آسيا العتروس: غزة تضم معسكرات تشبه النازية وليست مدينة إنسانية

اسيا العتروس
ما يقوم به كيان الاحتلال جنوب غزة من معاقل لتوطين أهالي غزة معسكرا جماعية على الطريقة النازية و ليس مدينة انسانية , و سيتعين على حلفاء هذا الكيان و من يمنحونه الحصانة نزع تلك العصابة السوداء عن اعينهم و قبل ذلك تحرير عقولهم من هيمنة قيود الصهيونية البغيضة و الاقرار بهذه الحقيقة التي لا يمكن الاختلال بشأنها ..
منذ أكثر من سبعين عاما و اسرائيل تخضع العالم و معه الانظمة و الحكومات العربية لاختبارات مصيرية اكتشفت معها محدودية و فشل ردود الفعل على جرائمها و فظاعاتها المستمرة, و كانت في كل مرة تتقدم أكثر وتضاعف درجة الانتهاكات مستفيدة من غياب الارادة الدولية و انهيار منظومة العدالة الدولية غير القابلة للتنفيذ عندما يتعلق الامر بجرائم الاحتلال ..ولاشك أن ما يراه كل العالم من جرائم ابادة في غزة ما يؤكد سياسة الاحتلال التي تختزل عقلية كل سارق يبدأ بسرقة القليل من جيوب الناس و ممتلكاتهم و عندما يجد أنه غير ملاحق و لا يحاسب ولا يسائل على ما يقترفه يتمدد كل يوم أكثرو تكبر أطماعه بابتلاع المزيد فيسعى للحصول على كل شيء بكل الاساليب و الذرائع الممكنة .. بالامس نقل الاحتلال صلاحيات الاشراف على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة من بلدية الخليل الفلسطينية إلى المستوطنين و هو ما يعزز القناعة بأن هذا الكيان خاضع لادارة عصابات مارقة و قطعان من المستوطنين المتوحشين القادمين من شتى أنحاء العالم .. و الاكيد أن مجزرة الابراهيمي التي نفذها المستوطن الارهابي باروخ غولدشتاين عندما افرغ رشاشه في اجساد المصلين في الحرب قبل ثلاثين عاما ماثلة في الذاكرة ة لا تسقط بالتقادم ..صحيفة يسرائيل هيوم العبرية نقلت البشرى للمستوطنين وهو ما يعني بكل بساطة أنه سيتعين توقع المزيد لان استهداف المقدسات لن يتوقف عند الحرم الابراهيمي وهوأيضا اختبار اضافي قبل أن تمنح حكومة مجرم الحرب ناتنياهو الضوء الاخضر لمستوطنيها لاطلاق حملة مسعورة على الاقصى ..و قناعتنا أن الحكومة الفاشية لهذا الكيان فهمت مبكرا أن عالما لا يتحرك لانقاذ البشر وانهاء جرائم الابادة و حرق الاحياء و تناثر الاشلاء لا يمكن أن يتحرك لانقاذ الحجر و انقاذ الحرم الابراهيمي أو المسجد الاقصى أو كنيسة المهد ..ليس في قاموس الاحتلال معنى للقانون الدولي و القانون الدولي الانساني فهو يعتقد أنه فوق الجميع بفضل ما يحظى به من دعم و حصانة من حلفاءه في الغرب ..
لن نقول للاقصى و للحرم الابراهيمي رب يحميه و لكن سنقول أن الطغيان تجاوز المدى وأن منع مزيد المجازر في حق الفلسطينيين لا يتحقق بالدعاء على المواقع الاجتماعية و بالتحركات الاحتجاجية و المظاهرات و هي على أهميتها خاصة في العواصم و المدن الداعمة للاحتلال فانها لا تمثل عنصر ضغط على الانظمة و الحكومات لفرض عقوبات على هذا الكيان الارعن و قد رأينا كيف فشلت دول الاتحاد الاوروبي هذا الاسبوع في الاتفاق في التوصل الى قرار بفرض عقوبات على حكومة يقودها مجرم حرب ملاحق من الجنائية الدولية يستهزأ بقيم و مبادئ الغرب ..
ولاشك أنه برغم السجل الاجرامي الثقيل لكيان الاحتلال فانه لا يتراجع و لا يتوانى على اقتراف المزيد في سلم جرائم الحرب التي بلغت اليوم حد الاعلان عن اقامة معسكرات اعتقال جماعية شبيهة بمعسكرات النازيين في غزة تحت غطاء الفضاء الانساني أوالمدينة الانسانية تمهيدا لتهجيرهم خارج غزة ..المعسكر الذي يجوز القول أنه استنساخ لغيتوهات النازيين لابادة اليهود سيكون جنوب القطاع و سيجمع نحو ست مائة ألف نازح فلسطيني تديرها منظمات انسانية بدورها لا نخالها تختلف عن منظمات توزيع المساعدات الغذائية التي تقصف الجائعين ..وقد وصفت منظمة الاونروا المشروع بانه معسكر اعتقال ..طبعا لا شيء سيمنع هذا الكيان من تنفيذ خطته طالما استمر التصدي لهذا الاجرام بالبيانات التافهة و انصاف المواقف التي لا تضر الاحتلال في شيئ..و أنا بصدد هذا المقال قرأت خبر اغتيال طفلة الشاطئ هدى غالية الناجية الوحيدة من عملية قصف قتل خلاله الاحتلال جميع افراد عائلتها قبل تسعة عشرة عاما ..كان عمر هدى غالية انذاك سبع سنوات وكانت الطفلة هدى غالية تلاحق الاحتلال على جريمته أمام العدالة الدولية التي لم تعجل بانصافها في حياتها فهل يمكن ان تنصفها في مماتها ؟
صحفية و كاتبة تونسية