كيف ضغطت إسرائيل على الشرع لسحب قواته من السويداء وما سبب استخدامه لعبارة “لسنا من يخشى الحرب”؟ هل يستفيد الدروز من تل أبيب على حساب إخوانهم وما علاقة “الشماتة” بقصف دمشق؟ علم سورية: هل يمثل “تمزق واحترق” نذيراً شؤمًا؟

كيف ضغطت إسرائيل على الشرع لسحب قواته من السويداء وما سبب استخدامه لعبارة “لسنا من يخشى الحرب”؟ هل يستفيد الدروز من تل أبيب على حساب إخوانهم وما علاقة “الشماتة” بقصف دمشق؟ علم سورية: هل يمثل “تمزق واحترق” نذيراً شؤمًا؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

أقرّ الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بطريقةٍ أو بأُخرى بأنه رضخ للمطالب الإسرائيلية التي تقول إنه عليه سحب جميع قواته “المسلحة” التابعة له من السويداء، وإلّا فإنه سيكون أمام “إسقاط” نظامه الجديد، حيث رسائل بالنار وصلته من تل أبيب، حين جرى قصف مقر وزارة الدفاع السورية، ومحيط القصر الرئاسي، في مشهد غير مسبوق هز هيبة الدولة السورية الجديدة التي لم يمر على وجودها سوى سبعة أشهر منذ سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

وأقرّ الشرع فعليًّا بهذا، حين قال: “قرّرنا تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل لاستعادة الأمن، وأهلنا من الدروز جزء أساسي من نسيج الوطن وحمايتهم أولوية لدينا”، أي أن الدروز باتوا اليوم معنيين بحماية أنفسهم في ظل عجز الدولة الجديدة عن التواجد هناك، أو عدم قدرة الشرع على ضبط أفعالها، ما أنتج مشهد القتل، والانتهاكات، كما حصل تمامًا في الساحل السوري.

ولا يستطيع الشرع خوض الحرب مع إسرائيل بطبيعة الحال، فقال: “”كنا بين خيار الحرب مع إسرائيل أو فسح المجال لشيوخ الدروز للاتفاق فاخترنا حماية الوطن”.

ومن غير المعلوم إذا كانت سورية الجديدة تمتلك مقدرات عسكرية بعد تدمير مقدرات الجيش العربي السوري لتخوض الحرب، فالرئيس الانتقالي أكد قائلًا:  “لسنا من يخشى الحرب لكننا قدّمنا مصلحة الشعب على الفوضى وكان خيارنا الأمثل حماية وحدة الوطن، وقد تدخلت الدولة السورية بكل مؤسساتها لوقف ما جرى في السويداء من اقتتال داخلي ونجحت في ضبط الأمن”.

وتجنّب الشرع طويلًا توجيه انتقادات علنية لإسرائيل، ولكن الأخيرة أجبرته فيما يبدو بعد قصف هيئة أركانه الجيش الجديد، للقول إن “هذا الكيان لا يكف عن استخدام كل الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلًا عن حقيقة أن السوريين بتاريخهم الطويل رفضوا كل انفصال وتقسيم”.

وأضاف: “نحن أبناء هذه الأرض والأقدر على تجاوز كل محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا… نحن أبناء سوريا ونعرف جيّدًا من يحاول جرنا إلى الحرب ومن يسعى إلى تقسيمنا”.

وكرّر الشرع مسألة حرصه على مُحاسبة من تجاوز وأساء للسوريين كما فعل مع مذبحة العلويين، حيث أكد الرئيس الانتقالي على محاسبة “من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء”.

وحرّض وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، مساء الأربعاء، على اغتيال الشرع، وهذه الدعوة هي الثانية من وزير إسرائيلي خلال 24 ساعة.

وكان وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي دعا أيضًا، أمس الأول الاثنين، إلى اغتيال الشرع، وأنه إرهابي وقاتل وحشي.

ورفض السوريون حالة الاستقواء بإسرائيل من السوريين ضد السوريين، لكن ذكّر آخرون بأنّ التجاوزات والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الشرع في السويداء، خلقت الذريعة للتدخّل الإسرائيلي، وسط حالة تعاطف شعبية سورية مع مشائخ ورجال الطائفة الدرزية، الذين تعرّضوا لحلق الشوارب، والمهانة العلنية، هذا عدا عن القتل، وسبي النساء، وغيرها من مشاهد دموية، حيث انتشرت الجثث في الشوارع، وتحوّلت السويداء إلى مدينة منكوبة، وكأن مر بها المغول.

وثار جدل آخر، حول جواز الشماتة بتعرّض دمشق للقصف الإسرائيلي، حيث تبقى دمشق أرض عربية، بغض النظر عن الحاكم فيها، فيما قال آخرون بأن هذه الشماتة بالنظام الجديد، هي نتاج ضعفه، وهوانه، وتقديمه التنازلات، وتركه لمُقدّرات الجيش العربي السوري وصولًا للقبول بالتطبيع، والتنازل عن الجولان، وحتى الجنوب السوري، وفي مُقابل ذلك ذكّر نشطاء محسوبون على محور المقاومة، شمانة أنصار النظام الجديد في سورية، بالقصف الإسرائيلي الذي طال إيران، ولبنان، وحتى سورية في عهد نظام الأسد.

وعلى هامش القصف الإسرائيلي لوزارة دفاع الجهادي السابق الجولاني، تعرّض العلم السوري الجديد (الأخضر) المرفوع في ساحة الأمويين، للتمزّق واحتراق بعض أجزائه، في مشهد علق في أذهان أنصار وخصوم النظام السوري الجديد، وفي دلالة فأل مشؤوم على قرب سُقوط الدولة الجديدة، وهي التي كانت تحتفل قبل فترة قليلة بالهوية البصرية الجديدة، والعُقاب بنجماته الثلاث، وهو ذاته الذي حرص الشرع على لصقه على بدلته في الخطاب الذي ألقاه بعد أحداث السويداء، والقصف الإسرائيلي الذي طال العاصمة دمشق.

ومع التدخّل الإسرائيلي بشماعة حماية الدروز، طُرحت تساؤلات فيما إذا كانت تنوي تل أبيب التدخّل بريًّا، وهو خيار مطروح بسبب ضغط الأقلية الدرزية داخل إسرائيل على الحكومة في هذا الإطار حال تكرّر الاعتداء على دروز سورية، وللتغطية على الفشل الإسرائيلي في قطاع غزة، هذا عدا عن إطالة أمد محاكمات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتُهم الفساد.

وقال نتنياهو: وضعنا سياسة واضحة بشأن سوريا وهي أن المنطقة من الجولان إلى جبل الدروز تبقى منزوعة السلاح، وأضاف: نظام دمشق خرق خطين أحمرين وهما المنطقة منزوعة السلاح واستهداف الدروز.

بكُل حال ما حدث في السويداء، يمس كرامة وهبية الدولة الجديدة في سورية، فهي حينما دخلت السويداء عاث أمنها أو المُنفلت منه فيها كما يقول الدروز خرابًا، ونهبًا، وقتلًا، لا حماية لأهلها وأمنًا، وحينما خرجوا منها، أُجبروا على الخروج بقوة الضربات الإسرائيلية، دون إبقاء حتى رجل أمن واحد، وباهى نتنياهو بذلك قائلًا: تم التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء بالقوة لا بالطلبات ولا الالتماسات، فأين هُم بنو أمية، يسأل السوريون؟!