يونس فنيش: المغرب: الأسد لا يخاف من الضباع

يونس فنيش: المغرب: الأسد لا يخاف من الضباع

يونس فنيش

سواء في المغرب أو في إسبانيا المنطق يقول بأن القانون الذي يجب تطبيقه هو الفاصل في مسألة الهجرة السرية، ولكن لكل بلد إكراهاته، و وضعية المغرب الآن ليست كوضعية إسبانيا. فالمغرب يحمي إسبانيا و معها أوروبا برمتها من هجرة الأفارقة إليها إلى درجه أنه أصبح شبه أرض استقرار لأعداد مهولة من سكان إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يقصدون المغرب هربا من الحروب الأهلية أو من انعدام الأفق في بلدانهم.
ولكن المغرب لم يعد مجرد ممر ضروري نحو أوروبا بل أرض استقرار، لدرجة أن مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت تعج بمداخلات أفارقة يتناصحون و بوضوح بأن عليهم الزواج من المغربيات لفرض الأمر الواقع من جهة، و من أجل تغيير خريطة البنية الإجتماعية و ملامح النسل في المغرب، مستغلين ربما قابلية بعض المغربيات للزواج منهم نظرا لمشاكل شتى تتعلق بالفقر و أيضا بعزوف الشباب المغاربة عن الزواج لأسباب معروفة. ولكن الفقر لم يكن أبدا على مر التاريخ سببا من أسباب العزوف عن الزواج ولكنه الخوف ربما من قانون أسرة أضحى حسب ما هو متداول يجعل الرجل يفقد وضعيته كرئيس للأسرة، و هذا ما لا يقبله الشباب المغاربة عامة، على عكس الأفارقة الذين لديهم استراتيجية محكمة تهدف فقط للإنجاب من مغربيات و فقط، بدون أي اعتبار آخر.
بعد الحرب العالمية الثانية خاصة و الخراب الذي لحق بأوروبا التي كانت في حاجة إلى إعادة بناء ما تم تدميره، كانت هجرة اليد العاملة من الجنوب إلى أوروبا شيء مطلوب و مستحب، ولكن بعد استكمال عملية إعادة البناء في كل المجالات أصبحت أوروبا تقيد الهجرة إلى أراضيها رويدا رويدا، إلى أن أضحت ترحب فقط بالمغاربة من النخبة المتعلمة، بل لجأت إلى تشجيع هجرة الأدمغة لأنها اكتفت من اليد العاملة غير المؤهلة.
بعيدا عن الإكراهات العديدة التي تجعل الحكومة تتساهل مع هجرة الأفارقة إلى المغرب بطريقة غير شرعية، هل المغرب في حاجة إلى يد عاملة؟ لا. هل المغرب يعاني من فراغ في مناصب الشغل؟ لا. بل المغرب يعاني من البطالة. ولكن في الوقت الذي تجلب فيه أوروبا الادمغة المغربية النافعة و العالية الكفاءة، المغرب يستقبل أفارقة بأعداد مهولة بلا تكوين علمي، مما يجعل سؤال إفراغ المغرب من الكفاءة من جهة و ملئه بعدمها من جهة أخرى سؤالا مشروعا يستحق إلتفاتة و شرح من طرف الحكومة، خاصة و أن تنظيم كأس إفريقيا لكرة القدم في المغرب سيستقبل جمهورا عرمرما من الأفارقة الذين سيستغلون الفرصة لمضاعفة تواجدهم ببلدنا الحبيب لتنفيذ، ربما، خطتهم تلك الرامية إلى الاستيطان بطريقة محكمة و منظمة، و لقد تابعنا حوارا في شاطىء مغربي معد للاستجمام حيث يقول فيه أحدهم من الأفارقة لنظيره المجهز بكاميرا و ميكروفون خاص بالصحفيين عادة، بأن على الدولة المغربية أن تمنحهم مكانا محددا للاستقرار، و ذلك بكل وضوح تام كامل شامل…! فما هذا الورش؟
و في كل هذه الأجواء الصعبة ينزل خبر كالصاعقة مفاده أن مغاربة من الشباب أو المراهقين في إسبانيا قاموا باعتداء شنيع متوحش على مسن إسباني بدون رحمة و لا شفقة، تلاه خبر استهداف شباب اليمين المتطرف في إسبانيا مغاربة عزل بطريقة وحشية أيضا، حيث شاهدنا الهجوم على مغربي كان في سيارته -و هذا يعني أنه ليس من المتشردين و لا من المهاجرين السريين- في تصعيد عنصري خطير لا يبرره في كل الأحوال، و الله أعلم، كون إسبانيا تندد عبر بعض حكامها بما يفعله الكيان في غزة، و لا في كونها تدعو للاعتراف بفلسطين من طرف أوروبا و لقطع العلاقات ربما مع الكيان… فهل نسيت إسبانيا قضية سبتة و مليلية و الجزر…؟ طيب..
الوضعية إذا كالتالي: إسبانيا ترفض الهجرة غير النظامية إلى أراضيها بل تشهد تنامي فكر اليمين المتطرف الذي قد يصل إلى درجة العنصرية العمياء لا قدر الله. إسبانيا ترفض إذا هجرة الأفارقة إليها، و المغرب يواجه وحده مصيبة تعاظم هجرة الأفارقة إلى كافة مدنه، دون الحديث عن هجرة أعداد غفيرة من سكان الكيان إلى المغرب و التي قد تثير مشاكل عويصة أيضا خاصة و أن بعض التصريحات من حكام الكيان تنتشر في أوساط الرأي العام المغربي عبر مواقع التواصل الإجتماعي كالنار في الهشيم، و آخرها ذاك الذي يقول: ” لدينا أكثر من 500 ألف عقار في المغرب احصينا منها 60 ألف عقار بين بيوت و أراضي زراعية استرجعنا أقل من 10./. فقط”…!؟
فهل تزامن هجرة يهود الكيان مع تصاعد وثيرة هجرة الأفارقة يضعنا أمام سيناريو تمويل هجرة الأفارقة الذين لديهم خبرة في الحروب الأهلية من طرف يهود الكيان الذين قد يستغلون الأفارقة لتشكيل حرس خاص مدرب أو ملشيات أو “جيش” لاستعمار الأرض بالقوة و الله أعلم؟ خاصة و أن أفارقة كثر لا يبدو عليهم الخصاص أو الحاجة بالرغم من كونهم بلا عمل و لا مداخيل قارة معروفة لديهم، و لا يمكن أن يكون كل ما يجمعونه من أموال مصدره التسول في الطرقات نهارا و تحول بعضهم ليلا إلى قطاع طرق لسرقة ما بحوزة الناس و سلبهم أغراضهم و أمتعتهم بالقوة، دون الحديث طبعا على مصائب شتى بالصوت و الصورة في مواقع التواصل الإجتماعي، بل لقد وصل الأمر إلى درجة محاولة اختطاف امرأة مغربية شابة و طفلتها من طرف أحد الأفارقة…
الرأي أن يجب إجراء تحقيق دقيق و شامل في هذا الأمر بكل حزم قبل فوات الأوان مع مزيد من تحصين الجبهة الداخلية بالكفاءات الوطنية، لأن الأمر يتعلق بهجرة جماعية على شكل هجوم جماعي من جهتين، إلى درجة التخوف من أن يكون الهدف هو الإستقرار في أرض و استعمارها بطريقة أو بأخرى…
ولكن لا بد من الإشارة إلى أن كل ما يحدث من صعوبات تواجه البلد الحبيب، و دبلوماسيتة، و أجهزته، سببها حكومة الجزائر التي كانت هي الأولى التي حاولت بثر المغرب من صحرائه، و مازالت في محاولاتها اليائسة الحقودة تهدف لدفع المغرب لمزيد من الليونة تجاه الأخطار التي أضحت، بسبب حكومة الجزائر أصلا، تواجهه من كل صوب و من كل فج عميق… و لكن هيهات هيهات، لأن الأسد دئما مهلك الضباع مهما كثرت. المغرب بلد الأسود، و الأسود أسود، و الضباع ضباع مصيرها إما الإنصياع أو الفرار أو الهلاك.
كاتب مغربي