدروز.
هذا التفاهم مع الدروز، يرى بعض السوريين أنه جاء بقوة النار الإسرائيلية، التي استهدفت مقر وزارة دفاع الشرع، وأجبرته على الانسحاب، ثم أجبرته على الانتشار بعد معركة دموية بين العشائر، والدروز، وفق بنود اتفاق، سيُجبر قوات الشرع على الانسحاب من السويداء، وبالتالي حصول الأخيرة (الدروز) على حكم ذاتي بشكل أو بآخر، فالشرع حتى قوافل المساعدات لم يستطع إدخالها إلا بإذن من القادة الدروز، وعلى رأسهم حكمت الهجري.
ذاته أردوغان أقر بأن حكومة الشرع بسطت سيطرتها “إلى حد ما” على السويداء، وجنوب البلاد، هذا جنوب البلاد ذاته الذي أعلنت إسرائيل بأنه سيبقى منزوع السلاح، كما أقر أردوغان بنفسه بالقول إن هناك مشكلة في السماح لقوات الجيش والشرطة بدخول مدينة السويداء، حالياً، وأن هناك توافق تام بين اثنين من الفصائل الدرزية الثلاثة، بينما يعمل الجناح الثالث مع الجانب الإسرائيلي.
وضمن تساؤلات مطروحة، طرح صحفيون سوريون مُقاربات ومُقارنات، بين الفخ الذي أوقعت به الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، حينما استفزّته للدخول إلى الكويت، ثم أسقطت نظامه لاحقًا، وهو الأمر الذي وقع مع الشرع، حينما تخيّل أنه يستطيع (مع فارق أنها أراضي سورية) دخول السويداء، والسيطرة عليها ضمن سورية المركزية، فوجد نفسه عالقًا في اقتتال طائفي، قد يكون تورّطت فيه قوّاته بمذابح دموية.
وما قد يدفع لهذا الافتراض القائم برغبة توريط الشرع، قال المبعوث الأميركي توم باراك، الإثنين، إنه يجب محاسبة الحكومة السورية، وذلك على خلفية الاشتباكات التي وقعت في محافظة السويداء.
وفي مؤتمر صحفي من بيروت صرّح باراك: “نتفاعل مع تطورات السويداء بقلق وألم وتعاطف ومساعدة”، مضيفًا أنه “يجب محاسبة الحكومة السورية”.
وفي تصريحات سبقت هذه التصريحات، وعلى حسابه في منصة (إكس)، قال باراك إن المجتمع الدولي، الذي راقب بتفاؤل حذر سعيها للانتقال من إرث من الألم إلى مستقبل مُشرق، ساند الحكومة السورية الناشئة إلى حدٍ كبير.
وتابع باراك: إلا أن هذا الطموح الهش تطغى عليه الآن صدمة عميقة، إذ تُقوّض الأعمال الوحشية التي ترتكبها الفصائل المتحاربة على الأرض سلطة الحكومة وتُزعزع أي مظهرٍ من مظاهر النظام”.
وختم منشوره مشددًا على أن “سوريا تقف عند منعطفٍ حاسم.. يجب أن يسود السلام والحوار.. وأن يسودا الآن”.
وقال مسلحون من عشائر البدو في جنوب سوريا من جهتهم لـ”بي بي سي” إنهم سيلتزمون بوقف إطلاق النار مع الدروز هناك، لكنهم لم يستبعدوا استئناف الاشتباكات.
وإلى جانب توريط نظام الشرع بأكمله في فخ المجازر الدموية، لا يبدو أن حياة الشرع ذاتها في مأمن، فصحيفة “يديعوت أحرونوت”، قالت إن الشرع تعرّض لثلاث عمليات اغتيال خلال 7 أشهر عقب تولّيه رئاسة السلطة الانتقالية في سوريا، دبّرها على الأرجح تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وأن تركيا لعبت دورًا كبيرًا في إنقاذه.
ومع أحداث السويداء، تعرّضت حكومة دمشق لوابل من الأنباء والشائعات، التي اختلط فيها الحابل بالنابل، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى هشاشة الجبهة الداخلية السورية بنظامها الجديد، أبرزها شائعة إغلاق مطار دمشق، وهو ما دعا معاون رئيس الهيئة العامة للطيران المدني أمجد نخّال، اليوم الإثنين، إلى نفي صحّة الأنباء التي تم تداولها حول إغلاق مطار دمشق الدولي، داعياً وسائل الإعلام إلى توخّي الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.
وقال نخّال إنّ المطار يعمل بشكل طبيعي كالمعتاد، حيث تُنفّذ الرحلات المجدولة دون أي إلغاء أو تعديل أو تأجيل، وأنّ حركة المسافرين القادمين والمغادرين تسير بشكل اعتيادي، وفق وكالة سانا.
شائعة أخرى تحدّثت عن انقلاب مُفترض جرى ضد الشرع، الأمر الذي دفع بمواقع إخبارية إلى توثيق بالصوت والصورة محيط القصر الرئاسي، وساحة الأمويين، حيث وصلت الشائعات الليلة الماضية إلى الحديث عن انقلاب عسكري، تبيّن عدم صحّته، أو فشله.
وفي السياق ذاته، حذّر وزير الإعلام السوري الانتقالي، الدكتور حمزة مصطفى، من تصاعد خطير في وتيرة حملات التضليل الممنهج التي تستهدف السوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي، داعيًا المواطنين إلى توخّي الحذر والاعتماد فقط على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة والموثوقة، في ظل انتشار غير مسبوق للأكاذيب والفبركات الرقمية.
وأشار الوزير إلى أن الإحصائيات الأولية تكشف عن وجود ما يقارب 300 ألف حساب فاعل يعمل على بث محتوى مضلل يستهدف الدولة السورية، ويتوزع نشاط هذه الحسابات على أربع دول رئيسية لم يُسمها، لكنها معروفة بعدائها العلني لسوريا.