لماذا أشار أردوغان إلى حكم الأتراك لمكة واستعدادهم لاستخدام السلاح عند الحاجة؟ وما سبب بكاء زوجته بعد المواجهة مع الأكراد؟ هل ستسمح إسرائيل له بالحصول على طائرات إف-35؟ وهل يمكن أن تشن تركيا هجمات؟ وما هو مصير قمعه للمعارضة وسعيه للتقارب مع الدول العربية؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
قال الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان في خطابه الذي ألقاه بمناسبة تسليم حزب العمال الكردستاني سلاحه إن بلاده دخلت مرحلة تاريخية جديدة مع بدء ما وصفه بـ”نهاية آفة الإرهاب”، مؤكدًا أن “فجر تركيا العظيمة والقوية يبزغ اليوم”، بعد 41 عامًا من المواجهة مع تنظيم “حزب العمال الكردستاني” (بي كي كي)، الذي أشار إلى أنه بدأ بإلقاء سلاحه.
وسجّلت عقيلة الرئيس التركي، موقفًا مُتضامنًا مع “زوجها الرئيس” انهارت فيه أمينة بالبكاء واحتضنته، في مشهد أثار جدلًا في البلاد، حيث ينفتح أردوغان على الأكراد، فيما يصطدم مع المعارضة بعُنف، دفع الأخيرة للتهديد بانقلاب تظاهرات الشارع.
وركّز خطاب أردوغان على استعادة الوحدة الوطنية وتعزيز مفهوم “الأخوة التاريخية” بين الشعبين التركي والكردي.
ويبدو أن بكاء زوجة الرئيس التركي، ليس فقط تضامن شخصي منها مع خطابه، بل هو استشعار وتجربة شخصية، حيث تنحدر زوجته من عائلة تركية ذات أصول عربية تنتمي إلى مدينة سيرت في جنوب شرق تركيا، وهي من المدن التي تعرضت لعمليات مسلحة من قبل حزب العمال الكردستاني٬ طوال العقود الماضية.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب إعلان تنظيم “بي كا كا” عن بدء عملية تسليم الأسلحة وحرقها، وتفكيك بعض تشكيلاته.
وفي إشارة يبدو أنها تحمل دلالة سياسية مقصودة، ومتعمدة، كان لافتًا تعمّد تطرّق الرئيس أردوغان في خطابه إلى مكة، والمدينة، وعلاقتهم بالحكم التركي، حيث تقبع اليوم سورية الجديدة ضمن خارطة تحالفات أنقرة، وحتى التبعية لها بعد سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشارالأسد، وقال الرئيس التركي: “بعد مكة والمدينة، أصبحت سمرقند وبخارى والري ومرو وأصفهان وتبريز وهرات وديار بكر وقونية وبورصة وإسطنبول، وأنقرة، وغيرها الكثير، مراكز حضارة وعلم وفنً وحُكم للأتراك والمسلمين”.
ولفت أردوغان إلى أنه عندما تحالف الأتراك والأكراد والعرب معًا “نشرت رياح خيولهم النسمات الباردة من بحر الصين إلى البحر الأدرياتيكي”.
وأضاف أردوغان: “من صهيل خيولنا ساد السلام في المنطقة وصوت مقارعة سيفونا جلب السلام إلى هذه المنطقة. كنا نشهر سيوفنا عند الحاجة ونُقاتل جنبًا إلى جنب”.
وتُطرح تساؤلات حول المغزى من تذكير أردوغان لحُكم الأتراك مكة، والمدينة، وتذكيره العالم بسيوفه التي قارعت، ثم تشديده على وحدة العرب، والأكراد، والعرب، قائلاً :”إذا تعاضد الأتراك والأكراد والعرب فحينها التركي موجود والكردي موجود والعربي موجود”، وما إذا كانت تلك التصريحات للتأكيد على ضرورة الوحدة لمُقارعة الغرب، أو الصليبيين، أو إعادة أمجاد دولته العثمانية التي خسرت واندثرت بعد الحرب العالمية الأولى.
ومن غير المعلوم إذا كانت “إسرائيل” مشمولة بسيوف أردوغان لقتالها، لكنها (إسرائيل) أرسلت رسائل تهديد، وشددت على ضرورة منع الحكومة التركية من الحصول على طائرات إف-35 الأمريكية المتطورة، خشية استخدامها بشكل عدواني، بما في ذلك ضد إسرائيل”.
ونقلت صحيفة “معاريف” عن المسؤول قوله إنّ هناك “احتمال مواجهة عسكرية مع تركيا، وهو احتمال وصفه بأنه بعيد ولكنه متزايد”، وأن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لاستعادة إرث الإمبراطورية العثمانية، بما في ذلك استعادة السيطرة على القدس”.
وتنوي الإدارة الأمريكية عقد صفقة شاملة مع تركيا، تتضمن شراء سربين من طائرات إف-16 بلوك 70، وهو أحدث طراز من الطائرة المقاتلة الشهيرة، والمجهزة بأنظمة إلكترونيات طيران متقدمة، ورادار AESA جديد، وقدرة محسنة على التحمل جو-جو”، فهل يمكن لواشنطن تسليح من يُشكّل “خطرًا عدوانيًّا” على إسرائيل مُدلّلتها، والأقرب إلى قلبها؟
يبدو خطاب أردوغان مُعاديًا بكُل حال لإسرائيل، وجرائمها ضد شعب غزة الفلسطيني المُحاصر، ولكن تطبيق ذلك على أرض الواقع، يبدو بعيدًا عن الواقع، على الأقل حين يُبارك الرئيس التركي تطبيع سورية الجديدة، ويُواصل تصدير بضاعته إلى الكيان رغم النفي التركي الرسمي، فهل يفاجئ أردوغان الكيان فعلًا بسياسات عسكرية هجومية عدوانية على قاعدة “تمسكن حتى يتمكّن” كما تتخوّف إسرائيل نفسها، وتحذر من اندلاع مواجهة ليست قريبة، ولكن ستحدث، أم أن المسألة ليست إلا استعراضًا إعلاميًّا يخدم أردوغان” في حكم جمعه الإسلامي المُؤمن بعودة سلطنة العثمانيين، يتساءل مراقبون.