أمين مصطفى: لبنان على موعد مع خريف مشتعل بين “تقييد الأسلحة” و”الضمانات”!

أمين مصطفى: لبنان على موعد مع خريف مشتعل بين “تقييد الأسلحة” و”الضمانات”!

 

 

امين مصطفى

التسريبات التي تناقلت مضمونها جهات سياسية وإعلامية عدة، في لبنان، بشأن الرد الأمريكي على الرد اللبناني، بخصوص تثبيت وقف إطلاق النار ، بين لبنان وكيان الاحتلال الصهيوني، والذي سيحمله المندوب الأمريكي، توماس باراك، في جولته الثالثة إلى بيروت، لم تكن صدفة ، أو من باب الخطأ، إنما كانت مقصودة، وغايتها قراءة صدى هذه التسريبات على المستويات كافة، لتفادي أي ثغرة ، أو تجنب ردود غير متوقعة .
التسريبات – وهنا جوهر الكلام – تركز على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، أي تسليم المقاومة سلاحها الثقيل والمتوسط الذي يمكن أن يشكل خطراً على “اسرائيل”، أو يواجهها ميدانياً، للجيش اللبناني، وهذا مطلب أساسي للاحتلال .
ترافق ذلك مع موجة من التهديدات من قِبَل باراك، عبر تصريحات ومواقف عدة ، منها : أنه إذا لم يتم تسليم السلاح بالحوار ، فسيتم نزعه بالقوة ، وإذا لم يرضخ لبنان لشروطنا يمكن أن يتم إلحاقه بدولة أخرى ” والمقصود هنا ضمه إلى سوريا “.
 أما بقية فقرات التسريبات لم تحمل سوى النفاق والتسويف واللعب على اللغة دون إبداء أي مرونة عملية لتوفير حلول منطقية .
الحكومة اللبنانية وعلى لسان رئيسها، نواف سلام، أوضح أن ورقة باراك تتضمن أفكاراً لترتيب تنفيذ وقف إطلاق النار، لكنه لم يشرح ماهية هذه الأفكار ، ولا طريقة طرحها للتنفيذ ، لكنه لمَس الخط الساخن فيها المتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة ، “عندما تنضج الأفكار”.
لم نلحظ كلاماً عن إلزام كيان الاحتلال بوقف الاعتداءات والاغتيالات اليومية، وتدمير المنازل ، والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب وعودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية.
كذلك فإن المندوب الأمريكي – وهو من أصول لبنانية – لم يتجاوب مع مطلب الضمانات ، بخاصة أن الجميع يعرف بأن كيان الاحتلال لا يحترم عقوداً ولا اتفاقات .
لذا أعرب رئيس الحكومة اللبنانية  عن خشيته من التصعيد، وعودة الحرب !!
أما المقاومة اللبنانية، ووفقاً لما خبرته من ألاعيب الاحتلال وحاميه وراعيه وداعمه، يدرك أن تسليم السلاح غير وارد، وأن القوة وحدها هي التي تحمي لبنان وتذود عن حدوده ، وهي تضع أولويات تسبق مطلب السلاح ، وهي : الانسحاب الكامل من كل شبر محتل، وقف الاعتداءات، تطبيق القرار الدولي ١٧٠١، إعادة الإعمار، وقف الحصار والسماح بوصول المساعدات .
 توماس باراك ضيف لبنان من جديد ، يدرك تماماً هذه الحقائق، وإذا كان فعلاً حريصاً على تسجيل اختراق ، عليه أن يضغط على كيان الاحتلال وليس على لبنان.
فحصر الصيغ المطروحة لمعالجة العقد المستعصية بما يخدم اسرائيل ،وفقط إسرائيل، لن يؤدي إلا إلى الخريف الملتهب ، وهو الموعد النهائي الذي تم تحديده لوقت الصبر على الإجابات الحاسمة .
من وقع هذه السيناريوهات المطروحة، حدد حزب الله موقفه،على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم ،وهو رفض أفكار وطروحات المندوب الأمريكي سلفاً، لأنه رأى فيها استسلاماً لا حلاً ، فالسلاح هو الضمانة مع الذين لا ضمانة لهم ولا عهد.
ولحظ الحزب ، وطبقاً للظروف والوقائع المأساوية التي تعيشها المنطقة ، وتحديداً في غزة وسوريا ، تأكيده أن الوضع في منتهى الخطورة، والشرق الأوسط كله يعيش فوق براميل من بارود ، ونصيب لبنان منه ، مخاطر على ثلاثة محاور : الحدود الجنوبية، والأدوات ” الداعشية” على الحدود الشرقية، والطغيان الأمريكي الذي يحاول أن يتحكم بلبنان، ويمارس الوصاية عليه .
بعد إزالة هذه الأخطار – حسب رأي الحزب- يمكن مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، لذلك فهو طلب من الدولة وكل الأطياف اللبنانية ،الصبر على السلاح في مقابل الخطر الكبير ، داعياً إلى  عدم إعطاء خدمة مجانية للعدو ، وعلى الجميع الاتعاظ مما يجري في المنطقة والعالم ، لأن لبنان يعيش خطراً وجودياً.
الأنظار كلها مركزة في لبنان على محادثات باراك الجديدة ، والتي تتم على وقع المسيرات “الاسرائيلية” التي لا تفارق سماء بيروت والجنوب والبقاع ، مع ارتكابات يومية تجاوزت ٣٨٠٠ خرقاً، يطالب باراك بشطبها وكتابة نص اتفاق جديد !.
كاتب لبناني