أمين مصطفى: الهجوم الشرس على الإعلام الحر هو وسام فخر.

امين مصطفى
يتعرض الإعلاميون الفلسطينيون، منذ حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة،إلى أبشع حملة قمع وإرهاب وقتل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، في محاولة يائسة لإسكات صوتهم، ومنعهم من إيصال الصورة والمعلومات الحقيقية للعالم، والتعتيم على المجازر الرهيبة التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، كي تبقى الرواية الصهيونية الكاذبة، هي السائدة في وسائل الإعلام الغربية.
وفي هذا السياق، وصلت حصيلة شهداء الإعلاميين الذين ارتقوا جراء ما يمكن ان نسميه( إبادة إعلامية)،إلى أكثر من ٢٧٠ شهيداً،إضافة إلى أفراد عائلاتهم، وجرح عدد آخر، وتدمير وإحراق منازلهم،واعتقال العشرات،وإغلاق ونسف المؤسسات الإعلامية، وتحطيم المعدات والاستديوهات، وسرقة الكاميرات أو تكسيرها، وقصف سيارات النقل الخارجي والفضائي.
آخر فصول هذه الحملة الحاقدة طالت الصديق والزميل عبدالباري عطوان،رئيس تحرير (رأي اليوم) الإلكترونية الصادرة في لندن، حيث عمد اللوبي الصهيوني عبر ضغوطه، إلى إغلاق موقعه على اليوتيوب الذي يطلّ بواسطته على المشاهدين الذين تجاوز عددهم المليونين، وذلك كل يوم جمعة، لإبداء رأيه بآخر المستجدات والتطورات السياسية في المنطقة والعالم، ومنع وسائل الإعلام العربية والأجنبية من استضافته في برامجها ،وتشديد الحصار السياسي والمادي وتضييق الخناق عليه، باعتباره صوتاً حراً، ومدافعاً عن قضية الشعب الفلسطيني العادلة، وداعماً بالكلمة للمقاومة ضد مشاريع الهيمنة والتفتيت والتجزئة.
غير أن عطوان وكما عهدناه، ماضٍ في التعبير عن قناعاته، باعتبار أن ما يواجهه من صعاب وتحديات، يمثل وسام شرف له، وهذا دليل على أصالة معدنه وصدق موقفه، وقد لاقى استهدافه أصداء شعبية وثقافية وإعلامية واسعة، متضامنة معه، ومستنكرة لما حصل، ما يعزز الالتفاف حوله ومتابعة كل ما يصدر عنه، سواء من خلال الحوارات المرئية أو المسموعة، أو المكتوبة عبر وسائل الإعلام الوطنية، أو من خلال صحيفته “رأي اليوم”.
ومن فصول هذه الحملة المسعورة أيضاً قيام الاحتلال باعتقال مدير مكتب الميادين في رام الله، واستمرار إغلاق وتهديد مكاتب “الجزيرة” في القدس، وملاحقة وتهديد عدد من الصحافيين، من خلال الاتصال الهاتفي، أو شاشات التلفزة، باعتبارهم (داعمين للإرهاب).
هذه الحملة لا تقل شراسة عن حرب الإبادة العسكرية التي تستهدف الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، والضفة الغربية والقدس المحتلتين، كما تستهدفه من خلال حرب التجويع والحصار وقطع الدواء والمياه النظيفة، وحرق الخيم، ومحاولة التهجير القسري.
كل ذلك يجري وسط صمت عربي وإسلامي ودولي رهيب، وعجز الأمم المتحدة ومؤسساتها والمنظمات الانسانية من التدخل لإنهاء هذه الحرب.
لهذه الأسباب مجتمعة وغيرها، ندرك مخاوف العدو وقلقه من دور الإعلام الحر، الذي يقوم برسالته في فضح ممارسات قوات الاحتلال وجرائمها للرأي العام العالمي.
ويتوقع المراقبون أن تستمر حملة ملاحقة وخنق الأصوات الإعلامية الحرة، وتصفية الرموز البارزة فيها ، واعتقال أعداد أخرى من الإعلاميين، والضغط عليهم لمنعهم من أداء دورهم وواجبهم المهني، ما يدعو المنظمات الحقوقية الدولية والنقابات الإعلامية والصحفية في العالم إلى التحرك سريعاً، ورفع الصوت عالياً للضغط على اللوبي الصهيوني لوقف هذه الجرائم.
فالإعلاميون الأحرار كما تضامنوا مع الشعب الفلسطيني وهو يتعرض للإبادة، وقاموا بالتمرد على قرارات إدارات مؤسساتهم الإعلامية المنحازة للعدو،مطالبون اليوم للتضامن مع الصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين وإسنادهم ودعمهم، وهذا أيضاً ما هو مطلوب من الدول المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، من خلال تقديم كل الدعم المادي والسياسي والمعنوي والإعلامي، لهؤلاء الإعلاميين لمتابعة انشطتهم وأعمالهم في الدفاع عن القضية المركزية.
إن صمت العالم أو تجاهله، لممارسات الكيان الصهيوني من قتل واعتقال وإرهاب للصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين هو بحد ذاته جريمة، وإسهام في تشجيع الاحتلال لتنفيذ مزيد من الجرائم ضد أحرار الكلمة الصادقة.
كاتب لبناني