السلطات المغربية توضح ملابسات مأساة اعتصام “خزان الماء”.. و”حقوق الإنسان” تحذر من نشر محتوى صادم يسيء للكرامة الإنسانية.

الرباط ـ “رأي اليوم” ـ نبيل بكاني:
عبّر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب عن أسفه العميق إزاء الحادث المأساوي الذي شهده دوار أولاد عبو بإقليم بني ملال، عقب اعتصام خطير نفذه مواطن على قمة خزان مائي مرتفع، في واقعة أسفرت عن إصابات جسيمة في صفوف عناصر من الوقاية المدنية والدرك الملكي، إلى جانب المعتصم ذاته.
وفي بلاغ رسمي أصدره عقب الحادث، أكد المجلس أنه تابع هذه القضية عن كثب منذ بدايتها عبر لجنته الجهوية بجهة بني ملال–خنيفرة، والتي باشرت زيارات ميدانية متواصلة، وتواصلت مباشرة مع المعتصم المدعو “ب.ز”، كما نسّقت مع مختلف السلطات القضائية والإدارية بهدف التوصل إلى حل سلمي يُنهي الاعتصام دون خسائر.
وأشار البيان إلى أن المعتصم كان يطالب بإعادة فتح تحقيق قضائي في ظروف وفاة والده عام 2019، وقد أبدى، في مرحلة سابقة، تجاوبه مع المساعي الرسمية لإنهاء الاعتصام بعد تقديم مجموعة من الضمانات، إلا أنه عاد وقرر مواصلة احتجاجه، ما أدى لاحقًا إلى تطورات دراماتيكية استدعت تدخلاً ميدانيًا انتهى بإصابات في صفوف المتدخلين والمعتصم.
المجلس أعرب عن تقديره لتعاون السلطات المحلية مع مقترحات لجنة حقوق الإنسان، مشددًا في الوقت ذاته على خطورة ما تم تداوله من مقاطع فيديو صادمة توثق للحظات عنيفة ومؤلمة من الحادثة، تم بثها بشكل مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي دون مراعاة لأبسط المعايير الأخلاقية أو تحذير مسبق.
وأكد المجلس أن هذا النوع من المحتوى، حين يتم نشره بلا ضوابط مهنية أو إنسانية، لا يخدم المصلحة العامة بقدر ما يكرّس مشاهد العنف كجزء من المشهد الرقمي، وقد يُلحق أذى نفسيًا إضافيًا بالضحايا وأسرهم، بل وحتى بالمجتمع برمّته.
وإذ شدّد على أهمية التحلّي بالمسؤولية الأخلاقية في النشر، دعا المجلس إلى ترسيخ ثقافة رقمية قوامها احترام الكرامة الإنسانية، محذرًا من تحوّل أدوات التوثيق، في بعض السياقات، إلى وسيلة للتشهير أو التنكيل الرمزي بدل تسليط الضوء على الحقائق.
وختم المجلس بالتأكيد على استمرار متابعته للحالة الصحية للمصابين، ومواكبته للأسر المتضررة في هذا الظرف العصيب، في إطار التزامه بحماية الحقوق وتعزيز مبادئ الإنصاف والعدالة الإنسانية.
من جهتها، كشفت السلطات المحلية بإقليم بني ملال، يوم السبت، عن تفاصيل مأساوية تتعلق بإنهاء اعتصام غير مسبوق نفذه مواطن في منتصف الأربعينيات من عمره، بعد أن ظل لعدة أيام معتصمًا فوق خزان مياه شاهق بتراب جماعة أولاد يوسف.
ووفق ما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، فإن الحادث انتهى مساء الجمعة بمحاولة انتحار مروعة، بعدما ألقى الشخص بنفسه من أعلى الخزان، واضعًا حبلاً حول عنقه، ما استدعى نقله بشكل عاجل إلى المستشفى الجهوي ببني ملال، حيث وُضع تحت العناية المركزة في حالة حرجة.
السلطات أوضحت في بلاغها الرسمي أن المصالح المختصة بذلت جهودًا مكثفة منذ بداية الاعتصام، شملت محاولات حثيثة لإقناعه بالعدول عن احتجاجه، بمشاركة ممثلين عن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، وعدد من أقاربه ومعارفه، غير أنه رفض التجاوب مع مختلف المقترحات التي قُدمت له، بما فيها تعهّدات بفتح قنوات قانونية للنظر في مطالبه.
وأكدت الجهات المعنية أن هذا الشكل الاحتجاجي شكّل خطرًا حقيقيًا على حياة المعتصم وعلى سلامة محيط الخزان، مشيرة إلى أن جميع آليات الحوار والوساطة استُنفدت دون جدوى، رغم حرص المتدخلين على تفادي السيناريو الذي وقع في نهاية المطاف.
وتأتي هذه التطورات في سياق نقاش متصاعد داخل الأوساط الحقوقية والإعلامية المغربية حول تصاعد الأشكال الاحتجاجية القصوى، ومدى فعالية آليات الوساطة المجتمعية، ودور مؤسسات الدولة في الوقاية المبكرة من مثل هذه الحالات.