يسين بوغازي: علاقة السينما بالثورة الجزائرية

يسين بوغازي
الثورة والسينما أو السينما والثورة، أو الإنتاج السينمائي والثورة الجزائرية، وهي كلها مصطلحات في اعتقادي من أصدق المصطلحات السينمائية أو شعارات السينما التي يمكن رفعها في بلد، ولعمري لهي الجزائر التي يليق بها هذا الشعار أو المصطلح.
فهو شعار صادق، سواء أكان في زمن جزائر الاستقلال ، وهو صادق ومستمر مع أزمنة الجزائر في سينما العقود المتتالية، وهو ما يزال شعارا صادقا في سينما الجزائر الجديدة، فإذا ما راجعنا نسبة أفلام الثورة ذات الصلة بالشعار عندنا فهي تتجاوز الثمانين في المئة من أفلامنا السينمائية سواء أكانت أفلاما ثورية خالصة الفكرة والأجواء، أم أفلاما فيها نثر الثورة أم أفلاما تحكي عن أمانة الثورة وصدقها، هذه النسبة تعتبر كبيرة جدا في سينما بلد عمرها يقارب السبعين سنة، فتكاد الجزائر تتخصص في سينما الثورة دون سواها
وفي التفاتة تاريخية سريعة، نرى أن العقدين الأولين في الستينات والسبعينات من تاريخ السينما الجزائرية كانت كلها أفلام ثورية خالصة وتصل إلى التسعين في المئة، وهاهي إلى اليوم في الجزائر الجديدة ما تزال تتصف كونها سينما تحتفي بالفيلم الثوري ككتلة فيلمية جعلت من سينمانا خاصة في الوطن العربي بل غدت ميزة التصقت لدى المختصين والسينمائيين
بالسينما الجزائرية ما تزال تهتم بسير الثائرين ويحضرنيّ هنا ذكر السلسلة الفيلمية ” الأفلام النوفمبرية ” المنتجة منذ سنوات في الجزائر عن الثوار النوفمبرين، وهي سلسلة من سينما أخرى هي امتدادا لفكرة الثورة والسينما أو السينما والثورة ، وهي سينما نادرة في العالم واستثنائية في العالم العربي فلا توجد سينما مشابهة لها،وسلسلة للحديث عن مصطلح الأفلام الثورية، وهي الأصدق في الحديث عن هذه الأفلام لأن توصيفها بالأفلام الثورية فيه تعويم لهذه السلسلة لأنها قائمة بذاتها من حيث خصائص الزمان والمكان والشخوص والأداء ، وكنت أول من قدم هذا المصطلح و أتمنى أن يعتمد للحديث عن هذه الأفلام لأنها حقيقة خاصة قليلا بنا.
ولطالما بدا ليّ شعار السينما والثورة هو نفسه السينما الجزائرية في معطاها الأكبر وفي ميراثها وتاريخها وأجمل أفلامها وأصدقها، وهي السينما التي استقطبت الأموال التي أعطيت للإنتاج السينمائي في الجزائر منذ مطالع الستينات إلى منتصف العقد الثاني من الألفية الجديدة ، السينما والثورة في الجزائر تبدو ليّ أمانة أكبر من كونها مجرد إنتاجات فيليمة ، و تبدو لي وصية للأجيال أكثر منها إشتغالات فنية ، وتبد ليّ مسؤولية أخلاقية بتوظيف هذه السينما أمام فداحة الفقد وحجم التضحية من أولئك النوفمبرين ، لذا فلاشتغال بها في الجزائر وإنتاجها آراه لن يتوقف ، وهو متجدد بحسب الأجيال و العقود ، وأجمل ما أرى أن نؤمن كجزائريين مهتمين بالسينما أن هذه الأفلام ليست لأحد ، و ليست لمهرجان ، و ليست للجوائز لكنها، سينما لنا كجزائريين ، فإن لم نعتني بتاريخنا من يفعل ذلك ، لأن غيرنا لن يفهموا تاريخنا، ولا حاضرنا ولا سينمانا على ما أعتقد.
سيناريست من الجزائر